تقاس كفاءة الأسواق المالية بمدى قدرتها النقدية، فضلاً عن السيولة المتدفقة التي تجعل من معدلات الدوران لأدواتها المالية نشطة وجاذبة للاستثمار، الذي يقيها من مخاطر السوق بسبب افتقار إحدى تلك الأدوات المالية لمنفذ أو أكثر من منافذ التسويق الخاصة بها. ولذلك نجد أن الأسواق المالية تقوم بعملية التسويق من منظور مختلف عن تسويق السلع أو الخدمات الأخرى، كون طبيعتها غير ملموسة ومعرضة للمخاطر أكثر من الأصول المادية الملموسة.
ولهذه الأسباب تحتاج عملية الترويج إلى جهد مضاعف يُبنى على عناصر من مكونات الأرقام الخاصة بالبيانات المالية، والتي يصعب فهمها للمستثمر العادي أو الأفراد الذين يشكلون السواد الأعظم في الأسواق المالية.
اقرأ أيضا: البورصات العربية ونظيراتها العالمية
وعبر الحقب المتلاحقة في عالم الاستثمار كانت التوجهات الاستثمارية تتركز خارج العالم العربي، نتيجة نقص في الشفافية أو عدم وجود ثقة في المنتج العربي المدرج في البورصات، وأيضاً بفعل تجارب ناجحة في البلدان الأخرى. وهذا ما عزز من حجم الاستثمارات العربية في الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة الأميركية، والتي حتى الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول العام 2001، كانت محط رحال المليارات الباحثة عن الربح السريع، والمترافق مع طفرات مختلفة في قطاعات حققت نجاحات هائلة، مثال قطاعي التكنولوجيا والاتصالات وغيرهما.
غداة ذلك، عاد قسم كبير من الأموال العربية إلى الدول التي لديها مقومات ودلائل تشير إلى توقعات نمو كبيرة، في ظل ارتفاع كبير لسعر برميل النفط، ما شكّل مكوناً أساسياً للصناديق السيادية الخليجية التي استغلت الفوائض المالية المحققة لتوظيفها في الاستثمار المحلي المتنوع.
وهكذا بدأت حقبة جديدة في عالم الاستثمار العربي، واكبته رغبة خليجية ومن بعض الدول العربية الأخرى في تعزيز الاستثمار الداخلي، ولو مع مخاوف من ارتدادات العمليات العسكرية التي انطلقت في العام 2003 من العراق تحديداً، على الأوضاع الاقتصادية والمالية، خصوصاً لغالبية الدول العربية، لا سيما منها المجاورة للعراق.
اقرأ أيضا: تكامل البورصات العربية
لكن، برغم ما تقدّم، أصبحت البورصات العربية محط الأنظار، خصوصاً مع اتساع نشاط العمليات التجارية في منطقة الخليج، وبعدما قامت شركات عدة بالاستفادة من المشاريع الجديدة أو المتجددة في العراق. وقد وُقعت عقود بمليارات الدولارات، كقطاع الخدمات اللوجستية، وقطاع الاتصالات وغيرها من القطاعات التي شهدت نشاطاً غير مسبوق في المنطقة.
وفي هذه الفترة انفتحت نوافذ استثمارية ذات أبعاد مختلفة، حيث راحت الشركات الأجنبية تتنافس في الدخول للمنطقة، التي أسهمت بعض التشريعات الصادرة في بعض الدول الخليجية والعربية في توجيه الاستثمارات نحو الأسهم والسندات، إذ يفترض وجود شراكة محلية للحصول على رخص تجارية في تلك الدول. وهذا ما أدى إلى اتخاذ قرار الاستثمار في الشركات المدرجة بعد دراسة الكلفة، والتي تنخفض في حال الحصول على أسهم، وذلك على حساب تحضيرات طويلة في استصدار الرخص وما يصاحب ذلك من إجراءات روتينية.
وحتى قبل ظهور آثار الأزمة المالية في العام 2008، كانت البورصات العربية قد سجلت نشاطاً كبيراً في أحجام التداول، ومستويات تاريخية في أداء المؤشرات الخاصة بتلك البورصات، ما دفع "الأموال الساخنة" إلى الحضور بقوة، وبدعم من الحضور اللافت للمستثمر الأجنبي، وخاصة في البورصات التي تسمح لهم بالتداول المباشر دون الحاجة إلى محافظ تُدار من شركات محلية.
وعلى الرغم من خروج معظم تلك الأموال الساخنة إبان الأزمة المالية، التي عمّقت من خسائر البورصات العربية، إلا أن المنطقة لا تزال جاذبة للاستثمار من قبل الأجانب. وهذا الأمر ليس خافياً على الجهات الرقابية التي قامت بتعزيز حضور تلك الأموال خلال العامين الحالي والماضي، من خلال تعديلات تشريعية قامت بها على سبيل المثال هيئة الأسواق في كلّ من المملكة العربية السعودية ومصر تسمح للمستثمر الأجنبي بالوجود في بورصاتها وبتسهيلات معقولة.
تجدر الإشارة إلى أنه، ونتيجة الدروس المستفادة من الأزمة المالية، قام عدد من البورصات الخليجية والعربية بدراسة أثر وجود الأموال الساخنة التي تبحث عن أرباح التداول، لا أرباح توزيعات الشركات، وما يشكّله ذلك من مخاطر، خصوصاً عن حصول تراجعات أكبر من المعتاد نتيجة بروز عوامل سلبية ونفسية، من النوع الذي يترك تأثيرات على أداء البورصات.
وأفضت الدراسة إلى خلاصات، أهمها الحاجة إلى مراقبة تلك التداولات وإلى إيجاد حلول منطقية لها في الأزمات، كالتي تقوم بها بعض الأسواق، مثل تعليق التداول لفترة محددة بعد حصول تراجع أو ارتفاع معيّن، ما يؤدي إلى تخفيف حدة التوتر النفسي، الذي يمثل الدافع الأساس وراء اتخاذ القرارات المتسرعة لأصحاب الأموال الساخنة.
(خبير مالي كويتي)
ولهذه الأسباب تحتاج عملية الترويج إلى جهد مضاعف يُبنى على عناصر من مكونات الأرقام الخاصة بالبيانات المالية، والتي يصعب فهمها للمستثمر العادي أو الأفراد الذين يشكلون السواد الأعظم في الأسواق المالية.
اقرأ أيضا: البورصات العربية ونظيراتها العالمية
وعبر الحقب المتلاحقة في عالم الاستثمار كانت التوجهات الاستثمارية تتركز خارج العالم العربي، نتيجة نقص في الشفافية أو عدم وجود ثقة في المنتج العربي المدرج في البورصات، وأيضاً بفعل تجارب ناجحة في البلدان الأخرى. وهذا ما عزز من حجم الاستثمارات العربية في الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة الأميركية، والتي حتى الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول العام 2001، كانت محط رحال المليارات الباحثة عن الربح السريع، والمترافق مع طفرات مختلفة في قطاعات حققت نجاحات هائلة، مثال قطاعي التكنولوجيا والاتصالات وغيرهما.
غداة ذلك، عاد قسم كبير من الأموال العربية إلى الدول التي لديها مقومات ودلائل تشير إلى توقعات نمو كبيرة، في ظل ارتفاع كبير لسعر برميل النفط، ما شكّل مكوناً أساسياً للصناديق السيادية الخليجية التي استغلت الفوائض المالية المحققة لتوظيفها في الاستثمار المحلي المتنوع.
وهكذا بدأت حقبة جديدة في عالم الاستثمار العربي، واكبته رغبة خليجية ومن بعض الدول العربية الأخرى في تعزيز الاستثمار الداخلي، ولو مع مخاوف من ارتدادات العمليات العسكرية التي انطلقت في العام 2003 من العراق تحديداً، على الأوضاع الاقتصادية والمالية، خصوصاً لغالبية الدول العربية، لا سيما منها المجاورة للعراق.
اقرأ أيضا: تكامل البورصات العربية
لكن، برغم ما تقدّم، أصبحت البورصات العربية محط الأنظار، خصوصاً مع اتساع نشاط العمليات التجارية في منطقة الخليج، وبعدما قامت شركات عدة بالاستفادة من المشاريع الجديدة أو المتجددة في العراق. وقد وُقعت عقود بمليارات الدولارات، كقطاع الخدمات اللوجستية، وقطاع الاتصالات وغيرها من القطاعات التي شهدت نشاطاً غير مسبوق في المنطقة.
وفي هذه الفترة انفتحت نوافذ استثمارية ذات أبعاد مختلفة، حيث راحت الشركات الأجنبية تتنافس في الدخول للمنطقة، التي أسهمت بعض التشريعات الصادرة في بعض الدول الخليجية والعربية في توجيه الاستثمارات نحو الأسهم والسندات، إذ يفترض وجود شراكة محلية للحصول على رخص تجارية في تلك الدول. وهذا ما أدى إلى اتخاذ قرار الاستثمار في الشركات المدرجة بعد دراسة الكلفة، والتي تنخفض في حال الحصول على أسهم، وذلك على حساب تحضيرات طويلة في استصدار الرخص وما يصاحب ذلك من إجراءات روتينية.
وحتى قبل ظهور آثار الأزمة المالية في العام 2008، كانت البورصات العربية قد سجلت نشاطاً كبيراً في أحجام التداول، ومستويات تاريخية في أداء المؤشرات الخاصة بتلك البورصات، ما دفع "الأموال الساخنة" إلى الحضور بقوة، وبدعم من الحضور اللافت للمستثمر الأجنبي، وخاصة في البورصات التي تسمح لهم بالتداول المباشر دون الحاجة إلى محافظ تُدار من شركات محلية.
وعلى الرغم من خروج معظم تلك الأموال الساخنة إبان الأزمة المالية، التي عمّقت من خسائر البورصات العربية، إلا أن المنطقة لا تزال جاذبة للاستثمار من قبل الأجانب. وهذا الأمر ليس خافياً على الجهات الرقابية التي قامت بتعزيز حضور تلك الأموال خلال العامين الحالي والماضي، من خلال تعديلات تشريعية قامت بها على سبيل المثال هيئة الأسواق في كلّ من المملكة العربية السعودية ومصر تسمح للمستثمر الأجنبي بالوجود في بورصاتها وبتسهيلات معقولة.
تجدر الإشارة إلى أنه، ونتيجة الدروس المستفادة من الأزمة المالية، قام عدد من البورصات الخليجية والعربية بدراسة أثر وجود الأموال الساخنة التي تبحث عن أرباح التداول، لا أرباح توزيعات الشركات، وما يشكّله ذلك من مخاطر، خصوصاً عن حصول تراجعات أكبر من المعتاد نتيجة بروز عوامل سلبية ونفسية، من النوع الذي يترك تأثيرات على أداء البورصات.
وأفضت الدراسة إلى خلاصات، أهمها الحاجة إلى مراقبة تلك التداولات وإلى إيجاد حلول منطقية لها في الأزمات، كالتي تقوم بها بعض الأسواق، مثل تعليق التداول لفترة محددة بعد حصول تراجع أو ارتفاع معيّن، ما يؤدي إلى تخفيف حدة التوتر النفسي، الذي يمثل الدافع الأساس وراء اتخاذ القرارات المتسرعة لأصحاب الأموال الساخنة.
(خبير مالي كويتي)