الاحتجاجات تجرّ وزيرين إيرانيين إلى المساءلة البرلمانية

25 نوفمبر 2019
احتجاجات على رفع أسعار البنزين في طهران (Getty)
+ الخط -
بعدما أشعل البنزين شرارة احتجاجات في إيران بعد رفع أسعاره خلال الأسبوع الماضي، طاولت أكثر من 100 مدينة إيرانية، بات يعرّض وزيري النفط والداخلية للمساءلة والاستجواب في البرلمان.

وبشأن استجواب وزير النفط الإيراني، بيجن نامدار زنغنة، قال النائب البرلماني أحمد أمير آبادي فراهاني، الأحد لوسائل الإعلام، إن الهيئة تسلمت مشروع استجواب وزير النفط، وقّع عليه 50 نائباً.

وعن أسباب استجواب زنغنة، عزاها النائب الإيراني إلى "إلغائه بطاقة الوقود سابقاً وتشغيلها مجدداً وارتفاع تهريب الوقود، وتقديم معلومات خاطئة عن زيادة سعر البنزين، وعدم التزامه بالصدق حول أسباب رفع أسعار البنزين، وعدم الفاعلية في عقد صفقات حول الحقول الغازية والنفطية المشتركة واتخاذ قرارات خاطئة وعدم الاهتمام بتطوير المصافي والبتروكيماويات والمنتجات النفطية".

ووفقاً للمادة الـ 89 من الدستور الإيراني، يمكن للمشرعين استجواب الوزراء في الحالات التي يعتبرونها ضرورية، ويقبل البرلمان طلب الاستجواب من النواب إذا وقع عليه عشرة منهم على الأقل.

وعلى الوزير الذي يُستدعى للاستجواب، أن يحضر إلى البرلمان خلال عشرة أيام من تاريخ قبول الاستجواب، للإجابة على أسئلة النواب، وفي نهاية الجلسة تجري عملية التصويت، وفي حال رفض 51 في المائة من أعضاء المجلس الحاضرين منح الثقة مجدداً للوزير، يعزل تلقائياً من منصبه.

استجواب وزير الداخلية

إلى ذلك، أفادت وكالات الأنباء الإيرانية، الأحد، بأن الاحتجاجات التي وقعت بعد رفع أسعار البنزين في إيران باتت تعرّض أيضاً وزير الداخلية عبدالرضا رحماني فضلي للمساءلة البرلمانية، ليبدأ البرلمان في إجراءات استجوابه لـ"عدم اتخاذ تدابير اجتماعية وأمنية لازمة" مع تنفيذ خطة ترشيد أسعار البنزين.

وذكر موقع صحيفة "اعتماد" أن النائب عن طهران علي مطهري، هو من صاغ مشروع استجواب فضلي بسبب تداعيات رفع أسعار البنزين.

في السياق نفسه، قال النائب الإصلاحي أحمد مازني عن كتلة "أمل" الإصلاحية، إن وزير الداخلية بصفته رئيساً لمجلس أمن الدولة، يتحمل مسؤولية عدم اتخاذ "تمهيدات اجتماعية وأمنية لازمة لتنفيذ خطة رفع أسعار البنزين".

وأضاف أن التئام مجالس تأمين الأمن في بعض المحافظات بعد وقوع الاحتجاجات "دليل على أن رئيس مجلس أمن الدولة (وزير الداخلية) لم يتخذ تدابير وقائية وأنه أصبح يتخذها بعد وقوع الأحداث التي أفضت إلى إراقة دماء واعتقال عدد كبير من المواطنين وسجنهم وإصابتهم بجروح"، بحسب قوله.

وأشار إلى أن عدم اتخاذ هذه التدابير "تسبب في إيجاد أرضية لاستغلال الأعداء والمتآمرين للأحداث الأخيرة"، مضيفاً أن البرلمان سيقوم بمساءلة رحماني فضلي حول ذلك.

يُذكر أن مشرعين إيرانيين قد عبروا خلال الأيام الماضية عن امتعاضهم لعدم إبلاغهم مسبقاً بقرار المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي في البلاد برفع أسعار البنزين، ليعدوا مشروعاً لإلغاء القرار بعد دخوله حيز التنفيذ اعتباراً من الخامس عشر من الشهر الجاري، لكنهم سحبوا المشروع بعد إعلان المرشد الإيراني علي خامنئي، تأييده للقرار يوم الأحد الماضي.

وتعرض رئيس البرلمان الإيراني، علي لاريجاني، كذلك لانتقادات برلمانية، لعدم إبلاغه النواب بقرار زيادة أسعار البنزين.

استجواب وزير الزراعة

وعلى صعيد متصل بالاستجوابات، من المقرر أن يستجوب البرلمان الإيراني بعد غد الثلاثاء وزير الزراعة الإيراني، محمود حجتي، لكن لا صلة لاستجوابه بموضوع البنزين، وإنما كان الأمر مطروحاً قبل الأحداث الأخيرة.

وكان الموقعون على مشروع استجواب حجتي قد طرحوا أسئلة في 17 محوراً بانتظار أن يجيب عليها الوزير خلال جلسة الثلاثاء، وهي محاور تتصل بالمواضيع المرتبطة بالمراعي والغابات ومسألة تنظيم الأسواق وشراء القمح من المزارعين وقضايا أخرى.

واليوم الأحد، انتشرت تقارير إعلامية عن استقالة وزير الزراعة، لكن وكالة "إرنا" الرسمية نقلت عن المتحدث باسم هيئة رئاسة البرلمان، أسد الله عباسي، قوله إن مساعد الرئيس الإيراني للشؤون البرلمانية، حسين علي أميري، أبلغ البرلمانيين رفض روحاني استقالة وزير الزراعة، مما يعني أن جلسة استجوابه ستنعقد في موعدها الثلاثاء.

المساعدات النقدية

وعلى صعيد مرتبط بموضوع البنزين، دفعت الحكومة الإيرانية، مع الساعات الأولى من فجر اليوم الأحد، المرحلة الثالثة من المساعدات النقدية لعشرين مليون إيراني آخر، بعدما ما دفعت المرحلتين الأولى والثانية خلال الإثنين والأربعاء الماضيين، لأربعين مليون إيراني.

وتقول الحكومة إن الهدف من رفع أسعار البنزين هو إيجاد موارد مالية لتوزيع مساعدات نقدية لـ75 في المائة من الإيرانيين، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، إلا أن الخطوة "المفاجئة"، أثارت احتجاجات واسعة وغير مسبوقة في إيران، تخللتها أعمال تخريبية واسعة، طاولت مئات البنوك والمتاجر والمؤسسات والدوائر الحكومية، عزتها السلطات الإيرانية إلى جهات مرتبطة بالخارج.

ومع بدء تنفيذ خطة ترشيد استهلاك البنزين في إيران ورفع أسعاره ثلاثة أضعاف، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني اعتزام حكومته دفع مساعدات مالية نقدية لـ18 مليون أسرة إيرانية، تشمل 60 مليون شخص، قائلاً إن عمليات الدفع ستبدأ اعتباراً من مساء غد الإثنين لـ20 مليون شخص، على أن يبدأ الدفع لـ20 مليون آخر مع نهاية الأسبوع، ليدفع لـ20 مليون الأخير مع بداية الأسبوع المقبل.

وقال إن الأسرة المكونة من شخص واحد ستتلقى شهرياً مبلغاً قدره 55 ألف تومان (سعر صرف كل دولار=11900 تومان)، وسيزداد المبلغ مع عدد أفراد الأسرة ليصل إلى 205 آلاف تومان لأسرة مكونة من 5 أشخاص فصاعداً.

علماً بأنه إلى جانب هذا المبلغ الشهري، يتلقى كل مواطن إيراني مبلغاً شهرياً آخر منذ عشر سنوات تقريباً، قدره 45 ألف تومان.

وإلى جانب إعلان روحاني أن حكومته حاولت من خلال رفع أسعار البنزين إيجاد موارد مالية لدفع مساعدات لـ75 في المائة من الشعب الإيراني الذي يعيش أوضاعاً اقتصادية صعبة نتيجة العقوبات الأميركية، تطرح الأوساط الحكومية الإيرانية، ثلاثة دوافع أخرى، الأول أن ذلك يقلل من عمليات تهريب الوقود، التي ازدادت خلال العام الأخير بسبب الفارق الكبير بين سعر المحروقات في إيران والدول المجاورة لها، بعد تراجع سعر صرف الريال الإيراني وتصاعد أسعار العملات الأجنبية. وتشير الإحصائيات إلى تهريب 15 إلى 20 مليون ليتر من الوقود إلى خارج البلاد يومياً.

والسبب الثاني، أن الخطة تقلل من مخاطر الاستهلاك الكبير للبنزين على البيئة وتقلل التلوث البيئي، الذي تعاني منه المدن الإيرانية الكبرى وهو تزايد كثيراً خلال الأعوام الأخيرة.

والسبب الثالث هو إدارة أفضل لاستهلاك هذا الوقود والحيلولة دون زيادته على إنتاجه البالغ 100 مليون ليتر، حيث في بعض الأيام زاد الاستهلاك أكثر من 100 مليون ليتر، الأمر الذي كان من شأنه أن يدفع الدولة إلى استيراد هذه الطاقة مستقبلاً وهو أمر يبدو غير ممكن على ضوء العقوبات الأميركية.

وفي  هذا السياق، قال الرئيس الإيراني، الأسبوع الماضي أن "استهلاك البلاد اليومي للبنزين وصل هذا العام إلى 97 مليون ليتر وفي حال استمرار هذا الوضع سنكون مضطرين بعام 2021 إلى استيراد البنزين".

مشروع منع رفع أسعار السلع

إلى ذلك، ولاحتواء تداعيات زيادة أسعار البنزين في إيران، أقرّ البرلمان الإيراني، الأحد، مشروع منع زيادة أسعار السلع والخدمات على خلفية ارتفاع سعر البنزين.

دلالات
المساهمون