17 سبتمبر 2020
+ الخط -

لم يعد أمام الإمارات الآن سوى إطلاق حملة عالمية لإنقاذ فقراء ويتامى إسرائيل وأطفالها المشردين، وأبناء وأرامل القتلى في صفوف جيش الاحتلال، وربما تسبقها حملة ثانية لتشغيل ملايين الشباب العاطلين عن العمل، وقبلهما إطلاق حملة لتوفير سكن لمن لا مأوى له من مشردي دولة الاحتلال.

ذلك لأن الدولة الخليجية أبرمت، وفي أقل من أسبوعين، من الاتفاقات الاقتصادية والمصرفية والتجارية والسياحية والاستثمارية مع دولة الاحتلال أضعاف أضعاف ما لم تبرمه مصر والأردن في عشرات السنين منذ توقيع اتفاقيتي السلام، وهذه الاتفاقات ستنعش الاقتصاد الإسرائيلي الذي يواجه أزمات عدة، ومعه تحسين مستوى المواطن الإسرائيلي.

وخلال الساعات القليلة الماضية تم إبرام اتفاقات خطيرة بين الجانبين الإماراتي والإسرائيلي، منها ما يهدد مصر مباشرة، مثل ما حدث أمس، إذ وقّعت موانئ دبي الإماراتية وشركة دوفرتاور الإسرائيلية عدة اتفاقيات للتعاون في أنشطة الشحن والموانئ.

وحسب بنود الاتفاق فإنه سيتم تأسيس مسار شحن بحري مباشر بين إيلات وجبل علي، وتطوير موانئ إسرائيلية ومناطق حرة منافسة للموانئ المصرية، كما ستتولى جمارك دبي ترويج وتيسير التجارة بين الكيانات الخاصة في البلدين. وشركة "دوفرتاور" لمن لا يعرفها مالكة لشركة "إسرائيل شيبياردز" وميناء إيلات.

وإضافة إلى هذا التطور الخطير تدرس شركة إسرائيل شيبياردز وموانئ دبي التقدم بعرض مشترك لشراء ميناء حيفا الجارية خصخصته ليكون بديلاً للموانئ المصرية، على أن يتم ضخ استثمارات إماراتية ضخمة به.

كذلك جددت إسرائيل مشروع شق قناة إيلات - عسقلان لربط البحرين الأحمر بالمتوسط ليكون بديلا أسرع وأرخص من قناة السويس، مع إعادة إحياء خط أنابيب النفط الذي كان الاحتلال ينفذه في السابق كمشروع مشترك سري مع إيران في عام 1956. 

كذلك تبحث أبوظبي وتل أبيب تنفيذ مشروع ضخم يتم من خلاله نقل النفط الخليجي لأوروبا عبر دولة الاحتلال، وتأسيس طريق دولي لنقل الحاويات من الخليج إلى ميناء حيفا على البحر المتوسط، اضافة إلى مشروع إسرائيلي لمد سكك حديد.

والمشروعات الأخيرة هي الأخطر بالنسبة لمصر، إذ تهدد بشكل مباشر قناة السويس، خاصة القناة التي تربط بين إيلات وعسقلان والتي ستكون منافسا قويا لقناة السويس في حال تنفيذها، وهو السيناريو المرجح، حيث كان مشروع القناة الإسرائيلية يواجه في السابق أزمة تمويل يمكن أن تحلها الإمارات حاليا بثرواتها الضخمة.

وعقب إلغاء أبوظبي قانون تجريم التطبيع مع دولة الاحتلال، سارعت العديد من البنوك والشركات الحكومية الإماراتية إلى إبرام شراكات وصفقات مع كيانات إسرائيلية للتعاون في أنشطة السياحة والصحة والزراعة والتجارة والاستثمار والصحة والأندية الرياضية. 

مثلاً وقّع بنك لئومي، ثاني أكبر بنوك إسرائيل، يوم الثلاثاء، اتفاق تعاون مع بنكي أبوظبي الأول والإمارات دبي الوطني، كما وقع بنك هبوعليم اتفاقية أخرى مع الإمارات دبي الوطني، أكبر بنوك دبي للتعاون في إدارة الأموال وصناديق الثروة والصفقات.

وأمس الأربعاء وقع مصرف أبوظبي الإسلامي مذكرة تفاهم مع بنك لئومي الإسرائيلي، للتعاون في أنشطة مصرفية واستثمارية داخل الإمارات وإسرائيل وأسواق دولية أخرى.
وفتح جهاز أبوظبي للاستثمار أول مكتب له خارج الإمارات في تل أبيب، كما اتفق الجهاز ومنظمة Invest in Israel  (استثمر في إسرائيل)، قبل أسبوعين على التعاون الثنائي في مجال الاستثمار.
الأمر لا يقف عند هذا الأمر فقد كشفت صحيفة معاريف العبرية أمس الاربعاء عن أن شركة النفط الإسرائيلية "كاتشا"، التي تتولى توريد النفط لدولة الاحتلال تجري اتصالات مع شركات نفط في الإمارات والبحرين للتعاون الثنائي.

كما توقع شركة الطيران الإسرائيلية "يسرائير" على اتفاق مع شركة سياحية في دبي لتشجيع السياحة بين الجانبين، وتوقع مديرها في مقابلة مع قناة 12 العبرية أن يصل عدد السياح الإسرائيليين للإمارات إلى مليون سائح في غضون عامين.

الإمارات حرقت كل خطوات التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل في أقل من أسبوعين، وأبرمت اتفاقات ستدر على خزانة دولة الاحتلال مليارات الدولارات، كما قال بنيامين نتنياهو قبل أيام.

ولم يبق أمام حكومة أبوظبي سوى الاهتمام بالجانب الإنساني داخل دولة الاحتلال من مكافحة الفقر والبطالة والعوز وغلاء الأسعار، خاصة أن الأرقام تشير إلى أن تزايد عدد الفقراء في إسرائيل خلال السنوات الأخيرة، وأن هناك ما يقرب من مليوني فقير داخل دولة الاحتلال بما يزيد عن 20% من السكان، وما يقرب من نصف مليون أسرة تواجه مشكلة في الحصول على الغذاء، وأن 19% من المسنين يعيشون تحت خط الفقر، وأن الفقر ينهش 34.2% من المهاجرين.

لكن السؤال هنا: هل ستهتم أبوظبي بمكافحة الفقر بين فلسطينيي الداخل (عرب 48)، والذين تقول الإحصاءات الرسمية إن أكثر من نصفهم من الفقراء، وإن سكان القدس الشرقية من الفلسطينيين الأكثر فقراً بين المدن والقرى العربية، وأن 8 منهم من أصل 10 يعيشون تحت خط الفقر، وإن نسبة الفقر بين عرب 48 هي الأعلى، حيث تصل لأكثر من 50%، أي ضعف معدل الفقر بين اليهود، أم ستهتم أبوظبي بفقراء الحريديم المتطرفين وفقراء سكان المستوطنات والأشكناز والسفارديم وغيرهم من اليهود الغربيين؟

المساهمون