الإعلام الإسرائيلي يسخر من السيسي: لا تصوّروه كعميل لنا

23 مايو 2016
رسائل السيسي لم تلق صدى في إسرائيل(جويل صمد/فرانس برس)
+ الخط -
لم تمض أيام على خطاب الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في أسيوط الأسبوع الماضي، والذي وجه فيه رسائل انفتاح تجاه إسرائيل، أراد من خلالها "المساعدة" على تجاوز معارضة بعض قادة حزب العمل الإسرائيلي المعارض للانضمام إلى الائتلاف الحاكم في تل أبيب، حتى تلقى، بسرعة، صفعة قوية من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عبر ضم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف للحكومة وتعيين زعيمه، أفيغدور ليبرمان، وزيراً للأمن.



وقد هاجمت بعض النخب اليمينية الإسرائيلية، الأكثر حماساً للعلاقة مع نظام السيسي، تغطية الإعلام الإسرائيلي لخطوات السيسي الأخيرة، ومحاولته إظهار السيسي بوصفه "عميلاً" لإسرائيل وقادتها. فخلال البرامج الإخبارية التي بثّتها، يوم الجمعة الماضي، عدة قنوات إسرائيلية، تكررت كثيراً كلمة "صفعة" على ألسنة كبار المعلقين الذين استغربوا حجم الاستهانة التي قابل بها نتنياهو "خطاب أسيوط".

وبلهجة ساخرة، كتب معلق الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس"، تسفي بارئيل: "لقد تحول خطاب السيسي في أسيوط إلى مهزلة سياسية، حيث إن نتنياهو رد على اقتراحه بتسخين العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي بتعيين ليبرمان الذي سبق أن هدد بتدمير السد العالي". وفي مقال نشرته الصحيفة في عددها الصادر يوم الجمعة الماضي، كتب برئيل: "السيسي توقع أن تجد رسائله السلمية صدى في إسرائيل، فحث قادتنا على بث خطابه مرة أو مرتين، لكنه مقابل ذلك تلقى ليبرمان". وأضاف بارئيل: "لقد اعتقد السيسي أن تقديمه قطعة الحلوى المتمثلة بتعهده بتسخين السلام بين مصر وإسرائيل مقابل حلّ المشكلة الفلسطينية سيغري الإسرائيليين بالاستجابة لطلبه بتشكيل حكومة وحدة"، مشيراً إلى أن سلوك نتنياهو كانت تحركه اعتبارات أخرى. وتابع: "من المثير معرفة ماذا ستكون ردة فعل السيسي على تعيين ليبرمان، صاحب المواقف المتطرفة تجاه مصر".

من جانبه، يلفت الصحافي، بن كاسبيت، الأنظار إلى أن نتنياهو وجه تلك الصفعة للسيسي بتعيين ليبرمان، على الرغم من طابع العلاقة "الاستراتيجية والحميمية" التي تربط الإثنين، مشيراً إلى أن السيسي "يتحدث إلى نتنياهو مرة أسبوعياً على الأقل، وينجحان في إدارة تنسيق أمني إسرائيلي مصري غير مسبوق". وأشار كاسبيت إلى أن السيسي كان يعتزم استضافة قادة إسرائيل والسلطة الفلسطينية، في القاهرة، والقيام بدور علني وفاعل في جهود الوساطة بين الطرفين.

وأشار كاسبيت إلى أن استهانة نتنياهو بالرئيس المصري لم تنحصر في تعيين ليبرمان، بل سبقها تعمّد نتنياهو إهانة قادة العسكر في مصر عندما ادعى قبل أسبوع أن فك الحصار عن السفارة الإسرائيلية في القاهرة عام 2011 جاء نتاج تهديده المباشر بتدخل عسكري. وقد عرضت "هآرتس" كاريكاتيراً ساخراً، في عددها الصادر يوم الجمعة الماضي، يظهر السيسي بلباسه العسكري وهو يمد يده مانحاً عقد الزواج لـ "العريس" نتنياهو، والعروس (زعيم حزب العمل) "إسحق هيرتزوغ". لكن السيسي يتفاجأ بأن العروس "ليبرمان" تنطلق مسرعة لتكون هي صاحبة الحظ في النهاية.

في هذا الإطار، برزت ردة فعل السفير الإسرائيلي الأسبق في القاهرة، اليميني المتطرف، تسفي مزال، الذي يعد من أكثر النخب الإسرائيلية حماساً للعلاقة مع نظام السيسي. مزال استشاط غضباً بسبب "عرض الإعلام الإسرائيلي السيسي كجاسوس لدى إسرائيل أو كعميل لدى نتنياهو وهيرتزوغ". ونقلت صحيفة "معاريف" عن مزال قوله: "ليس من الإنصاف أن نعرض السيسي كعميل، لمجرد أنه يتحدث مع نتنياهو مرة أسبوعياً على الأقل، فالسيسي هو رئيس دولة عربية ويعرض دائماً مواقف معتدلة، إنه لا يهاجم إسرائيل ولم يحدث أن شجبها أو ندد بسياساتها تجاه الفلسطينيين".

وبخلاف ما ذهبت إليه الكثير من وسائل الإعلام في إسرائيل، فقد تبين أن هيرتزوغ، وليس نتنياهو، هو من نجح في "تجنيد" السيسي للإسهام في محاولات تشكيل حكومة "وحدة وطنية" بمشاركة حزب العمل. فقد كشف المعلق السياسي في صحيفة "هارتس"، باراك رفيد، في تقرير يوم الخميس الماضي، أن هيرتزوغ حثّ مبعوث اللجنة الرباعية، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، على الطلب من السيسي الإسهام في تحسين فرص تشكيل حكومة "الوحدة" عبر إلقاء خطاب يسهم في المسّ بالحجج التي يتذرع بها عدد من قادة حزب العمل لتبرير رفضهم الانضمام لحكومة نتنياهو، مشيراً إلى أن هيرتزوغ هو من كان وراء خطاب أسيوط. وقد تبين أن تعيين ليبرمان نسف خطة يتبناها السيسي وزعماء عرب آخرون وتقوم على إدخال تعديلات جذرية على مبادرة السلام العربية لصالح إسرائيل مقابل إقدام حكومة نتنياهو على خطوات بناء ثقة تجاه الفلسطينيين. فقد كشف المعلق السياسي في قناة التلفزة "العاشرة"، يوآف فاردي، يوم الجمعة الماضي، معلومات مفادها أن السيسي وقادة عرباً آخرين تعهدوا لإسرائيل، بشكل مباشر، أو بواسطة مبعوثين أجانب، بإعادة النظر في بنود المبادرة العربية، ولا سيما تلك التي تنص على وجوب إعادة الجولان المحتل لسورية، وضرورة موافقة إسرائيل على حق العودة للاجئين الفلسطينيين.