الإعصار القاتل... ركام يغمر بشراً

نيويورك
ابتسام عازم (العربي الجديد)
ابتسام عازم
كاتبة وروائية وصحافية فلسطينية تقيم في نيويورك. مراسلة "العربي الجديد" المعتمدة في مقرّ منظمة الأمم المتحدة.
09 أكتوبر 2016
5B781D60-3BB8-4521-94E8-AC76C05A774F
+ الخط -
توقّفت حركة الطيران والقطارات، وفرض منع التجول، وأصدرت أوامر بإغلاق جسور وغيرها.. هذا جزء ممّا تشهده بعض المناطق في ولايات أميركية أربع تقع على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وهي فلوريدا وجورجيا وكارولاينا الشمالية والجنوبية، بسبب إعصار "ماثيو" الذي وصل إلى هذه المناطق منذ الخميس الماضي، على أن يستمر حتّى اليوم. وكان "الإعصار القاتل"، كما وصفته وسائل الإعلام الأميركية، قد ضرب مناطق عدة في الأميركيّتين وعلى رأسها هايتي، مخلفاً أكثر من 900 قتيل، ويتوقّع ارتفاع هذا الرقم خلال الأيّام المقبلة.

"أغلقنا النوافذ بألواح خشبيّة، ووضعنا أكياساً من الرمل أمام الأبواب، ووضعنا جزءاً من الأثاث في الطابق العلوي. لكن في حال وصلت الفيضانات إلى منطقتنا، فلن تكون لهذه الإجراءات أية أهمية". هذا ما تقوله أريكا فريز التي تعيش في فلوريدا لـ "العربي الجديد". كانت قد اتخذت هذه الإجراءات قبل مغادرة شقتها القريبة من ساحل فيرو في فلوريدا، وتنتقل إلى فندق بعيد عن الساحل.

ولجأ عشرات الآلاف إلى ملاجئ خصّصتها السلطات في مناطقهم، بما فيها مدارس ومراكز رياضية، في وقت اختار آخرون المبيت في فنادق، أو لدى الأقارب والأصدقاء في ولايات أخرى. ولم تصدر أوامر إخلاء إجبارية في جميع المناطق التي ضربها الإعصار أو تلك التي يتوقع أن يضربها، كما هو الحال في منطقة سافانا في ولاية جورجيا. هناك، أصدرت السلطات أوامر بالإخلاء الإجباري خشية حدوث فيضانات، وطالبت جميع السكان القاطنين في المناطق القريبة من الأنهار بإخلائها، وذلك بمساعدة قوات عسكريّة. وخصّصت حافلات عامة لنقل السكان، خصوصاً كبار السن. ويتوقع أن يكون نحو نصف مليون شخص في تلك المنطقة قد استجابوا لأوامر الإخلاء، علماً أن البعض لا يأخذون التحذيرات على محمل الجد، ما يعيق عملية إخلائهم.

ويقول مسؤولون في فلوريدا، والتي غادرها الإعصار متجهاً إلى جورجيا وساوث كارولاينا ونورث كارولاينا، إنه على الرغم من الدمار، إلا أنهم محظوظون لأنّ الإعصار لم يضرب المناطق الداخلية في فلوريدا بقوة.

وتشير فريز إلى أن عدداً من أصدقائها لم يخلوا بيوتهم بسبب تعنّت بعض كبار السن، ما اضطرهم إلى البقاء معهم. ولا يعد هذا أمراً استثنائياً. في حالة كهذه، لم يكن من السلطات الأميركية إلا أن حذّرت هؤلاء الذين لم يخلوا بيوتهم من أنّها لن تساعدهم في حالات الطوارئ، لأنّ فرق الإنقاذ والإطفائية وقوات الشرطة غادرت جميعها تلك المناطق تحسباً للفيضانات. ووصلت سرعة الرياح في بعض المناطق إلى 220 كيلومتراً في الساعة، عدا عن هطول أمطار غزيرة.

في بعض المناطق التي فرضت فيها السلطات حظر التجوّل، أعلنت أنها ستغرّم كل من يخرج من بيته من دون سبب أو حالة طوارئ، على أن يصل بعضها إلى 500 دولار، بالإضافة إلى السجن. وتأتي هذه الإجراءات لأسباب عدة، من بينها الخوف من أن يستغل بعضهم الأمر لسرقة المحال. إلّا أن السبب الرئيسي، كما يقول مسؤولون، هو الخوف من وقوع إصابات جراء الفيضانات التي قد تخلّفها هذه الأعاصير.



من جهتها، ناشدت حاكمة ولاية ساوث كارولاينا السكان بعدم التوجه إلى أماكن سكنهم مباشرة بعد توقف سقوط الأمطار، قبل التأكد من سلامة الطرقات والجسور وغيرها.
وفي ولاية فلوريدا لوحدها، عانى أكثر من 1.2 مليون شخص من انقطاع الكهرباء، واضطرت مستشفيات عدة إلى نقل المرضى إلى أماكن أخرى. وعلى الرغم من أنه اتجه شمالاً، إلا أن حجم الدمار ما زال غير واضح.

ويعيد إعصار ماثيو إلى الأذهان إعصار ساندي، والذي ضرب ولايات أميركية عدة عام 2012، وأدى إلى وفاة أكثر من مئتي شخص وجرح المئات. وقدر حجم الخسارة المادية بأكثر من 75 مليار دولار. آنذاك، بقيت مناطق كثيرة من دون كهرباء لمدة شهر تقريباً.
في هذا السياق، تقول فريز إنها تتمنّى أن يحالفهم الحظ. "ربما لأننا مقبلون على انتخابات، سيسارع المسؤولون في تصليح الأضرار بشكل أسرع". وما زال القاطنون في فلوريدا يشعرون بالخوف، بعدما تحدّث مسؤولون في المركز الوطني الأميركي للأعاصير عن احتمال عودة إعصار "ماثيو" إلى فلوريدا، وإن كان بقوة أقل. وعلى الرغم من أن هذا السيناريو مستبعد، إلا أنّه ما زال احتمالاً قائماً شهدته البلاد في الماضي، بحسب المركز الوطني الأميركي للأعاصير. فإعصار إيفان الذي ضرب فلوريدا عام 2004، عاد مجدداً ولكن بقوة أقل، ولم يشكل خطراً على حياة السكان آنذاك.

وكان إعصار ماثيو قد ضرب هايتي مخلفاً وراءه دماراً كبيراً. وقالت الأمم المتحدة إن حجم الأضرار لن يظهر بوضوح إلا بعد أيام، مشيرة في الوقت نفسه إلى تقديمها مساعدات للأهالي. وناشدت الدول الأعضاء بدعم صناديق خصصتها لهذا الهدف. وتعاني هايتي من تفشي مرض الكوليرا منذ تعرّضها لزلزال مدمّر عام 2010. ويتوقع أن يؤدي ماثيو، والذي خلّف حتى الآن مئات القتلى، إلى تفاقم الوضع وانتشار أكبر للكوليرا، خصوصاً مع احتمال انهيار أكبر لشبكة الصرف الصحي.

ذات صلة

الصورة
وفد أممي في مخيم نازحين سوريين في إدلب - سورية - 14 أكتوبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

زار وفد من الأمم المتحدة مدينة إدلب السورية، للاطلاع على أوضاع مواطنين سوريين وصلوا أخيراً بعد مغادرتهم لبنان وسط العدوان الإسرائيلي المتصاعد هناك.
الصورة
غوتيريس خلال المقابلة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، 16 سبتمبر 2024 (فرانس برس)

سياسة

وقعت أكثر من 100 دولة عضو في الأمم المتحدة على رسالة لدعم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس رداً على إعلان إسرائيل أنه "شخص غير مرغوب فيه".
الصورة
جنود إسبان من "يونيفيل" قرب الخيام، 23 أغسطس 2024 (أنور عمرو/فرانس برس)

سياسة

تُظهر الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل" وكأن القوة الأممية باتت في آخر أيامها في لبنان.
الصورة
المرض في غزة

اقتصاد

مع دخول حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة عامها الأول، حولت آلة الحرب الإسرائيلية مناطق وأحياء سكنية كاملة إلى كومة من الركام بعد تدمير 75% من المباني.
المساهمون