الإسكندرية تنتفض على واقعها... افتراضياً

03 سبتمبر 2015
يرفض سائقو الأجرة محاسبة الركاب بأسعار العدادات الرسمية (GETTY)
+ الخط -
لم يجد الكثير من أهالي محافظة الإسكندرية حلًا في تجاهل الحكومة المصرية أزمة ارتفاع واحتكار أسعار غالبية السلع والخدمات الأساسية وتورط الأجهزة الأمنية في قمع أي احتجاجات تعترض على غلاء المعيشة إلا اللجوء لمواقع التواصل الاجتماعي وتدشين حملات للمقاطعة.

وخلال الأيام الماضية أطلق ناشطون على موقع "فيسبوك" عدة حملات لمقاطعة خدمات أساسية شملت الإنترنت وسيارات التاكسي واللحوم وفواتير الكهرباء ورسوم النظافة بعد تجدد مخاوف الكثيرين من استمرار غياب الرقابة عن الأسواق والارتفاع الجنوني للأسعار، وهو ما يضاعف الأعباء والمطالب التي تواجه أرباب الأسر من الموظفين وذوي الدخل المحدود، فضلاً عن شريحة الفقراء الذين يمثلون غالبية سكان البلاد.

وحدد الأهالي سيارات التاكسي لمقاطعتها بسبب رفض السائقين محاسبة الركاب بأسعار العدادات الرسمية، والمبالغة في تقدير الأجرة، ومقاطعة شراء اللحوم، بعد زيادة أسعارها إلى أكثر 100 جنيه للكيلو الواحد، وكذلك فواتير الكهرباء ورسوم النظافة، التي زادت مجددًا بعد قرار مجلس الوزراء بتعديل تعريفة المحاسبة ودون أدنى استفادة من الخدمات.

وأطلق ناشطون حملة على مواقع التواصل لمقاطعة اللحوم تحت شعار "بلاها لحمة يا جزارين"، لمقاطعة محال اللحوم ومحاربة الغلاء الذي طاول كافة السلع الأساسية والغذائية، مؤكدين أنّ الأسعار الجديدة أمر من المستحيل أن يقدر عليه الفقراء ومحدودو الدخل أو حتى متوسطوه.

وأعلن منسقو الحملة في بيان أن دعوتهم جاءت بعد ارتفاع أسعار اللحوم حيث وصل سعر الكيلو إلى 120 جنيها (حوالي 18 دولارا)، في بعض المناطق، مما يصعّب على الفقراء والطبقات المتوسطة شراءها، مؤكدين أن هدف الحملة خفض الأسعار لتناسب غالبية الأسر المصرية، خاصةً مع اقتراب عيد الأضحى والعام الدراسي الجديد. وأضاف البيان: ابدأ بنفسك وخليك إيجابي، إن الحملة ليست على الجزارين وتجار اللحوم فقط إنما على كل التجار المستغلين بالإسكندرية ومن يخالف ضميره ويرفع الأسعار فوق طاقة المستهلك والمواطن.

وحدد الداعون إلى المقاطعة مدتها بـ 15 يومًا، مضيفين: "في بيوت كتيرة قاطعت اللحوم مجبرة مش بمزاجهم، ويجب أن نتكاتف مع بعض ليس للحمه فقط لا عشان كل فاسد وكل واحد حرامي يعرف إننا مش هنسكت على أي سلعة ممكن تزيد أسعارها بدون وجه حق، والحكومة تفهم إننا خلاص جبنا آخرنا".

ودشن مجموعة من الشباب السكندريين، حملة لمقاطعة سيارات التاكسي، تحت شعار "حنعدل حالك يا بلد"، مستخدمين عبارة "التاكسي هايمشي بالعداد أو مش هانركبه" لدعوة المواطنين إلى إعلان الحرب على سائقي التاكسي، غير الملتزمين بتشغيل العداد في غياب تام من إدارة المرور ورقابة من المسؤولين بالمحافظة.

وحددت الدعوة الثلاثاء الأول من شهر سبتمبر/أيلول (أول من أمس) لمقاطعة وسيلة المواصلات، التاكسي، بالمدينة، وذلك لإجبارهم على تشغيل العداد وتنفيذ القانون، وعدم استغلال المواطنين في المدينة الساحلية، خاصةً في موسم الصيف لوجود المصطافين، وغلاء الأسعار بطريقة مبالغ فيها.
وذكرت الصفحة على "فيسبوك"، أن هناك تعديات وتجاوزات عديدة من سائقي التاكسي على المواطنين، وعدم التزامهم بتشغيل العداد، ووضع تسعيرة لكل مسافة دون ضوابط أو الالتزام بالعداد، وخاصة مع الفتيات.

اقرأ أيضاً: الحسيني يسخر من محافظ الإسكندرية: الإخوان غرقوها بالزبالة!

وأكد منسقو الحملة أنه سيتم وضع رقم السائق وصورته على مواقع التواصل لإبلاغ الجهات المختصة وإدارة المرور بمخالفاته وعدم تطبيق قوانين المرور في مدينة الإسكندرية.
كما أطلق نشطاء حملة "ثورة الإنترنت"، اعتراضًا على غلاء أسعار الإنترنت في مصر مقارنة بأسعاره حول العالم. وقالت الحملة في بيان لها تحت عنوان "علشان المصري ميضحكش عليه" على الصفحة الرسمية للحملة: "شركات الإنترنت تستخف بعقول المستخدمين، بأسعار وسرعات وهمية، الإنترنت في مصر بطيء وخدمة العملاء سيئة، والبنية التحتية في سنترالات الجمهورية سيئة".

كما جددت الحملة الشعبية بالإسكندرية لمقاطعة تسديد فواتير الكهرباء دعوتها لمواطني الإسكندرية الشرفاء بتفعيل دور الحملة بضرورة مقاطعة تسديد فواتير الكهرباء ورسوم النظافة احتجاجا على تدنّي مستوى الخدمة.
وأكد إيهاب القسطاوى المتحدث الإعلامي باسم الحركة أنها حملة شعبية من أجل الضغط على النظام للاهتمام بالحقوق الأساسية للمواطن المصري.

وأضاف القسطاوي: مستمرون في طريق المقاطعة من أجل الضغط على النظام من خلال الحملة الشعبية حتى تدرك الحكومة والوزارة المختلفة المعنية فداحة ما تقترفه في حق المواطن المصري من انتهاك كامل لحقوقه، ولكي تقدم خدمات حقيقية.

فيما اتهم محمد حسان عضو حملة بلاها لحمة بالإسكندرية الحكومةَ بالفشل في مواجهة الأسعار المرتفعة بشكل شبه يومي وعدم إحكام الرقابة على الأسواق، وأكد استجابة المواطنين للحملة والمقاطعة التي أصبحت ضرورة حتمية بعد أن استغل التجار غياب الرقابة واقتراب عيد الأضحى الفرصة لتحقيق أرباح على حساب المواطن الغليان الذي يعتبر ضحية أي أزمة أو نظام، مطالبا بضرورة الاستمرار في حملات المقاطعة والعمل على تفعيلها وتضافر الجهود من أجل إنجاحها لكي نرسل رسالة لأباطرة اللحوم مفادها أننا لن نموت إذا قاطعنا اللحوم.

وأشار إلى أن المقاطعة أسلوب سلمي لمواجهة الغلاء الفاحش في أسعار اللحوم قبل أسابيع قليلة من حلول عيد الأضحى، في ظل عدم قدرة الشعب على التظاهر خلال الوقت الراهن، بسبب الظروف السياسية.

وقال محمد حامد، أحد منسقي حملة الامتناع عن دفع فواتير الكهرباء: الامتناع عن السداد، ليس تبديداً لأموال الدولة وإنما محاولة لاسترداد جزء قليل من حقوق المواطنين في الخدمة وما ترتب على قطعها من أضرار، وبين المسؤولين والخبراء الذين يؤكدون حاجة الوزارة إلى تحصيل مستحقاتها لاستمرار وتحسين الخدمة ودعمها بمصادر الطاقة المتجددة، فضلًا عن الرفض الشعبي لرفع الأسعار بصفة مستمرة.

واعتبر محمد ربيع، عضو حركة "شباب مصر"، أن لجوء النشطاء السياسيين والشباب، إلى إعلان احتجاجاتهم على السلطة الحاكمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر"، يأتي بعد اتباع النظام الحاكم لسياسة قمع كل أشكال التظاهر والاحتجاجات في الشارع.

من جهته، قال إيهاب: على الرغم من سوء وفساد واستبداد نظام المخلوع حسني مبارك، إلا أن نظامه كان يسمح جزئيًا للمواطنين، بإبراز احتجاجاتهم على أي قرارات أو قوانين أو سياسات حكومية، وبخاصة إذا كانت عمالية أو فئوية أو تشمل مطالب إنسانية، إلا أن نظام الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، أكثر بطشًا وتضييقًا بما لا يسمح لأي من أنواع الاحتجاجات.

أما حسام سلامة، الناشط في حركة "شباب ضد الانقلاب"، فيقول إن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت هي وسيلة التنفيس الوحيدة للشباب عن احتجاجاتهم ورفضهم لسياسات وقرارات السلطة الحاكمة، بعد مصادرة الحق في التظاهر لصالح مؤيدي السيسي وأمناء الشرطة فقط" على حد قوله.


اقرأ أيضاً: الطفل السوري الغريق: "انسانيتنا الراقدة على الشاطئ"
المساهمون