مشاهد وأحوال النساء الأيزيديات في سورية لا تختلف كثيرا عن أقرانهن في العراق، لكنها في سورية ولفترة طويلة كانت بعيدة عن الأضواء. الممارسات التي ترتكب بحقهن في منازل وبيوت ومعسكرات شيء لا يصدق.
فتاة في الثامنة عشرة من العمر وصفت بقاءها في منزل أحد الداعشيين لمدة تسعة أيام بالقول: "لا أريد أن أتذكر تلك الأيام ولا أعرف كيف سأنساها وأمحوها من ذاكرتي لكي لا تصبح جزءا من حياتي"، وأضافت "إنهم وحوش جياع للجنس لا تتوفر في قلوبهم الرحمة، لا تهمهم أية قيم إنسانية. كانوا يتعاملون معنا بأقسى أنواع المعاملة"، وبكت وهي تصف ضربه لها عندما رفضت خدمة ضيوفه، قائلة "كانوا يهينونني ويستخفّون بديانتي وأهلي، والصفع على الوجه حتى مزاحا كان أمرا عاديا يحصل يوميا عدة مرات".
شهادة أخرى من سورية، إذ أشارت ليلى، وهي في الـ25 من العمر، "كل يوم كنت أسمع بتعرض فتيات ونساء للضرب أو للبيع بين المقاتلين في مدينة الرقة، أو تزويجهن بالقوة لرجال من داعش، وخاصة المقاتلين العرب، الذين كانوا يتركونهن بسرعة ويختفون من المنطقة، فيأتي رجال آخرون ليبعوننا أو يهدوننا لرجال ومقاتلين آخرين. وعندما استقريت في أحد المنازل مع عائلة سورية كانت قد اشترتني بمبلغ لم يقولوا لي كم هو، استقريت لمدة ثلاثة أشهر، كنت أعمل كخادمة أمارس الأعمال المنزلية، وكان يأتي بين فترة وأخرى رجال ليشاهدونني، يعرضني عليهم صاحب المنزل بغية بيعي إليهم. واستغليت فترة بقائي هناك لأعرف المنطقة جيدا، وأحيانا كنت أخرج مع زوجته إلى السوق، وعرفت الطرق والمسالك. وفي أحد الأيام استطعت الذهاب إلى محل إنترنت لأطلب من شخص هناك أن يصلني برقم هاتف، ففعل، وأعلمت أهلي بوجودي هناك فطمأنوني وقالوا إنهم سيرسلون شخصا لكي يدقق في العنوان ويتصل بي.
انتظرت ثلاثة أيام لأرى الشخص المعني أمام باب المنزل، فأشرت له بالانتظار، وقلت لسيدة المنزل (أم غفران) وكان ذلك اسمها، بأنني ساذهب لشراء بعض الخضار فأعطتني مبلغا بسيطا من المال، وبسرعة خرجت من المنزل ولم أعد إليه. لكنني ما زلت أحمل الكثير من الألم الذي تلقيته هناك. وعندما نجوت أحسست أنني ولدت من جديد. لأن مسألة بيعي لشخص آخر كانت واردة في أي لحظة".
أضافت ليلى: "في يوم من الأيام إذا توفر لي الوقت، سأذهب إلى تلك المنطقة، وسأتعرف على الأشخاص الذين كانوا يعتدون علينا، إذا بقـوا هناك. لا بد أن يأتي يوم نأخذ حقنا".
وعودة إلى العراق، قد لا يعرف الكثيرون من الناس أن العديد من العوائل والمنازل الموجودة في داخل مدينة الموصل أصبحت مأوى لعشرات الفتيات اللاتي استخدمن كجوارٍ وسبايا، وكان الأمر جزءا من تنفيذ الخطة الاستراتيجية الخاصة لداعش في التعامل مع النساء الأيزيديات المختطفات، حيث تم توزيع أعداد كبيرة منهن في المنازل الخاصة للقادة المحليين، وخاصة تلك المنازل الفارغة التي اتخذت كمقار و"مواخير" لهم في الموصل وتلعفر، فكان في كل منزل بين ثلاث إلى خمس فتيات، وفي بعض منها فتاتان، ومنازل عديدة فتاة أو امرأة واحدة.
ومن خلال المتابعة لهذا الأمر (والقول لمؤلف الكتاب)، استطعنا تحديد أكثر من موقع من هذا الشكل في الموصل وأطرافها، في بعاج وتلعفر ربيعة وغيرها من المناطق، وخصوصاً في الأشهر الأربعة الأولى بعد الغزوة، أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني 2014. الظروف والأحوال التي مرت على هؤلاء النساء تمثّل شكلاً ووجهاً آخر من قصة المعاناة، والإسـاءة إلى الأيزيدية، وصورة لتدهور القيم الأخلاقية في القرن الواحد والعشرين. فتيات بعمر الزهور يصبحن سبايا بين عوائل، ويتعرضن إلى أشكال مختلفة من التعذيب والإساءة والإهانة وإجبارهن على ترك ديانتهن وأعتناق الإسلام.
في واحد من المنازل، الواقع على مشارف مدينة الموصل شرقاً، وصفت فتاة كانت قد نجت من قبضة داعش الأوضاع بالقول: "منذ اليوم الأول لشرائنا من قبل أحد الرجال عندما كنا حوالي مئتي فتاة وامرأة في أحد قصور صدام في الأسبوع الثاني من أغسطس، كنا ثلاث فتيات، قيل لنا إن رجلين قد قاما بشرائنا من واحد من المواقع ـ القصر الكبير لصدام، كان سجنا مفتوحا خلال أسبوعين تم نقل أكثر من امرأة إليه وأخذت منه أكثر من واحدة، في عمليات بيع وشراء ومنح النساء كهدايا.
اقرأ أيضا:الأيزيديات... الموت الأسود [1/6]: خطف نساء سنجار
في مساء يوم حار جدا كنا قد سمعنا بمذبحة كوجو وكانت الكثيرات من النساء في نحيب مستمر، تم نقلنا إلى منزل كبير شرقي مدينة الموصل، ثم لاحظت أن هناك فتاة رابعة أيضا قد جلبت للمنزل. كان المنزل ذو طابقين يتوافد إليه أحيانا خمسة وأحيانا أخرى سبعة رجال.
استُخدمنا كجوارٍ وعبيد، نغسل ملابسهم ونرفع قذاراتهم، ونمسح أحذيتهم ونهيئ الطعام، ونخدمهم ونلبي جميع طلباتهم. أحيانا كانوا يغيبون يوماً أو يومين، ولكن للأسف لم نكن نستطيع الإفلات بأي شكل كان. كانوا يقفلون الأبواب بإحكام، وأحيانا كان أحدهم يبقى في المنزل ليحرسنا.
بعد اليوم الرابع، هربت الفتاة التي لم نكن قد تعرفنا عليها جيدا بعد، وقيل لنا، أعتقد أنه من أجل إخافتنا، إنه تم سجنها وتعذيبها لعدة أيام، ومن ثم تم بيعها لرجل آخر في ناحية الشورة ـ جنوب غرب الموصل".
وأضافت الفتاة "بعد أيام، علمنا بوجود ثلاثة مجاميع أخرى مثلنا قريبة في المنطقة نفسها. فتيات ونساء، بين ثلاث أو خمس، في منازل متفرقة، لم نكن نستطيع أن نتواصل معهن للأسف، لأنه كان يمنع علينا الخروج أو التحرك أو حتى في الكثير من الأحيان كان ممنوعا علينا الدخول لباحة المنزل".
وأشارت سناء (26 سنة)، إلى أن "أسوأ الأحوال في تلك المنازل كانت تتمثل بإجبارنا على الصلاة خمس مرات في اليوم، وأصعب الأمور هو غسل قذارة الرجال. كانوا قذرين عندما يعودون للمنزل، كانوا وسخين جدا، ولا أنسى يوم قدِم أحد الرجال مساء أحد الأيام وكان يبدو مهلوسا أو سكيرا، لم أميّز، وقف في باحة المنزل وطلب منا أن نجرده من ملابسه لأنه لم يستطع. كانت الرائحة التي تفوح منه غريبة جدا".
وتضيف سناء: "مضت أكثر من ثلاثة أسابيع وأصبح مسموحا لنا أحيانا أن نخرج للحي ونزور منزلين أو ثلاثة محددة فقط، لأنهم كانوا من أعوانهم، وكنا نخاف الخروج كثيرا، إلا أن هذا الأمر ساعدنا لكي نعرف أين نحن".
وتابعت سناء، التي استطاعت الهرب في إحدى الليالي بعدما استطاعت أن تقنع الحارس بأنها ستذهب إلى منزل قريب لجلب حاجة ملحة تخص قضايا النساء: "العيش في تلك المنازل بالنسبة لنا كان الجحيم بعينه، فهؤلاء الرجال لا يقدّرون قيمة الإنسان، ولم يكونوا يمتلكون ذرة من المشاعر. وأصعب شيء بالنسبة لي هو عندما كانت تتم معاقبة إحدى الفتيات داخل المنزل أو أمامنا حتى نشعر بالإهانة ونخاف. كانت الكثير من الليالي مرعبة لنا. لاي مكن وصف كل شيء، فأنتم تعرفون الباقي".
وتساءلت: "كيف تتصور أن يكون الحال خمسة رجال لا يجمعهم شيء في ذلك المنزل سوى قضاء الليل والشهوة، لا يجمعهم سوى الجوع للمرأة، لا يجمعهم شيء سوى أنهم كانوا وحوشاً في شكل بشر، لا يجمعهم شيء سوى التفكير والقول والفعل بأن المرأة الأيزيدية ليست سوى سلعة رخيصة. فعدا الأعمال المتعبة، كانت مسألة عدم احترامنا وشعورنا بأننا نعيش في مذلّة هي أصعب شيء".
وتتابع سناء: "في تلك الأثناء عرفنا من خلال اتصالات ببعض الفتيات قصصاً رهيبة تعرّضت لها الأيزيديات في منازل عوائل موصلية. وعرفنا كم كانت الأوضاع قاسية بالنسبة لهم". ما جرى لسناء ما زال يحدث لفتيات في الموصل، لا يزلن سبايا داخل منازل ، منازل خاصة برجالات داعش، ومنازل لعوائل رجالها يعملون مع التنظيم في الموصل وأطراف المدينة.
ومن القصص التي لا يمكن لأي شخص أن يصدقها هي ما ترويه شهيا (24 سنة)، فتاة متعلمة جرى الاتصال بها منذ شهر سبتمبر/أيلول 2014 والى الآن، تنقلت في أكثر من موقع، واستقرت لدى عائلة لقيادي داعشي، كثيرا ما تشير إلى حجم مآسيها ومعاناتها، وكثيرا ما تصف العيش مع عوائل التنظيم أو مع عوائل موصلية بأنه لا يقل هواناً عن أي سجن، تقول: "ليس لدينا قيمة عندهم، لا أعرف لماذا خلقنا الرب هكذا"، قالتها لكاتب هذا الكتاب في اتصال هاتفي مرة بعدما تعرضت لإهانة من شقيقة ذلك القيادي منتصف فبراير/شباط 2015.
ولكن شهيا، التي كانت فترة من الفترات تزور الفتيات الموجودات في المنطفة مع عوائل جنوب شرق الموصل، تقول: "صدقني أيها العزيز أن هذه العوائل تفتخر وتظهر أبّهتها بإيوائنا، نحن الذين لا حول لنا ولا قوة، لا بل يتمادون في الإساءة إلينا ومعاملتنا بشكل سيئ فعلا كما كنا نشاهده في الأفلام في ما يخص الجواري، وكثيرا ما يكون تعرّض الفتيات إلى مضايقات وإهانات مستمرة سببا لمحاولاتهن الانتحار، وقامت واحدة بهذا الأمر فاستطاعوا إنقاذها، وحاولت الهرب بعدها بفترة لكنها تعرضت لأبشع صنوف التعذيب أمام أنظار أهل المنطقة، وبعدها لم نعرف ماذا حل بها".
اقرأ أيضا:الأيزيديات... الموت الأسود [2/6]: جحيم رحلة السبي
فتاة في الثامنة عشرة من العمر وصفت بقاءها في منزل أحد الداعشيين لمدة تسعة أيام بالقول: "لا أريد أن أتذكر تلك الأيام ولا أعرف كيف سأنساها وأمحوها من ذاكرتي لكي لا تصبح جزءا من حياتي"، وأضافت "إنهم وحوش جياع للجنس لا تتوفر في قلوبهم الرحمة، لا تهمهم أية قيم إنسانية. كانوا يتعاملون معنا بأقسى أنواع المعاملة"، وبكت وهي تصف ضربه لها عندما رفضت خدمة ضيوفه، قائلة "كانوا يهينونني ويستخفّون بديانتي وأهلي، والصفع على الوجه حتى مزاحا كان أمرا عاديا يحصل يوميا عدة مرات".
شهادة أخرى من سورية، إذ أشارت ليلى، وهي في الـ25 من العمر، "كل يوم كنت أسمع بتعرض فتيات ونساء للضرب أو للبيع بين المقاتلين في مدينة الرقة، أو تزويجهن بالقوة لرجال من داعش، وخاصة المقاتلين العرب، الذين كانوا يتركونهن بسرعة ويختفون من المنطقة، فيأتي رجال آخرون ليبعوننا أو يهدوننا لرجال ومقاتلين آخرين. وعندما استقريت في أحد المنازل مع عائلة سورية كانت قد اشترتني بمبلغ لم يقولوا لي كم هو، استقريت لمدة ثلاثة أشهر، كنت أعمل كخادمة أمارس الأعمال المنزلية، وكان يأتي بين فترة وأخرى رجال ليشاهدونني، يعرضني عليهم صاحب المنزل بغية بيعي إليهم. واستغليت فترة بقائي هناك لأعرف المنطقة جيدا، وأحيانا كنت أخرج مع زوجته إلى السوق، وعرفت الطرق والمسالك. وفي أحد الأيام استطعت الذهاب إلى محل إنترنت لأطلب من شخص هناك أن يصلني برقم هاتف، ففعل، وأعلمت أهلي بوجودي هناك فطمأنوني وقالوا إنهم سيرسلون شخصا لكي يدقق في العنوان ويتصل بي.
انتظرت ثلاثة أيام لأرى الشخص المعني أمام باب المنزل، فأشرت له بالانتظار، وقلت لسيدة المنزل (أم غفران) وكان ذلك اسمها، بأنني ساذهب لشراء بعض الخضار فأعطتني مبلغا بسيطا من المال، وبسرعة خرجت من المنزل ولم أعد إليه. لكنني ما زلت أحمل الكثير من الألم الذي تلقيته هناك. وعندما نجوت أحسست أنني ولدت من جديد. لأن مسألة بيعي لشخص آخر كانت واردة في أي لحظة".
أضافت ليلى: "في يوم من الأيام إذا توفر لي الوقت، سأذهب إلى تلك المنطقة، وسأتعرف على الأشخاص الذين كانوا يعتدون علينا، إذا بقـوا هناك. لا بد أن يأتي يوم نأخذ حقنا".
وعودة إلى العراق، قد لا يعرف الكثيرون من الناس أن العديد من العوائل والمنازل الموجودة في داخل مدينة الموصل أصبحت مأوى لعشرات الفتيات اللاتي استخدمن كجوارٍ وسبايا، وكان الأمر جزءا من تنفيذ الخطة الاستراتيجية الخاصة لداعش في التعامل مع النساء الأيزيديات المختطفات، حيث تم توزيع أعداد كبيرة منهن في المنازل الخاصة للقادة المحليين، وخاصة تلك المنازل الفارغة التي اتخذت كمقار و"مواخير" لهم في الموصل وتلعفر، فكان في كل منزل بين ثلاث إلى خمس فتيات، وفي بعض منها فتاتان، ومنازل عديدة فتاة أو امرأة واحدة.
ومن خلال المتابعة لهذا الأمر (والقول لمؤلف الكتاب)، استطعنا تحديد أكثر من موقع من هذا الشكل في الموصل وأطرافها، في بعاج وتلعفر ربيعة وغيرها من المناطق، وخصوصاً في الأشهر الأربعة الأولى بعد الغزوة، أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني 2014. الظروف والأحوال التي مرت على هؤلاء النساء تمثّل شكلاً ووجهاً آخر من قصة المعاناة، والإسـاءة إلى الأيزيدية، وصورة لتدهور القيم الأخلاقية في القرن الواحد والعشرين. فتيات بعمر الزهور يصبحن سبايا بين عوائل، ويتعرضن إلى أشكال مختلفة من التعذيب والإساءة والإهانة وإجبارهن على ترك ديانتهن وأعتناق الإسلام.
في واحد من المنازل، الواقع على مشارف مدينة الموصل شرقاً، وصفت فتاة كانت قد نجت من قبضة داعش الأوضاع بالقول: "منذ اليوم الأول لشرائنا من قبل أحد الرجال عندما كنا حوالي مئتي فتاة وامرأة في أحد قصور صدام في الأسبوع الثاني من أغسطس، كنا ثلاث فتيات، قيل لنا إن رجلين قد قاما بشرائنا من واحد من المواقع ـ القصر الكبير لصدام، كان سجنا مفتوحا خلال أسبوعين تم نقل أكثر من امرأة إليه وأخذت منه أكثر من واحدة، في عمليات بيع وشراء ومنح النساء كهدايا.
اقرأ أيضا:الأيزيديات... الموت الأسود [1/6]: خطف نساء سنجار
في مساء يوم حار جدا كنا قد سمعنا بمذبحة كوجو وكانت الكثيرات من النساء في نحيب مستمر، تم نقلنا إلى منزل كبير شرقي مدينة الموصل، ثم لاحظت أن هناك فتاة رابعة أيضا قد جلبت للمنزل. كان المنزل ذو طابقين يتوافد إليه أحيانا خمسة وأحيانا أخرى سبعة رجال.
استُخدمنا كجوارٍ وعبيد، نغسل ملابسهم ونرفع قذاراتهم، ونمسح أحذيتهم ونهيئ الطعام، ونخدمهم ونلبي جميع طلباتهم. أحيانا كانوا يغيبون يوماً أو يومين، ولكن للأسف لم نكن نستطيع الإفلات بأي شكل كان. كانوا يقفلون الأبواب بإحكام، وأحيانا كان أحدهم يبقى في المنزل ليحرسنا.
بعد اليوم الرابع، هربت الفتاة التي لم نكن قد تعرفنا عليها جيدا بعد، وقيل لنا، أعتقد أنه من أجل إخافتنا، إنه تم سجنها وتعذيبها لعدة أيام، ومن ثم تم بيعها لرجل آخر في ناحية الشورة ـ جنوب غرب الموصل".
وأضافت الفتاة "بعد أيام، علمنا بوجود ثلاثة مجاميع أخرى مثلنا قريبة في المنطقة نفسها. فتيات ونساء، بين ثلاث أو خمس، في منازل متفرقة، لم نكن نستطيع أن نتواصل معهن للأسف، لأنه كان يمنع علينا الخروج أو التحرك أو حتى في الكثير من الأحيان كان ممنوعا علينا الدخول لباحة المنزل".
وأشارت سناء (26 سنة)، إلى أن "أسوأ الأحوال في تلك المنازل كانت تتمثل بإجبارنا على الصلاة خمس مرات في اليوم، وأصعب الأمور هو غسل قذارة الرجال. كانوا قذرين عندما يعودون للمنزل، كانوا وسخين جدا، ولا أنسى يوم قدِم أحد الرجال مساء أحد الأيام وكان يبدو مهلوسا أو سكيرا، لم أميّز، وقف في باحة المنزل وطلب منا أن نجرده من ملابسه لأنه لم يستطع. كانت الرائحة التي تفوح منه غريبة جدا".
وتضيف سناء: "مضت أكثر من ثلاثة أسابيع وأصبح مسموحا لنا أحيانا أن نخرج للحي ونزور منزلين أو ثلاثة محددة فقط، لأنهم كانوا من أعوانهم، وكنا نخاف الخروج كثيرا، إلا أن هذا الأمر ساعدنا لكي نعرف أين نحن".
وتابعت سناء، التي استطاعت الهرب في إحدى الليالي بعدما استطاعت أن تقنع الحارس بأنها ستذهب إلى منزل قريب لجلب حاجة ملحة تخص قضايا النساء: "العيش في تلك المنازل بالنسبة لنا كان الجحيم بعينه، فهؤلاء الرجال لا يقدّرون قيمة الإنسان، ولم يكونوا يمتلكون ذرة من المشاعر. وأصعب شيء بالنسبة لي هو عندما كانت تتم معاقبة إحدى الفتيات داخل المنزل أو أمامنا حتى نشعر بالإهانة ونخاف. كانت الكثير من الليالي مرعبة لنا. لاي مكن وصف كل شيء، فأنتم تعرفون الباقي".
وتساءلت: "كيف تتصور أن يكون الحال خمسة رجال لا يجمعهم شيء في ذلك المنزل سوى قضاء الليل والشهوة، لا يجمعهم سوى الجوع للمرأة، لا يجمعهم شيء سوى أنهم كانوا وحوشاً في شكل بشر، لا يجمعهم شيء سوى التفكير والقول والفعل بأن المرأة الأيزيدية ليست سوى سلعة رخيصة. فعدا الأعمال المتعبة، كانت مسألة عدم احترامنا وشعورنا بأننا نعيش في مذلّة هي أصعب شيء".
وتتابع سناء: "في تلك الأثناء عرفنا من خلال اتصالات ببعض الفتيات قصصاً رهيبة تعرّضت لها الأيزيديات في منازل عوائل موصلية. وعرفنا كم كانت الأوضاع قاسية بالنسبة لهم". ما جرى لسناء ما زال يحدث لفتيات في الموصل، لا يزلن سبايا داخل منازل ، منازل خاصة برجالات داعش، ومنازل لعوائل رجالها يعملون مع التنظيم في الموصل وأطراف المدينة.
ومن القصص التي لا يمكن لأي شخص أن يصدقها هي ما ترويه شهيا (24 سنة)، فتاة متعلمة جرى الاتصال بها منذ شهر سبتمبر/أيلول 2014 والى الآن، تنقلت في أكثر من موقع، واستقرت لدى عائلة لقيادي داعشي، كثيرا ما تشير إلى حجم مآسيها ومعاناتها، وكثيرا ما تصف العيش مع عوائل التنظيم أو مع عوائل موصلية بأنه لا يقل هواناً عن أي سجن، تقول: "ليس لدينا قيمة عندهم، لا أعرف لماذا خلقنا الرب هكذا"، قالتها لكاتب هذا الكتاب في اتصال هاتفي مرة بعدما تعرضت لإهانة من شقيقة ذلك القيادي منتصف فبراير/شباط 2015.
ولكن شهيا، التي كانت فترة من الفترات تزور الفتيات الموجودات في المنطفة مع عوائل جنوب شرق الموصل، تقول: "صدقني أيها العزيز أن هذه العوائل تفتخر وتظهر أبّهتها بإيوائنا، نحن الذين لا حول لنا ولا قوة، لا بل يتمادون في الإساءة إلينا ومعاملتنا بشكل سيئ فعلا كما كنا نشاهده في الأفلام في ما يخص الجواري، وكثيرا ما يكون تعرّض الفتيات إلى مضايقات وإهانات مستمرة سببا لمحاولاتهن الانتحار، وقامت واحدة بهذا الأمر فاستطاعوا إنقاذها، وحاولت الهرب بعدها بفترة لكنها تعرضت لأبشع صنوف التعذيب أمام أنظار أهل المنطقة، وبعدها لم نعرف ماذا حل بها".
اقرأ أيضا:الأيزيديات... الموت الأسود [2/6]: جحيم رحلة السبي