رغم الموجات الفنية التي وفدت إلى العراق، والمرتبطة بالتقلّبات السياسية والحروب التي عاشها، ودخول الأساليب الغربية أكثر على موسيقاه، إلّا أن المقام العراقي ظلّ محافظاً على خصوصيّته وجماهريّته، داخل البلاد وخارجها.
ربّما، تظل هناك تساؤلات حول إمكانية صمود هذا الفن أمام موجات الغناء الحديث التي تجد رعايةً من شركات إنتاج تُروّج لها، مقابل ما يشهده المقام من إهمال؛ لكن هذا لا ينفي أن حفلاً لقارئ المقام العراقي، حسين الأعظمي، سيمرّ مرور الكرام.
في السادس من الشهر الجاري، تُنظّم "دار الأوبرا السلطانية" في مسقط، حفلاً يجمع بين الأعظمي (1952)، وبيدر البصري (1980)، تحت عنوان "موسيقى العراق". يُقدِّم الحفل، إذن، فنانان من جيلين مختلفين، ينتميان إلى جذرٍ موسيقيّ واحد.
بينما يُحافظ الأعظمي على الأسلوب التقليدي في تأدية المقام، من خلال الاستناد إلى الآلات الأساسية في العراق؛ السنطور والجوزة والطبلة والدنبك والرق، وغناء المقام عبر مواويل تحتوي أبياتاً من الشعر القديم، تحاول البصري الخروج من تلك القوالب، موزّعةً أعمالها على آلاتٍ تراثية وحديثة، من دون أن تُفقد المقام خصوصيّته.
في أدائها، تركز البصري على معرفتها الأكاديمية للغناء الأوبرالي؛ إذ درسته في سورية، ثمّ في هولندا حيث تُقيم الآن. هكذا، تسعى الفنانة إلى تكريس القدرات الأوبرالية في صوتها، من أجل تقديم أداءٍ مختلف للأغنية العراقية، إذ لا تؤدّي المقامات بصورتها الخام كما لدى الأعظمي، وإنّما تلجأ إلى قالب الأغنية الممزوجة بالمواويل، وتستعرض فيها قدرات المقام نفسه.
هكذا، يجمع الحفل بين أسلوبين مميزين في تأدية المقام العراقي؛ الأول ينتمي إلى التراث، والثاني يذهب بالمقام إلى قوالب حديثةٍ من شأنها أن توسّع من مساحاته الإيقاعية والصوتية.
اقرأ أيضاً: المقام العراقي.. أقول وقد