قال رئيس هيئة مكافحة الفساد في الأردن سميح بينو، في حديث خاص لـ "العربي الجديد" إن محاربة الفساد في بلاده تسير بالاتجاه الصحيح، مدعومة بإرادة سياسية على أعلى المستويات بهدف المحافظة على المال العام، والتصدي لأية تجاوزات سواء كانت مالية أو اعتداء على ممتلكات الدولة، وقال إن بلاده استردت نحو 36 مليون دولار من أموال الفساد خلال العام الماضي 2013.
وأضاف أن الهيئة تعاملت العام 2008 مع كثير من قضايا الفساد، من خلال المتابعة المباشرة والشكاوى والأخبار التي كانت تردها من قبل مواطنين والجهات ذات العلاقة، مشيرا إلى أنه تمت إحالة العديد من القضايا إلى القضاء بعد التأكد من صحة الشكوى المقدمة، معززة بالوثائق والأدلة فيما تم حفظ أخرى لعدم توفر الأدلة وبعضها كانت كيدية.
وقال بينو إن الهيئة تعاملت مع نحو 3732 قضية فساد وإخطارات قدمت اليها، وذلك منذ العام 2008 وحتى منتصف الشهر الماضي حفظ منها 2893 قضية؛ بسبب نقص الأدلة والمعززات ولأن بعض الشكاوى المقدمة إليها كانت كيدية.
وأشار إلى أنه تمت إحالة 557 قضية منها إلى القضاء وصدرت أحكام مختلفة بشأنها.
وقال إن 183 قضية ما زالت قيد التحقيق والبحث لدى الهيئة، و99 قضية تم دمجها بأخرى للتشابه فيما بينها واشتراك الشخص في أكثر من قضية فيها أو إحالة بعضها إلى جهات أخرى بحكم الاختصاص.
وأشار إلى أن الهيئة لعبت دوراً مهماً في استرداد أموال للخزينة بحكم القضايا المحالة للقضاء، حيث بلغت المبالغ المستردة العام الماضي فقط نحو 36 مليون دولار، وكذلك تم استرداد آلاف الدونمات من الأراضي التي استولى عليها أشخاص بدون وجه حق .
وكشف بينو أن هناك استرادات كبيرة تمت خلال الأعوام السابقة، لكن من الصعب تحديد قيمتها كون صاحب الفصل فيها كان القضاء. وقال إن هيئة الفساد مسؤوليتها وضع يدها على بؤر الفساد وإحالتها، مدعمة بالوثائق إلى الجهات القضائية المختصة.
وفيما إذا كانت الهيئة تتعرض لضعوطات تؤثر على عملها، أكد بينو: لا تمارس علينا أي ضغوطات، وإننا نعمل بقوة القانون والإرادة السياسية، في إشارة منه إلى الدعم الذي يعطيه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لهيئة مكافحة الفساد والجهات الرقابية الأخرى وتأكيداته الدائمة على محاربة الفساد بكافة أشكاله.
وقال بينو إن الهيئة الآن وبعد تعاملها مع عدد كبير من قضايا الفساد، تركز أيضاً على جوانب التوعية والوقاية من الفساد.
وأشار التقرير السنوي لهيئة مكافحة الفساد، إلى أنها تعاملت خلال العام الماضي مع 1808 شكاوى وأخبار حفظ منها 1151 شكوى، فيما تعامل قسم المعلومات والتحقيق مع 230 قضية، حول منها 74 قضية إلى المدعي العام المنتدب منها %50 في القطاع الخاص.
وأوضح التقرير أنه تم حفظ 75 قضية، منها 50 قضية لعدم وجود شبهات فساد أو لأنها شملت بقانون العفو العام.
وفصل الادعاء العام خلال عام 2013 في 61 قضية وشكوى من أصل 108 قضايا وشكاوى، حيث قال المسؤول في هيئة مكافحة الفساد، إن الهيئة ساهمت من خلال القضايا التي نظرت بها باسترداد ما يزيد على 25 مليون دينار (35.23 مليون دولار) إضافة إلى استرداد بعض الأراضي إلى خزينة الدولة كان قد استولى عليها بعض الأشخاص.
وما زالت قضايا الفساد تشكل أحد المطالب الاساسية للحركات الاحتجاجية التي شهدها الأردن، وخاصة إبان بزوغ الربيع العربي، حيث نشطت الهيئة والجهات الرقابية في كشف الفاسدين وتحويلهم إلى القضاء.
ومن أبرز قضايا الفساد المثيرة التي شهدها الأردن، قضية مدير المخابرات الأسبق سميح البطيخي الذي كان يعتبر الرجل الأقوى في أركان حكم الدولة، أيام العاهل الأردني الراحل الملك الحسين، وتم اكتشاف تورطه بقضايا فساد في عهد العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني.
وتمثلت القضية بحصول الجنرال البطيخي على مئات الملايين، عن طريق صفقات وهمية لدائرة المخابرات، وكادت القضية أن تدمر بنوكا محلية، لولا تدخل الحكومة بقوة، وإجراءات البنك المركزي الأردني لتطويق الأزمة التي ألمت بالجهاز المصرفي. وحكم على البطيخي بالسجن وبعدها بالإقامة الجبرية.
وتبع تلك القضية تورط مدير آخر للمخابرات؛ هو محمد الذهبي شقيق رئيس الوزراء الأردني الأسبق نادر الذهبي بقضايا فساد مالي وإداري، ويمضي الآن عقوبة بالسجن بتهمة الفساد واستغلال وظيفته لمصالح شخصية.
وكان مشروع التخصيص من أكثر الملفات المثيرة للجدل في الأردن، حيث تدور شبهات فساد حول عمليات بيع شركات حكومية بأسعار منخفضة، وحصول مسؤولين كبار على عملات بمئات الملايين وبعض هذه القضايا قيد التحقيق.
يذكر أن وفداً أوروبياً زار الأردن أخيراً وعقد عدة لقاءات، وشملت إحدى هذه اللقاءات الأنشطة التي يقوم بها البرنامج، والهادفة إلى تعزيز فرص التعاون، وتقديم الخبرات والمساعدة في مجال تعزيز حقوق الإنسان ومكافحة الفساد وتعزيز سبل النزاهة.