الأردن: تصريحات "ثوريّة" للنسور ضد إسرائيل... وتمسّك بالعلاقات!

04 اغسطس 2014
النسور يتجاهل المطالب الشعبية بقطع العلاقات (خليل مزرعاوي/Getty)
+ الخط -

وصف رئيس الوزراء الأردني، عبد الله النسور، يوم الأحد، إسرائيل، التي ترتبط مع بلاده بمعاهدة سلام، وتتبادل معها العلاقات الدبلوماسية، بـ"العدو"، وهو الوصف الذي لم يعتد الأردنيون سماعه من رئيس وزراء في منصبه، منذ توقيع معاهدة وادي عربة للسلام عام 1994.

وواجه رئيس الوزراء، المعروف ببلاغته، العدوان الإسرائيلي، خلال جلسة مجلس الوزراء التي خصصت لمناقشة التطورات التي يشهدها قطاع غزة، بكل عدّته البلاغية، واصفاً الهجمة الاسرائيلية بالبربرية والوحشية.

وأطلق النسور، في التصريحات التي نقلتها عنه وكالة الانباء الأردنية (بترا)، وصف: "الشهر الأسود" على ما يعشيه القطاع، معتبراً أن ما اقترفته القوات الإسرائيلية من مجازر، وعمليات قتل جماعي للمدنيين الأبرياء العُزّل، صفعة في وجه الإنسانية.

ووصلت "الثورة اللغوية" برئيس الوزراء حدّ إعلانه بأن "المطلوب من الأردن سنقوم به مهما كلّف الثمن".

غير أن "مهما كلّف الثمن"، لم تشمل قطع العلاقات الدبلوماسية مع "العدو البربري الوحشي مرتكب المجازر"، كما وصفه، وهو ما بات مطلباً شعبياً أردنياً.

وختم النسور هجومه على إسرائيل بدفاعه عن ضرورة استمرار العلاقات الدبلوماسية معها، وكأن لسان حاله يقول: "الأردن يحافظ على علاقاته مع إسرائيل مهما كلّف الثمن".

واستخدم النسور في وصفه لما يحدث في غزة، ومحاولة مَن يسعون إلى تحويلها لمشكلة أردنية، مثلاً شعبياً يستخدم بديلاً لعبارة "لأتفه سبب"، عندما قال: "هناك كثير من الناس، كلما دقّ الكوز بالجرّة، في أي قطر من الأقطار، يأتوا بالمشكلة إلى الأردن، ويحاولوا إظهار أن الدولة الأردنية مقصّرة، وأن وجه القصور الذي يتحدثون عنه يتمثّل في سحب السفير الأردني من تل أبيب، والسفير الإسرائيلي من الأردن".

ودافع النسور عن عدم سحب السفير، الذي لا يحتاج، بحسبه، "سوى لتلفون"، مستنداً إلى حساب الأرباح والخسائر، فقد اعتبر أن الأردن والشعب الفلسطيني هما الخاسران، وسرد الأسباب قائلاً: "سفيرنا موجود لخدمة مصالح أبناء الضفة الغربية، الذين تمر طريقهم فقط من الأردن، وكذلك الأمر بالنسبة لبضائعهم ودوائهم وسفرهم ورحلاتهم إلى العمرة والحج، والأمر ينطبق أيضاً على أبناء عرب الـ48 وقطاع غزة".

انتقادات حزبية

دفاع رئيس الوزراء عن علاقات بلاده الدبلوماسية مع إسرائيل، كان محل انتقاد، خاصة في ظل تنامي المطالبات الشعبية والحزبية والنقابية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل كرد فعل على العدوان على القطاع.

واعتبر المتحدث باسم جماعة "الإخوان المسلمين" في الأردن، مراد العضايلة، أن تصريحات رئيس الوزراء لا تليق بسياسي مخضرم، مشيراً، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن "المواقف عندما تتعلّق بدماء الشعوب، لا تُقاس كما قاسها الرئيس"، ومؤكداً على أن "الضغط بقطع العلاقات سيخدم الشعب الفلسطيني أكثر ممّا تخدمه الإغاثة الإنسانية التي تقدمها المملكة".

وذكًر العضايلة بموقف الملك الراحل، حسين بن طلال، عندما وضع العلاقات مع إسرائيل في كفّة، وحياة رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، خالد مشعل، في كفّة، عندما حاولت إسرائيل اغتياله على الأراضي الأردنية عام 1997.

أما الأمينة العامة لحزب "الشعب الديمقراطي" الأردني، عبلة أبو علبة، فانتقدت دفاع رئيس الوزراء عن استمرار العلاقات مع إسرائيل، وقالت إن "العلاقات المتميّزة بين الشعبين الفلسطيني والأردني، تستوجب موقفاً صلباً وواضحاً تجاه العدوان الهمجي".

ورغم تثمينها للجهود الإنسانية التي تقدمها المملكة لإغاثة غزة، إلا أنها أكدت، في حديثها لـ"العربي الجديد"، على أن المطلوب اليوم من الأردن إسناد غزة سياسياً، من خلال التقدم بمشروع قرار في مجلس الأمن يدين المجازر الإسرائيلية.

من جهته، فسّر الأمين العام للحزب "الشيوعي"، منير حمارنة، الموقف الأردني من العلاقات الدبلوماسية، في سياق الموقف الرسمي العربي الصعب والضعيف والعاجز عن التعامل بطريقة متقدمة مع الأحداث.

وقال الحمارنة، لـ"العربي الجديد"، إن الأهم من قطع العلاقات أن يأخذ العرب موقفاً يضعهم في مواجهة العدوان على الصعيد العالمي، وتابع: "اليوم نجد دولاً في أميركا اللاتينية سحبت سفراءها من إسرائيل احتجاجاً على العدوان الإسرائيلي، ولا يجوز أن تكون تلك الدول أكثر تقدماً منّا في الموضوع".

يشار إلى أنه لا تخلو فعالية في الأردن، منذ بدء العدوان على غزة، من المطالبة بطرد السفير الإسرائيلي من عمّان، واستدعاء السفير الأردني من تل أبيب، وقطع العلاقات الدبلوماسية وإلغاء اتفاقية السلام، فيما يواصل ناشطون الاعتصام يومياً مقابل السفارة الاسرائيلية في عمّان رافعين المطلب ذاته.

المساهمون