تعددت الوعود الحكومية في الأردن باتخاذ إجراءات لإنقاذ القطاع الصناعي، الذي يعاني من صعوبات ناجمة عن ارتفاع كلف الإنتاج واضطرابات المنطقة منذ عدة سنوات، ما أفقده العديد من أسواقه التصديرية، بينما ينتقد مختصون سياسة الحكومة، مشيرين إلى أن الإجراءات التي قامت بها حتى الآن لم تحقق أي نتائج لمساعدة القطاع.
ولم يخف وزير النقل ورئيس غرفة صناعة الأردن الأسبق أيمن حتاحت مخاوفه من احتمال تعرض القطاع الصناعي لمزيد من التراجع والتدهور بسبب الصعوبات التي يواجهها، مشيراً إلى أن العديد من المنشآت الصناعية اضطرت لإغلاق أبوابها وهناك أخرى مهددة بالمصير نفسه، بسبب الأعباء المالية التي تثقل كاهلها من ارتفاع للضرائب والرسوم الجمركية والزيادة الكبيرة التي طرأت على أسعار الطاقة.
وقال حتاحت لـ"العربي الجديد" إن التصدير إلى الأسواق العربية والأوروبية بات صعباً جداً لعدة أسباب، أهمها فقدان خط الترانزيت الوحيد أمام الصادرات الأردنية، والذي كان يمر من الأراضي السورية ويتجه إلى أوروبا وتركيا وغيرها من البلدان.
وأكد أهمية اتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ الصناعة، التي تعد أهم الأركان الاقتصادية في الأردن من حيث مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتجاوز 23 في المائة وتشغيلها عشرات الآلاف من الأيدي العاملة.
وأضاف أن عدة مصانع تتكبّد خسائر كبيرة كل عام، لكنها آثرت عدم التوقف عن العمل لحماية العاملين لديها، على أمل تحسن الظروف خلال الفترة القريبة، لافتا إلى أنه من دون تحقق ذلك ستضطر للتوقف عن العمل.
وسجل نمو الناتج المحلي للأردن تراجعا خلال الربع الثاني من العام الجاري بلغ 1.8 في المائة، يعود إلى عدة أسباب أهمها تراجع العديد من القطاعات الصناعية.
وكشفت بيانات رسمية حصلت عليها "العربي الجديد" عن تواضع حجم الصادرات الأردنية إلى الأسواق الأوروبية رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على القرار الأوروبي القاضي بتبسيط قواعد المنشأ أمام السلع الأردنية.
واشترط الاتحاد الأوروبي على الأردن توفير فرص عمل للأيدي العاملة من اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيه في المصانع.
وكانت الحكومة تعول كثيراً على هذا القرار من أجل زيادة حجم الصادرات ومساعدة الصناعة على تحسين فرصها التصديرية إلى أوروبا التي يرتبط معها الأردن باتفاقية شراكة تجارية منذ أكثر من 15 عاماً.
ووفقا للبيانات فإن 10 شركات أردنية فقط حصلت على موافقات واستكملت شروط التصدير إلى أوروبا بموجب قرار تبسيط قواعد المنشأ وبلغت صادراتها خلال 3 سنوات حوالي 50 مليون دولار فقط، فيما تتجاوز قيمة واردات الأردن من السلع الأوروبية 5 مليارات دولار.
وقال رئيس جمعية المصدرين الأردنيين عمر أبو وشاح إن المصدر الأردني واجه خلال السنوات الماضية تحديات كبيرة كان أبرزها فقدان الأسواق التقليدية، ما دفع الجمعية إلى تنظيم برامج ترويجية لفتح أسواق أخرى والتركيز على تنظيم المعارض والبعثات التصديرية وتطوير برامج تدريبية لرفع كفاءة الصناعيين في ما يتعلق بالتصدير.
وأضاف أبو وشاح أن الظروف الصعبة التي تمر على الصناعة الوطنية اليوم تتطلب اتخاذ قرارات تحفيزية سريعة لتخفيض كلف الإنتاج ودعم تنافسية المنتجات، مشيراً إلى أن القطاع الصناعي يشغل نحو 250 ألف عامل.
وأكد ضرورة الإسراع في إقرار الحوافز الضريبية التي تعهدت بها الحكومة للقطاع الصناعي، مؤكداً أنها ستخفف من ارتفاع كلف الإنتاج وستزيد من قدرة المصدرين على المنافسة، ما يسهم في تعزيز احتياطيات المملكة من العملات الأجنبية وتوفير المزيد من فرص العمل.
وكان وزير الصناعة والتجارة والتموين طارق الحموري قد أكد خلال لقاء مع جمعية المصدرين قبل أيام، التزام الحكومة بتطبيق الحوافز الضريبية للقطاع الصناعي بأثر رجعي اعتباراً من بداية العام الحالي، مشيراً إلى أن الظروف الصعبة التي واجهت الاقتصاد خلال الفترة الماضية، لم تكن للحكومة علاقة بها.
لكن رئيس غرفة صناعة الأردن فتحي الجغبير قال لـ"العربي الجديد" إن الحكومة تتجاهل واقع القطاع الصناعي من خلال عدم تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل مع البلدان التي تعيق دخول المنتجات الأردنية إلى أسواقها، وفي المقابل تدخل منتجات تلك البلدان إلى الأردن بدون أي قيود.
وأضاف الجغبير أن القطاع الصناعي يعتبر من أكثر القطاعات الاقتصادية معاناة، رغم أهميته الكبيرة للاقتصاد والمواطنين، مشيرا إلى أهمية الإسراع باتخاذ قرارات ناجعة لانتشال الصناعة من أزمتها والمحافظة على الأيدي العاملة.