الأدوية البيطرية الفاسدة تغزو الأسواق المصرية

30 نوفمبر 2019
مخاوف على الثروة الحيوانية في مصر (العربي الجديد)
+ الخط -
تشهد الأسواق المصرية اتساعاً لظاهرة الأدوية البيطرية المغشوشة والمقلدة أو المضروبة لعلاج الأمراض الموسمية التي تصيب الحيوانات والثروة الداجنة، خاصة الأمراض التي تزيد انتشاراً في فصل الشتاء، كمرض الحمى القلاعية وحمى الوادي المتصدع ومرض الجدري ومرض الطاعون التي تطاول الأبقار والجواميس والأغنام.

بالإضافة إلى مرض أنفلونزا الطيور والأمراض البكتيرية والطفيلية التي تصيب الطيور والنتيجة خسائر بالمليارات من الجنيهات، بسبب عدم فعالية الأدوية. 

ويعد فصل الشتاء في مصر موسماً للأمراض المستوطنة والمحورة وراثياً التي تطاول الثروة الحيوانية. هذه الأمراض تنشط نتيجة هبوط درجة الحرارة ويؤدي تناول الأدوية البيطرية المغشوشة إلى نفوق المواشي والطيور كما هو المعتاد كل عام، دون تحرك فعال وحقيقي من الأجهزة التنفيذية المسؤولة والأجهزة الرقابية، ما يؤدي إلى خسائر فادحة للاقتصاد المصري وللمربين. وتعتبر تربية المواشي قطاعاً أساسياً للمزارعين والمربين في محافظات مصر.

وتنتقل الأدوية الفاسدة إلى الإنسان من خلال تناول لحوم الطيور والمواشي المصابة، وتؤدي "متبقيات السموم" بجسم الإنسان إلى أمراض عدة، على رأسها الفشل الكلوي والكبدي وأورام خبيئة، والأنيميا والأورام السرطانية والاضطرابات الهرمونية بالجسم.

ويرى الدكتور البيطري ياسر محمود أن ارتفاع أسعار الادوية البيطرية واختفاء الأدوية الجيدة منها في السوق، وراء دخول العشرات من أطنان الأدوية البيطرية الفاسدة، وانتشار مصانع "بير السلم" التي تغش الأدوية، فضلاً عن انتشار منافذ بيعها غير المرخصة، التي يشرف عليها غير البيطريين، وتقدم أدوية منتهية الصلاحية ومغشوشة.

ويلفت إلى أن هناك رقابة رخوة من أجهزة الدولة المعنية بالغش التجاري، حيث انتشرت الشركات الوهمية التي تخصصت في بيع أدوية مغشوشة تسببت في نفوق العديد من القطعان. كما توجد مخازن عديدة تقوم بغش الأدوية البيطرية داخل القرى بعيدًا عن الجهات الرقابية.

ويشدد الدكتور محمود على أن مصر عاجزة تماماً عن إنتاج الأمصال واللقاحات الخاصة بتطعيمات الماشية ضد الفيروسات والأوبئة المنتشرة خلال فصول العام، خاصة الشتاء، مشيرا إلى أن مصر تنتج 15% فقط من تلك اللقاحات بينما تستورد الـ85% المتبقية من الخارج.

ويلفت الدكتور محمود إلى أن أعمال الغش في تصنيع أو بيع الأدوية البيطرية أصبح من الصعب السيطرة عليها من قبل الهيئة العامة للخدمات البيطرية المنوط بها حماية الثروة الحيوانية، مطالباً بضرورة تحرك الأجهزة المعنية لمواجهة تلك الكوارث التي تصيب الاقتصاد المصري والمواطن في الوقت نفسه.

ويبين أن سوق الأدوية البيطرية تشهد نقصاً كبيراً حالياً في العديد من الأصناف التي تستخدم للقضاء على الأمراض، موضحاً أن هناك مؤامرة على الثروة الحيوانية المصرية من قبل بعض معدومي الضمير، الذين يقومون باستيراد أصناف غير مطلوبة وليس لها جدوى.

ويرجع أحد الأطباء البيطريين في الهيئة العامة للخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة، والذي رفض الكشف عن هويته، نفوق الثروة الحيوانية التي تقدر بالمليارات إلى وجود أدوية بيطرية غير مرخصة، متهماً مكاتب بيطرية في المحافظات بأنها تتعامل مع شركات وأصحاب محلات تقوم ببيع منتجاتها للمربين على أنها منتجات تابعة للهيئة العامة للخدمات البيطرية، والنتيجة سمعة سيئة لتلك الجهات الحكومية، وهو ما يدفع البعض إلى الاتجاه للشراء من تلك الجهات مجهولة المصدر.

ويشدد على أن هناك أدوية بيطرية مغشوشة يتم بيعها فيها تركيبات خطيرة، مثل "كليندامايسين، وسبكتينومايسين"، وهي محظورة التداول، وأيضا هناك انتشار للمضاد الحيوي بتركيبة "تايلوزين + كوليستين" المحظور استخدامه إلا بعد استخراج تصريح من مديرية الطب البيطري لاستخدامه فقط في تربية الخنازير.

ويضيف أن تلك الأدوية المغشوشة الجميع على علم بمخاطرها، ويستخدمها عدد من المربين للماشية والدواجن لتحقيق نتائج في تكوين اللحم والنمو السريع، ولكنها تسرطن الأطفال عند تناول اللبن واللحم والبيض وتدمر الجهاز المناعي للطفل، وذلك في ظل تراخي الجهات الرقابية.

ويطالب بضرورة وجود صيدليات بيطرية متخصصة، وتعيين أطباء بيطريين لديهم القدرة على كشف الأدوية البيطرية المغشوشة، والاهتمام بالطب البيطري باعتباره خط الدفاع الأول عن الإنسان ضد الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان.
المساهمون