لم يصمد إعلان رئيس الحكومة التونسية المكلف الحبيب الجملي بشأن قرب الإعلان عن التشكيلة الوزارية الجديدة، أكثر من سويعات، لتسقط على إثره كل التوافقات التي كان تحدث عنها متفائلاً مساء أول من أمس السبت، مع تأكيد الأحزاب التي كان يُفترض أن تشارك في حكومته المرتقبة، تراجعها صباح أمس الأحد.
وكان الجملي أكد إثر اجتماعه، أول من أمس السبت، برئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي والأمين العام لـ"التيار الديمقراطي" محمد عبو والأمين العام لـ"حركة الشعب" زهير المغزاوي، ورئيس حزب "تحيا تونس" يوسف الشاهد، الاتفاق على النقاط المطروحة من أجل تشكيل الحكومة، وبعض الملفات الخلافية، وأنه تمت الموافقة على إلحاق جهاز الشرطة العدلية (يتبع وزارة الداخلية) بوزارة العدل وهيئات الرقابة الإدارية في وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري (وذلك تلبية لشروط التيار الديمقراطي). وأضاف الجملي أنّ الائتلاف الحكومي سيضم الأحزاب الأربعة التي شاركت في الاجتماع، وأنّ الإعلان عن التركيبة الحكومية سيتم بداية الأسبوع الحالي. وذهب رئيس الحكومة المكلف أبعد من ذلك في تفائله، إذ كان أعلن أنه سيخصص يوم الأحد (أمس) واليوم الإثنين، لمراجعة الأسماء المقترحة لتولي الحقائب الوزارية، على أن يتم عرض التشكيلة الحكومية لنيل ثقة البرلمان خلال الأسبوع الحالي. وجاء إعلان رئيس الحكومة المكلف بينما كان يقف إلى جواره رؤساء الأحزاب، إلا أن مواقف القوى نفسها تغيرت بشكل جذري بين ليلة وضحاها، لتتوالى مواقفها الرافضة للمشاركة في الحكومة، والمؤكدة على البقاء في المعارضة.
اقــرأ أيضاً
ولم يختلف موقف "حركة الشعب" عن موقف التيار، إذ قرر مجلسها الوطني عدم المشاركة في الحكومة. وبحسب ما أكدته مصادر لـ"العربي الجديد"، فإن المجلس الوطني للحركة قرر "عدم المشاركة في الحكومة الجديدة وعدم التصويت لها في البرلمان، مفضلاً البقاء في المعارضة البناءة، على قبول عرض الحبيب الجملي لتكوين حكومة مجهولة الهوية"، بحسب أحد قياداته.
وفي انتظار الموقف الرسمي لـ"تحيا تونس"، اعتبر القيادي في الحزب، مبروك كورشيد، في تدوينة على صفحته في موقع فيسبوك، أن "حكومة الجملي المقترحة ستكون حكومة حركة النهضة، ويجب التعامل معها على هذا الأساس، لأن الجملي هو مرشح هياكل النهضة، ولم يتم اختياره بالتوافق بين أحزاب الائتلاف المقترح، بل تم فرضه فرضاً على الساحة السياسية من مجلس شورى النهضة، ولان التمشي (المسار) الذي يعتمده يقوم علي المخاتلة السياسية، وذلك باعتماد محاصصة حزبية. وبالنتيجة، فإن الحكومة المقبلة هي حكومة نهضة بامتياز، سواءً من خلال شخص الجملي صاحب الصلاحيات الواسعة، أو من خلال الوزراء المستقلين الذين سيجلبونهم له وجلّهم، إن لم يكن كلهم، وزراء النهضة المستترون". ودعا "القوى الوطنية أن تنسى خلافاتها المفتعلة من أجل المناصب، وألا تصوت للحكومة".
من جهته، أكد رئيس الحكومة المكلف بعد خروج هذه الانقلابات في المواقف أنه سيعقد ندوة صحافية في وقت لاحق، وذلك إثر إبلاغه بالردود الرسمية من الأحزاب الأربعة. وتساءل الجملي في تصريحات صحافية: "هل ثمة شخص قادر على تشكيل حكومة بدون أن يكون له سيناريوهات محتملة؟"، مؤكداً أنه سيكون لتونس حكومة خلال الأسبوع المقبل. ويعكس هذا الرد استعداداً لسيناريوهات بديلة، شدد الجملي على أنها معدة سلفاً، ربما تحسباً لمثل هذا الرفض.
خيارات "النهضة"
وأمام هذه المواقف، تجد حركة "النهضة" نفسها منعزلة في مواجهة سيناريوهات محدودة جداً لجمع عدد الأصوات الضرورية لنيل ثقة البرلمان على حكومتها (109 أصوات)، ويشترط ذلك توجهها إلى بقية الكتل والأحزاب، "قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة" وكتلتي "الإصلاح الوطني" و"المستقبل"، أو إعلان فشلها وتسليم المبادرة إلى الرئيس قيس سعيد، كما ينص على ذلك الدستور.
ويبدو أن السيناريو الأخير ليس مستبعداً، بل كان منتظراً ومتوقعاً، بالنظر إلى عدم رغبة "التيار الديمقراطي" و"الشعب" و"تحيا تونس" أصلاً في الانضمام إلى "النهضة"، ودفعها إلى الفشل والذهاب إلى حكومة الرئيس أو إحراجها بالتحالف مع "قلب تونس"، بعدما أعلنت أنها لن تتحالف مع هذا الحزب خلال حملتها الانتخابية.
رئيس كتلة "النهضة" في البرلمان، نور الدين البحيري، علّق على هذه الانسحابات في نصّ نشره على صفحته على فيسبوك قبل الاجتماع العاجل لحزبه قال فيه إن النهضة "قدمت ما يجب بل أكثر من التنازلات، لا من باب وصل السارق لباب الدار، بل أملاً في حكومة وطنية واسعة على قاعدة برنامج ثوري لمصلحة البلاد، وحتى إن لم تكن هذه الثقة في محلها، فالعيب ليس في النهضة التي خاضت مفاوضات تشكيل الحكومة… بل العيب في من لم يقدر على الارتقاء إلى مستوى هذه الثقة والوفاء بما تعهد والتزم به على مرأى ومسمع التونسيين والتونسيات".
واعتبر البحيري أن "ما حصل من إخلال بعض قيادات أحزاب… لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، وليست نهاية الكون، فتونس ملك لكل أبنائها، وهي تزخر بكفاءات عالية، لن يعيقها كائن من كان عن الدفاع عنها وحمايتها".
تحول في موقف "قلب تونس"
القيادي في حزب "قلب تونس"، حاتم المليكي، قال إثر انعقاد المكتب السياسي للحزب، أمس الأحد، إن "قلب تونس يحمّل حركة النهضة المسؤولية السياسية والدستورية في تشكيل الحكومة"، وأنه "على استعداد للتفاعل الإيجابي من أجل مصلحة الوطن في تشكيل حكومة في أقرب الآجال، تكون قادرة بكفاءاتها وبرنامجها على إخراج البلاد من الأزمة الحالية". ونقلت إذاعة "موزاييك" عن المليكي قوله إنه "إذا وجهت لنا الدعوة من رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي، سنتفاعل إيجابياً على قاعدة الموقف المبدئي لقلب تونس، المتعلق برفض المحاصصة الحزبية والقبول بحكومة كفاءات".
وجاء هذا الموقف بعد يوم من بيان أصدره قلب تونس أكد فيه "عدم ترشيح أيّ من قياداته السياسيّة أو نوّابه لأيّ مسؤولية في الحكومة المقبلة، وعدم منح ثقته لأيّ حكومة قائمة على المحاصصة الحزبية، تعيد إنتاج منظومة الفشل وتلتفّ على إرادة النّاخبين".
اقــرأ أيضاً
وكان الجملي أكد إثر اجتماعه، أول من أمس السبت، برئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي والأمين العام لـ"التيار الديمقراطي" محمد عبو والأمين العام لـ"حركة الشعب" زهير المغزاوي، ورئيس حزب "تحيا تونس" يوسف الشاهد، الاتفاق على النقاط المطروحة من أجل تشكيل الحكومة، وبعض الملفات الخلافية، وأنه تمت الموافقة على إلحاق جهاز الشرطة العدلية (يتبع وزارة الداخلية) بوزارة العدل وهيئات الرقابة الإدارية في وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري (وذلك تلبية لشروط التيار الديمقراطي). وأضاف الجملي أنّ الائتلاف الحكومي سيضم الأحزاب الأربعة التي شاركت في الاجتماع، وأنّ الإعلان عن التركيبة الحكومية سيتم بداية الأسبوع الحالي. وذهب رئيس الحكومة المكلف أبعد من ذلك في تفائله، إذ كان أعلن أنه سيخصص يوم الأحد (أمس) واليوم الإثنين، لمراجعة الأسماء المقترحة لتولي الحقائب الوزارية، على أن يتم عرض التشكيلة الحكومية لنيل ثقة البرلمان خلال الأسبوع الحالي. وجاء إعلان رئيس الحكومة المكلف بينما كان يقف إلى جواره رؤساء الأحزاب، إلا أن مواقف القوى نفسها تغيرت بشكل جذري بين ليلة وضحاها، لتتوالى مواقفها الرافضة للمشاركة في الحكومة، والمؤكدة على البقاء في المعارضة.
انقلاب الأحزاب
وأعلن المكتب السياسي لـ"التيار الديمقراطي" في بيان أمس، قراره بعدم مشاركته في الحكومة، استناداً إلى أن "تصوّرها العام لا يرتقي إلى مستوى التحديات المطروحة على البلاد" وفقاً لتقديره. وأضاف بأنه "إذ تفاعل بجدية وإيجابية أثناء كل جولات النقاش، على الرغم من أجواء عدم الثقة التي ترسّخت بتذبذب مواقف بعض الشركاء وتقلبها، فإنه يذكر بأنه لم يتلق أي عرض جدّي يوضح دوره في الحكومة إلا يوم 16 من شهر ديسمبر/كانون الأول الحالي، استأنف على إثره المشاورات وحدد موقفه بعد ستة أيام، وأعلم به رئيس الحكومة المكلف". ودعا التيار في البيان إلى "أن تتشكّل الحكومة في أقرب وقت"، متمنياً لها ولرئيسها "التوفيق"، ومؤكداً أنه سيعمل "على أن يكون معارضة نزيهة وجدية ومسؤولة". وفي انتظار الموقف الرسمي لـ"تحيا تونس"، اعتبر القيادي في الحزب، مبروك كورشيد، في تدوينة على صفحته في موقع فيسبوك، أن "حكومة الجملي المقترحة ستكون حكومة حركة النهضة، ويجب التعامل معها على هذا الأساس، لأن الجملي هو مرشح هياكل النهضة، ولم يتم اختياره بالتوافق بين أحزاب الائتلاف المقترح، بل تم فرضه فرضاً على الساحة السياسية من مجلس شورى النهضة، ولان التمشي (المسار) الذي يعتمده يقوم علي المخاتلة السياسية، وذلك باعتماد محاصصة حزبية. وبالنتيجة، فإن الحكومة المقبلة هي حكومة نهضة بامتياز، سواءً من خلال شخص الجملي صاحب الصلاحيات الواسعة، أو من خلال الوزراء المستقلين الذين سيجلبونهم له وجلّهم، إن لم يكن كلهم، وزراء النهضة المستترون". ودعا "القوى الوطنية أن تنسى خلافاتها المفتعلة من أجل المناصب، وألا تصوت للحكومة".
من جهته، أكد رئيس الحكومة المكلف بعد خروج هذه الانقلابات في المواقف أنه سيعقد ندوة صحافية في وقت لاحق، وذلك إثر إبلاغه بالردود الرسمية من الأحزاب الأربعة. وتساءل الجملي في تصريحات صحافية: "هل ثمة شخص قادر على تشكيل حكومة بدون أن يكون له سيناريوهات محتملة؟"، مؤكداً أنه سيكون لتونس حكومة خلال الأسبوع المقبل. ويعكس هذا الرد استعداداً لسيناريوهات بديلة، شدد الجملي على أنها معدة سلفاً، ربما تحسباً لمثل هذا الرفض.
خيارات "النهضة"
وأمام هذه المواقف، تجد حركة "النهضة" نفسها منعزلة في مواجهة سيناريوهات محدودة جداً لجمع عدد الأصوات الضرورية لنيل ثقة البرلمان على حكومتها (109 أصوات)، ويشترط ذلك توجهها إلى بقية الكتل والأحزاب، "قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة" وكتلتي "الإصلاح الوطني" و"المستقبل"، أو إعلان فشلها وتسليم المبادرة إلى الرئيس قيس سعيد، كما ينص على ذلك الدستور.
رئيس كتلة "النهضة" في البرلمان، نور الدين البحيري، علّق على هذه الانسحابات في نصّ نشره على صفحته على فيسبوك قبل الاجتماع العاجل لحزبه قال فيه إن النهضة "قدمت ما يجب بل أكثر من التنازلات، لا من باب وصل السارق لباب الدار، بل أملاً في حكومة وطنية واسعة على قاعدة برنامج ثوري لمصلحة البلاد، وحتى إن لم تكن هذه الثقة في محلها، فالعيب ليس في النهضة التي خاضت مفاوضات تشكيل الحكومة… بل العيب في من لم يقدر على الارتقاء إلى مستوى هذه الثقة والوفاء بما تعهد والتزم به على مرأى ومسمع التونسيين والتونسيات".
واعتبر البحيري أن "ما حصل من إخلال بعض قيادات أحزاب… لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، وليست نهاية الكون، فتونس ملك لكل أبنائها، وهي تزخر بكفاءات عالية، لن يعيقها كائن من كان عن الدفاع عنها وحمايتها".
تحول في موقف "قلب تونس"
القيادي في حزب "قلب تونس"، حاتم المليكي، قال إثر انعقاد المكتب السياسي للحزب، أمس الأحد، إن "قلب تونس يحمّل حركة النهضة المسؤولية السياسية والدستورية في تشكيل الحكومة"، وأنه "على استعداد للتفاعل الإيجابي من أجل مصلحة الوطن في تشكيل حكومة في أقرب الآجال، تكون قادرة بكفاءاتها وبرنامجها على إخراج البلاد من الأزمة الحالية". ونقلت إذاعة "موزاييك" عن المليكي قوله إنه "إذا وجهت لنا الدعوة من رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي، سنتفاعل إيجابياً على قاعدة الموقف المبدئي لقلب تونس، المتعلق برفض المحاصصة الحزبية والقبول بحكومة كفاءات".
وجاء هذا الموقف بعد يوم من بيان أصدره قلب تونس أكد فيه "عدم ترشيح أيّ من قياداته السياسيّة أو نوّابه لأيّ مسؤولية في الحكومة المقبلة، وعدم منح ثقته لأيّ حكومة قائمة على المحاصصة الحزبية، تعيد إنتاج منظومة الفشل وتلتفّ على إرادة النّاخبين".