في الوقت الذي يضفي حاخامات يهود، شرعية دينية على إحراق الكنائس في فلسطين بحجة أن المسيحية "ضرب من ضروب الوثنية"، هدد يهود متطرفون، أمس، بـ "ذبح" المسيحيين في القدس وبقية مناطق فلسطين.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها، كتب عناصر من منظمة "شارة ثمن" اليهودية الإرهابية، شعارات على جدران وأبواب كنيسة "الدورمتسيون_رقاد السيدة العذراء" الكائنة في "جبل صهيون" بالقدس القديمة، تهدد بـ "إرسال المسيحيين إلى جهنم"، إلى جانب كتابة عبارات مسيئة للمسيح عليه السلام.
ومما يشي بتأثير الفتاوى التي أصدرها حاخامات، وصف كاتبو الشعارات المسيحيين بـ "عبدة الأوثان" الذين يتوجب ذبحهم".
وقد أصدر مستشار مجلس الأساقفة في الأراضي المقدسة، وديع أبو نصار، بياناً استهجن فيه أن يتم "تدنيس كنيسة السيدة العذراء"، التي كانت مسرحاً لحوارات بين الأديان، مطالباً باعتقال المستوطنين اليهود المسؤولين عن كتابة الشعارات "قبل أن تنتقل تهديداتهم إلى أرض الواقع".
اقرأ أيضاً: الخارجية الفلسطينية: الاعتداء على كنيسة بالقدس نتيجة تحريض الحاخامات
وتساءل نصار في بيانه: "عمل تخريبي جديد ضد المسيحيين في القدس..إلى متى؟"، وأدانت البطريركية اللاتينية، في بيانها، هذه التهديدات، معتبرة أن "الحل الأمثل لمثل هذه التصرفات، يتمثل في رقابة التعليم في المدارس التي يرتادها هؤلاء الشباب، واتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه من يقومون بالتحريض على التعصب ضد المسيحيين".
وأضاف البيان، أنه "من المؤسف أن مثل هذه الكراهية ما زالت قائمة بعد 50 عاماً على وثيقة "في عصرنا" التي وضعت الأساس للحوار بين الأديان للكنيسة الكاثوليكية والديانات الأخرى، والتي فتحت صفحة جديدة بين الكنيسة الكاثوليكية واليهودية"، على حد تعبير البيان.
ويشار إلى أن قساوسة يعملون في القدس، اشتكوا قبل عدة أشهر من قيام يهود بالتنكيل بهم أثناء تحركهم في شوارع المدينة المقدسة.
من ناحية ثانية، ذكرت صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر، أمس، أنه منذ العام 2009 أحرق ناشطو التنظيمات الإرهابية اليهودية 44 مسجداً وكنيسة في أرجاء الضفة الغربية والقدس وإسرائيل.
ونوهت الصحيفة إلى أن سلطات الاحتلال أطلقت، الأسبوع الماضي، سراح الإرهابي مردخاي مئيري، بعد اعتقاله مدة شهرين، على خلفية اعترافه بإحراق عدد من الكنائس. وأشارت الصحيفة إلى أن الشرطة عثرت في منزل مئيري الكائن في مدينة بني براك" شمال شرق تل أبيب على مواد تحرض على إحراق الكنائس والمساجد.
ويستدل من التحقيقات التي أجريت مع ناشطي التنظيمات الإرهابية الذين تورطوا في عمليات إحراق الكنائس والتنكيل بالقساوسة في القدس الشرقية، أن القاسم المشترك بينهم حقيقة أنهم يجمعون بين انتمائهم للتيار الديني "الحريدي" المتزمت وتوجهاتهم "القومية". وقد جاهر عدد من الحاخامات والمرجعيات الدينية اليهودية بتأييدهم الصريح لإحراق الكنائس على اعتبار أن "الديانة اليهودية لا تبيح السماح للمسيحيين بأداء العبادة، بوصف المسيحية ضرب من ضروب الوثنية".
اقرأ أيضاً: وهم الرعاية والحماية الدولية في فلسطين
سبق وأن أعلن الحاخام بنتسي غوفشتاين، الذي يقود حركة "لاهفا"، تأييده إحراق الكنائس تحديداً، مستنداً إلى أحكام "فقهية" أصدرتها مرجعيات دينية يهودية عاشت في القرون الوسطى، تعتبر أن المسيحية هي ضرب من ضروب "الوثنية والشرك"، وبالتالي "لا يجوز السماح بوجود المسيحيين ولا دور العبادة الخاصة بهم على أرض إسرائيل". وخلال مؤتمر "فقهي" نظم في القدس المحتلة، أخيراً، استند غوفشتاين إلى فتوى أصدرها الحاخام موشيه بن ميمون، الذي عاش في القرن الثاني عشر، والذي يطلق عليه "الرمبام"، وتحث على عدم السماح للمسيحيين بأداء طقوسهم الدينية على أرض إسرائيل.
ويشار إلى أن منظمة "لاهفا" أعلنت قبل عام مسؤوليتها عن إحراق مدرسة تدرس باللغات العبرية والعربية والإنجليزية بحجة أن مسيحيين ويهوداً يدرسون في هذه المدرسة.
وعلى الرغم من أنشطة "لاهفا" الإرهابية، إلا أن كلاً من جهاز المخابرات الداخلية "الشاباك" والنيابة العامة في إسرائيل يرفضان اعتبارها تشكيلاً إرهابياً.
وكشفت صحيفة "هآرتس"، أول أمس، النقاب عن أن الجيش الإسرائيلي سمح للحاخام غوفشتاين بتقديم أنشطة "توعية دينية" لجنود الجيش. وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش يواصل السماح لغوفتشتاين بتنفيذ كثيرٍ من الأنشطة الثقافية داخل قواعد الجيش، على الرغم من أن أنشطة حركته الإرهابية.
اقرأ أيضاً: استنتاجات إسرائيلية: الانتفاضة الفلسطينية ستستمر والتصعيد المقبل من غزة