استنساخ الكليب العربي

08 يناير 2015
لا حقوق ملكية في حال الاستنساخ
+ الخط -
طرحت الفنانة نوال الزغبي أخيراً فيديو كليب أغنيتها الجديدة "ولا بحبك"، ألحان المصري رامي صبري. الأغنية التي تمتّعت بتوزيع موسيقي جديد نوعاً ما، قياساً بالأغنيات المستهلكة الرائجة، صُورت في بيروت على طريقة الفيديو كليب.

فسارع ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي إلى ربط سيناريو الكليب بفيلم up الذي يشبه في بعض صوره مشاهد الزغبي وهي تحمل "البالونات الملونة"، لتبدأ معركة جديدة حول الاستنساخ بين الرفض والقبول لما فعلته نوال، بعدما كان ينتظر منها الجمهور عودة متجددة تحاكي بها شغفهم أو هوسهم بها. لكن الكارثة، في رأي هؤلاء المعجبين، أطاحت بالآمال المعلقة، وربما بالأغنية نفسها.

من دون شك، فإن للمنتقدين أسبابهم في توجيه اللوم للزغبي وللمخرج جاد الهبر، إذ بدا التشابه مكشوفاً، خصوصاً لجهة تشديد المخرج على مشهد البالونات. لكنّ الفرق واضح، بأن يتحدث الفيلم عن ذكريات العجوز كارل فريدريكسون البالغ 87 عاماً الذي حلم طيلة حياته هو وزوجته أن يزورا حدائق وغابات أميركا الجنوبية، إلا أنّ الزوجة تتوفى قبل أن يحقق لها ما تريد، فيقرر الذهاب إلى هناك وحده.

ولأنّه كان بائع بالونات، يقرر السفر إلى هناك مع منزله الذي يحمل معه كل ذكرياته، بأن يرفع البيت بعدد كبير من البالونات المليئة بالهيليوم ويبحر به كالمنطاد. ومع انطلاقه إلى فوق، لا يلاحظ العجوز أنّ أحد الأطفال الفضوليين قد تعلّق بشرفة المنزل وارتفع معه.

وهنا تبدأ المغامرة، حيث رجل عجوز وطفل شقي في مغامرة مشوّقة. فيما نوال الزغبي تحاول أن ترتفع وتبتعد عن حبيبها الذي بدا أصغر منها سناً، وهذا المأخذ الثاني "للفانز"، عبر مركبة ترتفع تقنياً في الهواء وفق أهواء المخرج وتقنياته التي بدت واضحة جداً في المزج بين طبيعة وجود المركبة، أي المكان الذي صور فيه الكليب وسط بيروت، وبين "الإضافة" في المشاهد التي تطير لتصل إلى الغيوم.

تقنياً، يعتبر كليب نوال جيداً عبر استعمال ذلك، لكن في المقابل لا بدّ أن يكون لهذا الاستنساخ أثر يقلل من قيمة الكليب. نوال الزغبي لم تكن الأولى ولا الأخيرة التي تستنسخ عملاً أو مشاهد من كليب لا تبدو هي المعنية الأولى بها، بل لزميلتها أليسا جولات في استنساخ أغنياتها المصورة من إعلانات تجارية وأفلام.

المخرج سليم الترك كان من المخرجين اللبنانيين الذين اتُهموا باستنساخ "الكليبات" مع أليسا تحديداً، يقول لـ"العربي الجديد": "ما الضرر في اقتباس أو استنساخ مشاهد من فيلم عالمي! لا يقتصر الأمر بالنسبة لنا على عالمنا العربي، بل أؤكد أنّ عدداً من نجمات الغرب اقتبسن مشاهد أغنياتهن المصورة من أفلام مثل جينفر لوبيز ومادونا.

ومهما كان نوع الاقتباس أو التقليد في المشاهد، أعتبر ذلك نوعاً من تكريم الفيلم، خصوصاً إذا كان الإنتاج مكلفاً بالقدر الذي تكشفه مصاريف الكليب باهظة الثمن من أجل الخروج بمادة أو كليب يتناسب وأفكار المتلقي.

وهذا يضيف للفيلم قيمة توازي الفيلم نفسه وعائداته المالية، فما المانع من استنساخ مشاهد من فيلم "مولان روج" أو "شيكاغو"، خصوصاً لو جاء هذا الاقتباس بالمستوى المطلوب، وبالتالي، يكشف ذلك مدى تعلّق الناس بالأشياء القديمة أو الأفلام التي تتمتع بقيمة معنوية وفنية عالية عند الجمهور.

ولا يقع اللوم على المخرج لو قام باستنساخ كليب واحد أو كليبين في مسيرته، لكن المخرج يلام إذا قام مثلاً باستنساخ 10 كليبات من أفلام، فهذا يعتبر تجنّياً أو هروباً من الإبداع".
وحول كيفية تقبّل النجوم لمثل هذه الأفكار، يؤكد الترك أنّ بعض النجوم الذين حفروا لوقت من الزمن صورة في أذهان الناس، هم الذين يصرّون على الاقتباس، وذلك منعاً لاهتزاز صورتهم عند جمهورهم.

ويوضح: "يسأل الفنانون بداية عن الفكرة، فتعدهم بفكرة جديدة، يرفضونها، ويقولون إنّهم يريدون أشياء مستحبّة عن الناس كي لا يراهنوا أو يغامروا، ويرفضهم الجمهور. النجوم لا يريدون لصورتهم أن تهتز في أذهان الناس، حتى لو كان ذلك مقتبساً".

وعن حقوق الملكية بالنسبة لمنتجي الأفلام الغربيين، يشير الترك إلى أنّ لا حقوق ملكية في حال الاستنساخ. إنّما في حال نقل مشهد بحذافيره وضمّه إلى الكليب، فمن حق منتج الفيلم مقاضاته، مؤكّداً أنّه ضد ذلك بشكل نهائي.

نوال الزغبي لم تكن الوحيدة التي قامت، أو قام المخرج جاد هبر، بنقل صورة عن فيلم غربي، أليسا أيضاً واجهت النقد نفسه بعد عدة أغنيات صورتها كما ذكرنا. لكن أليسا لم ترد على الشكوك، واعتبرت أنّ بلوغ كليباتها أعلى نسبة مشاهدة دليل واضح على نجاح الأغنية.

وعلى الرغم من أنّ الأفلام التي استنسخ منها مخرجو أليسا كليباتها معروفة، إلا أنّ المشاهد كانت مغايرة للفيلم كاملاً أو حتى للقصة، وذلك دليل واضح على نقل الصورة من دون الاهتمام بالمضمون، وهذا مشابه لما حصل مع الزغبي في كليبها الجديد.

نجوى كرم سقطت أيضاً في فخ الاستنساخ في أكثر من عمل. شبّه البعض كليبها "لشحد حبك" لنسخة منقّحة من فيلم "ناين" الذي فاز بجائزة الأوسكار. لكن نجوى أيضاً لم ترد على كل الاتهامات، واكتفت بالقول إنّ ما حصل هو رؤية المخرج، ولا علاقة للفنانة أو الفنان بذلك، "نحن نشاهد القصة والصورة ونوافق أو نرفض".

أما عمرو دياب، فكان أيضاً من النجوم المتهمين، ليس فقط في طريقة استنساخ كليباته، بل أيضاً في الصور التي يلتقطها لتتصدّر غلافات ألبوماته الغنائية. ولطالما اتهم دياب باستنساخ صور وثياب النجم أنريكي إيغرسياس، لكن دياب آثر عدم الرد على كل هذه الاتهامات. على العكس، فالكل يسير واثق الخطى بأنّه تفرّد بعمل ربما موافق لما تناوله المخرج سليم الترك في معرض رده هنا على اتهامات الاستنساخ.

لم يستفد الفيديو كليب العربي من درس ميول الناس ورغباتهم التي يجب أن يتحلى بها. ولم يكن يوماً هدفه الاستفادة من "الإضافة الفنية"، بل تحول إلى مطرقة استنساخ واستمالة الجمهور لتسويق الأغنية، ولو عن طريق فيلم، مهما اجتمعنا على رفض أو قبول تلك المادة أو السيناريو، تجدنا دائماً ننتقد أكثر من التمتع بالمشاهدة!
المساهمون