استقالة ساعر: نتنياهو لا يسمح بظهور قياديين إلى جانبه

19 سبتمبر 2014
لم تصبّ استطلاعات الرأي في صالح ساعر (أورييل سيناي/Getty)
+ الخط -
بعد الصدمة التي أذهلت كثيرين في إسرائيل، وبينهم أعضاء ونشطاء في حزب "الليكود"، بفعل إعلان وزير الداخلية الإسرائيلي جدعون ساعر، مساء الأربعاء، عزمه الانسحاب من الحياة السياسية لبعض الوقت، تواصلت اليوم تداعيات القرار، وتسيّدتها لائحة التكهّنات حول البديل الذي سيختاره رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لشغل منصب وزير الداخلية، وتأثير ذلك على موازين القوى داخل الائتلاف الحكومي من جهة، وداخل "الليكود" من جهة أخرى.

وتُشكّل الاستقالة مكسباً كبيراً لنتنياهو في فعلها المباشر، كون ساعر من ألدّ خصومه وأحد المرشحين المحتملين لمنافسته على رئاسة "الليكود"، وبالتالي فإن خطوته تزيح عن صدر "بيبي" حملاً ثقيلاً، كما تُمكّنه من تحديد هوية الوزير البديل عبر استمالة، أو تعزيز مكانة، المؤيدين القلّة في كتلة "الليكود"، واختيار وزير يكون من بين مناصريه داخل الحزب.

ومن شأن الاستقالة أن تحدث تغييراً في موازين القوى داخل الائتلاف، إذ إن من سيدخل إلى الكنيست على قائمة تحالف "الليكود" و"يسرائيل بيتنو" للكنيست، سيكون من مرشحي حزب وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، مما يعني تراجع عدد مقاعد "الليكود" في الكنيست حالياً إلى 18 مقعداً، ويجعل كتلة وزير المالية "يش عتيد" الأكبر في الكنيست بـ19 مقعداً.

وفتحت استقالة ساعر الباب أمام انتقادات جديدة ضد نتنياهو، وفي مقدمتها اتهامه بأنه لا يفسح المجال لظهور القيادات الشابة، ويقوم بمحاصرتها، مما يدفعها في نهاية المطاف إلى الخروج من الحزب أو اعتزال السياسة، كما حدث مع الوزير السابق موشيه كحلون، وأمراء "الليكود" من القيادات الشابة التي لمع نجمها في أواسط التسعينيات داخل الحزب، واعتُبروا "أمراء" لأن أهلهم كانوا من مؤسسي "الليكود" وحركة "حيروت" مثل بني بيغن نجل مناحيم بيغن، وروني ميلو ودان مريدور وآخرين.

مع ذلك فإن استقالة ساعر، في حال استجاب الوزير الآخر، المعارض لسياسة نتنياهو، وزير الاتصالات جلعاد أردان، لاقتراح ليبرمان بتعيينه سفيراً في الأمم المتحدة، سيقضي نهائياً في المرحلة الحالية على الأقلّ، على احتمالات ظهور منافس حقيقي لنتنياهو داخل الحزب، ناهيك عن منافس من الخارج، ولا سيما أن كافة الاستطلاعات الأخيرة كشفت أن نتنياهو يتمتع بأكبر نسبة تأييد في صفوف الإسرائيليين، باعتباره الأنسب لرئاسة الحكومة الإسرائيلية.

وعلى الرغم من محاولات زعيم حزب "العمل" المعارض، يتسحاق هرتسوغ تصوير الاستقالة بأنها أكبر دليل على انهيار "الليكود" من الداخل، إلا أن هذه التقديرات تدخل في باب المنافسة الحزبية لا غير، خصوصاً وأن هرتسوغ، نفسه لم يحظَ في أي استطلاع للرأي بأكثر من 12 في المائة، كمن قد يختاره الإسرائيليون لرئاسة الحكومة.

وبالعودة إلى ساعر نفسه، يبدو أنه كان أول من قرأ صحة الاستطلاعات الإسرائيلية، وأدرك أن لا مجال أمامه الآن لخوض معركة منافسة شرسة ضد نتنياهو، قد يخرج منها ليس خاسراً فحسب، وإنما مهزوماً بدرجة تضعفه داخل مركز الحزب، وبالتالي فإن التقديرات، كما أشار لذلك أيضاً محلل الشؤون الحزبية في إسرائيل حنان كريستال في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية، تفيد بأن ساعر يُفضّل الانسحاب من المشهد العام لفترة محددة، على أن يعود من جديد بعد دورة أخرى وولاية أخرى لنتنياهو، مما قد يُسهّل من إمكانية التغيير الداخلي، وزيادة فرص ساعر للفوز برئاسة "الليكود" انطلاقاً من القناعة الراسخة في إسرائيل، بأن من يترأس "الليكود" هو الذي سيُشكّل الحكومة في إسرائيل.

ويعزز هذا الاعتقاد حقيقة انهيار اليسار في إسرائيل من عام لآخر وعدم وجود بديل حقيقي، حتى في أحزاب الوسط، كما يبدو ذلك من الاستطلاعات التي تتوقع انهيار حزب الوسط، الذي شكّله يئير لبيد، وحصل على 19 مقعداً في الانتخابات التي جرت في يناير/كانون الثاني 2013، وحصوله في حال إجراء الانتخابات في إسرائيل قريباً، على 8 مقاعد في أحسن حال.

المساهمون