استثمارات النخبة في محمد صلاح

26 يوليو 2018
+ الخط -
لم تكتفِ الرئاسة المصرية بتفصيل "بدلة" جديدة لمحمد صلاح في قصرها الجمهوري، تكلفت أربعين ألف جنيه مصري، ولم تكتف بنصب "كأس عالم محلي سبقا للوعد"، كي يتصور بجواره الرئيس، مقدمةً لفأل حسن بالطبع يسبق نتائج المونديال، ويُرغم الكرة، ولو حتى بالسحر المصري القديم، على أن تدخل مرمى الخصم مقدما (وبالأمر أيضا)، طالما أن الجامعات المصرية ستكون على قائمة جامعات العالم، وهي للعلم المجرد، أتستطيع كرة بخمسين جنيها "أن تعصي الأوامر؟". لأ طبعا.
كل هذه الاستثمارات السياسية في الرجل على الرغم من أنفه، بدءًا من التبرّع حتى التضييق عليه في بعض أرزاقه، لكي يحولوه إلى بئر تم تأميمها عن بُعد. أليست كرة القدم لعبةً شعبية، لا تدار من القصور أبدا، ولا من قصر الاتحادية، ولكنها تدار من الملعب، وتُسعد الشعب، ورصيدها ومشجعها ودافع ثمن تذكرتها هو الشعب. كرة القدم تدار من الملعب، وسط الشهود من الملايين والمتابعين والحكام، من أجل إسعاد الناس، لا للأخذ بيد السلطات كي يرضى عنها الشعب.
كرة القدم هي سلطة الفرح للناس، بلا سلطات أخرى. ولذا حضرت رئيسة كرواتيا إلى الملعب على حسابها الخاص، كي تكون وسط الناس في الملعب، وبجوار فريقها، فاحترمت اللعبة، فاحترمها العالم، ونظر لها باعتبارها مواطنة بسيطة تفرح مثل شعبها، ولا تحاول أن تهيمن سياسيا على الفرح من داخل مقرّها الرئاسي. كان هذا حال الرئاسة، فما حال النخبة؟ النخبة التي لا تحتاج إلى شيء من شهرة أو مال أو حتى بعض العلم لدى بعضهم.

صلاح فضل
فجأة، ترك الدكتور أبحاثه في "البوطيقا" و"الاستعارات النصيّة" و"التناصّ والدلالة" و"المزج ما بين العادي والمألوف وما هو شعري" و"مسابقات شاعر المليون" و"لجان التحكيم" و"ماجستير الباحث والموسيقي نصير شمة، بعدما كبرت قرون الماجستير في السيمنار، فصار يكفي لأن يكون دكتوراه وبطشين"، ترك كل هذه المهام الجادّة، وراح كي يتصور مع اللاعب محمد صلاح، كي يعود وفي يده جائزة النيل، وذلك دلالة على نبل المقاصد وحكمة السعي.

حفيد مبارك
يأخذ فانلة محمد صلاح ورقمها، ويتصوّر معه خصيصا، ويكيد الملايين صباحا بالصورة في كل الميديا، وكأن لا ثورة قد قامت ضد جده بعد حكم استمر 30 سنة، ولا يحزنون، وهذا هو المقصد والدلالة أيضا.

أحمد عكاشة
تطوّع خلال ساعة موضحا "بمسبار" علم النفس بالطبع، أننا حمّلنا صلاح ما لا يطيق، وأن صلاح زاره في مشفاه النفسي، فترك الأطباء أيضا مهامهم، وأخذوا الصور معه. .. ضحك الدكتور طبعا، وقال إن الشعب مسكين، يحاول جاهدا البحث عمن يمنحه الفرح، ولو بهدف أو أي شيء. ونسي الدكتور أنه هو نفسه الذي قال باعتباره المستشار العلمي للرئاسة: "طالبتُ السيسي بتجويع الشعب المصري وإعلان حالة الطوارئ". فهل ساعتها لم يكن الشعب المصري مسكينا؟ أم أن "علم العلماء" أيضا يشبه الساحرة المستديرة، حينما تدخل قصر الاتحادية؟