ارتفاع متجدد في أسعار الوقود يعمق الأزمات المعيشية لليمنيين

19 اغسطس 2020
أزمات متكررة في الوقود (الأناضول)
+ الخط -

تعيش الأسواق اليمنية حالة من الاضطراب الشديد وعدم الاستقرار، منذ إجراء الحكومة تعديلا جديدا على أسعار الوقود هو السادس منذ فبراير/شباط الماضي، ويشمل المناطق الواقعة تحت سيطرتها، في حين تعيش المناطق الخاضعة لجماعة الحوثيين على وقع أزمة متواصلة في المشتقات النفطية، وسعت من نطاق السوق السوداء التي لا تخضع إلى أي قيود في أسعار الوقود.

وأعلنت الشركة اليمنية للنفط الحكومية مطلع الأسبوع الثاني من أغسطس/آب الجاري، رفع سعر البنزين إلى 6600 ريال (8.6 دولارات) للصفيحة سعة 20 لترا من 5600 كانت عليها في أخر تعديل شهدته أسعار الوقود في يونيو/حزيران الماضي، بزيادة تبلغ نسبتها 18%.

فيما كشفت السلطات المحلية في محافظة حضرموت جنوب شرق اليمن، عن تحريك جديد في أسعار الوقود بموجبه يصل سعر الصفيحة 20 لترا من البنزين إلى 6200 ريال ونحو 6000 ريال للصفيحة الواحدة 20 لترا من الديزل.

وفي الوقت الذي نفت فيه الشركة وجود اتفاق بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً لتقاسم عوائد المشتقات النفطية، ربط مصدر مطلع الإجراءات السعرية الجديدة المنفذة بالتحرك الذي تمر به الأسواق العالمية وما تشهده من ارتفاع في أسعار الوقود ولا علاقة لما تمخض عنه اتفاق الرياض من تفاهمات لتنفيذ بعض بنوده والتي تفضي إلى تشكيل حكومة توافقية بين الطرفين.

وقال المحلل الاقتصادي، علي الحنكي، وهو خبير مطلع بأسواق الوقود اليمنية، إن لهذه الجولة من الارتفاعات السعرية في الوقود عدة خفايا تستند لما تم التفاهم عليه في الرياض بين الأطراف المعنية في الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، لأن الارتفاعات الحالية كانت مفاجئة، إذ لم يمض على أخر تعديل أكثر من شهر تم بموجبه رفع الأسعار بنسبة تصل لحوالي 90%.

وتطرق الحنكي في حديثة لـ"العربي الجديد"، إلى نقطة يعتبرها ضمن العوامل التي دفعت لاتخاذ هذا القرار الجديد في رفع الأسعار الخاصة بالوقود وذلك لمكافحة التهريب الذي نشأ في مناطق التماس مع المناطق الخاضعة للحوثيين التي تشهد أزمة كبيرة في المعروض من المشتقات النفطية أدت لنشوب أزمة كارثية في الوقود ما تزال تعيش تداعياتها حتى الاَن، إذ قد يكون هذا القرار أيضاً لمكافحة هذا التهريب الذي يتم من عدن وتعز وبعض المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى مناطق الحوثيين.

وطوال السنوات القليلة الماضية عانى اليمن من ارتفاعات متواصلة في أسعار الوقود التي زادت بنحو 300% عما كانت عليه قبل الحرب في 2014، الأمر الذي ضاعف من معاناة اليمنيين ومختلف قطاعات الإنتاج الاقتصادية، إذ انعكس على ارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية مع توقف رواتب موظفي القطاع العام وتردي قطاعات الأعمال والخدمات العامة.

وتشهد الأسواق اضطراباً متواصلاً بسبب عدم استقرار أسعار الوقود والأزمات المستمرة في توفيرها وتلبية احتياجات الأسواق المحلية منها، في ظل أزمة معيشية وغذائية خانقة تشهدها جميع المناطق اليمنية.

قال المواطن موفق سالم، من سكان عدن جنوب اليمن، لـ"العربي الجديد" إن الارتفاعات السعرية الحالية في الوقود سيتم اتخاذها حجة من قبل التجار لزيادة أسعار السلع بالأخص الغذائية والتي لا سقف محددا لارتفاعاتها المتواصلة منذ أشهر.

وأضاف أنه لم يعد باستطاعتهم تحمل أي زيادة سعرية في الدقيق والأرز والسكر والحليب، إذ أصبحت كثير من الأسر تعاني وغير قادرة على توفير احتياجاتها الغذائية مع استمرار الأسعار بالانفلات في ظل غياب أي تدخل للسلطات الحكومية الغائبة تماماً.

وعلى الرغم من إعلانه الشهر الماضي التخلي عن الإدارة الذاتية ضمن ما نتج عن المفاوضات التي دارت في الرياض مع الحكومة اليمنية من تفاهمات، إلا أن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً لا يزال يسيطر على عدن ومحافظات أخرى في جنوب اليمن ويرفض التخلي عما يسمى بالإدارة الذاتية التي تخضع لها عدن العاصمة المؤقتة المفترضة للحكومة بشكل خاص، إضافة إلى أرخبيل سقطرى الذي سيطرت عليه مطلع الشهر الماضي مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي وبدعم وإشراف إماراتي.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وتتزامن قرارات رفع أسعار الوقود بالتوازي مع إعلان البنك المركزي في عدن، عن بيع نحو 61 مليون دولار للتجار لاستيراد خمس سلع أساسية بحسب الإجراءات المتبعة في السحب من الوديعة السعودية المخصصة لتزويد التجار باستيراد القمح والدقيق والأدوية والأرز والسكر مضافاً إليها الوقود.

وعادت العملة الوطنية للانخفاض مجدداً في عدن ومناطق الحكومة اليمنية بعد فترة وجيزة من الاستقرار الطفيف، إذ كان سعر الريال قد تراجع مطلع الشهر الحالي من 768 ريالا إلى 755 ريالا للدولار الواحد، قبل أن يعاود الانخفاض مجدداً يوم أمس إلى 768 ريالا مقابل الدولار، وبفارق زيادة كبير مقارنة مع سعره في صنعاء شمالاً الثابت نسبياً عند 598 ريالا.

وتعتمد السوق المحلية في عدن منذ 2016 على الاستيراد لأجل توفير المشتقات النفطية بعد أن توقفت مصافي عدن عن تكرير النفط الخام والذي توقف وصوله إليها من حقول النفط بالمحافظات النفطية والتي هي الأخرى أصبحت تعتمد على الاستيراد عدا كميات بسيطة يتم تكريرها بمصفاة صافر في مأرب (شرق)، انعكاساً لاعتماد اليمن بشكل عام على الاستيراد لتغطية احتياجات الأسواق المحلية من المشتقات النفطية، في ظل صراع شديد يجتاح البلاد، فاقم بشكل كبير الأوضاع المعيشية للمواطنين مع انتشار فيروس كورونا مؤخراً.

ويرى الباحث الاقتصادي محمد المنتصر، أن الوقود يعتبر الورقة التي اتخذتها الجهات المعنية سواءً المحلية في اليمن أو الخارجية لإشغال اليمنيين وإرهاقهم في ملاحقة لقمة عيشهم.

المساهمون