يبدو أن إنشاء صندوق الإسكان والتعمير في السودان لم ينقذ أسعار العقارات من الارتفاع، إذ تواصل ارتفاع أسعار العقارات في الخرطوم. ووصل سعر المتر في بعض ضواحي الخرطوم إلى 1500 دولار.
وكانت السودان قد أنشأت صندوقاً للإسكان والتعمير قبل سنوات لتوفير السكن للمواطنين بأسعار تشجيعية تؤخذ على أقساط لضبط انفلات أسعار العقارات بالعاصمة الخرطوم.
إلا أن مراقبين وصفوا الخطوة بأنها "صب الزيت على النار"، بعد أن تدخل السماسرة مشترين منازل مئات من المواطنين بأسعار زهيدة مستغلين حاجتهم إلى المال.
وشهدت العقارات في الخرطوم ارتفاعاً ملحوظاً في أسعارها عزاه التجار إلى ارتفاع أسعار الدولار وغلاء مواد البناء.
وتباع العقارات في ضاحية "الرياض"، شرق الخرطوم، بالدولار للمتر الواحد، حيث يبلغ سعر المتر المربع في المتوسط 1500 دولار، بينما يصل في بعض مناطق جنوب الخرطوم، "جبرة"، إلى حدود الألف دولار للمتر الواحد.
ويرى محللون تحدثوا لـ"العربي الجديد"، أن البلديات هي التي تشرف على بيع العقار في معظم الدول، ولكن في السودان لا تقرر "المحليات" في ذلك.
ويرى خبراء أن قطعة الأرض السكنية في الخرطوم أصبحت أغلى من بريطانيا ومصر، وأن نظام البيع والشراء يتم على أيدي التجار والمواطنين، عكس ما هو عليه في بلدان أخرى.
وأرجع الخبير الاقتصادي عبد العظيم المهل، لـ"العربي الجديد"، ارتفاع الأسعار إلى المضاربات واتخاذ العقارات كوسيلة "لحفظ القيمة"، وهو ناتج عن انخفاض متواصل في قيمة الجنيه السوداني ووجود بعض الجهات الحكومية التي تضارب في العقارات، كما أن محدودية الأراضي بسبب عدم التوسع الرأسي تعد من الأسباب.
من جانبه، يقول البدوي عطية، صاحب عقارات، لـ"العربي الجديد"، إن السبب في ارتفاع أسعار الأراضي يعود إلى سياسات الحكومة التي تبيع الأراضي والمخططات بأسعار عالية، ما يضع التجار أمام الأمر الواقع ببيعها بأسعار أعلى لتحقيق الفائدة والأرباح.
ونتيجة لتقلّب سعر العملة المحلية وعدم ثباتها، فإن غالبية المستثمرين والتجار لجأوا إلى حفظ أرباحهم عبر شراء الأراضي "حفظ قيمة" حتى لا يفقدوها مع تدهور الجنيه السوداني أمام العملات الأخرى. وفي دراسة سابقة عن وضع العقارات، اتضح أن أكثر من 500 ألف وحدة سكنية في الخرطوم غير مستغلة، إما أراض أو منازل مهجورة أو مستغلة جزئيا.
ويرى المهل أهمية وضع قانون للأراضي غير المستغلة مع توزيع مساكن جاهزة رأسية تزيد العرض وتخفض الطلب على العقار، مع العمل على تثبيت قيمة الجنيه أمام الدولار.
ويرى محمود الزين، صاحب عقارات، أن أسعار الأراضي في المناطق الطرفية تراوح في السعر حسب بُعدها عن المركز إلى جانب توفر الخدمات، من كهرباء ومياه وخدمات علاجية ومدارس، والمناطق الحيوية تباع بنظام المتر المربع، والمتر المربع يراوح ثمنه بين 6 إلى 7 آلاف جنيه، ما يعني أنه إذا كانت المساحة 500 متر فتساوي مليارين ونصف المليار، وهذا غير معقول بالنسبة لمساحة خالية بغض النظر عن تكاليف البناء.