وأظهرت بيانات لبنك بيت التمويل الكويتي، أن القطاع العقاري فقد نحو 36% من تداولاته خلال الربع الثالث من العام الجاري 2016، مقارنة بذات الفترة من العام الماضي، تأثراً بانخفاض التداولات في كل القطاعات السكنية والاستثمارية والتجارية بنسبة 27.8% و39.6% و50% على التوالي.
وبلغت قيمة التداولات العقارية للسكن الخاص، الذي يعد ارتفاع سعره المبالغ فيه هاجساً يؤرق المواطنين الكويتيين والحكومة على حد سواء نحو 200 مليون دينار كويتي فقط (650 مليون دولار)، مقابل 385 مليون دينار في الربع الثالث من العام الماضي، وهي أدنى قيمة تداولات خلال خمس سنوات.
وأشار بيت التمويل في تقرير حديث له إلى أن السوق العقارية ستتأثر بالإجراءات المالية الحكومية الساعية إلى تخفيف حدة العجز المالي الناجم عن الانخفاض في أسعار النفط من خلال تعزيز الإيرادات والرسوم وترشيد الإنفاق الجاري بإعادة النظر في بند الأجور والدعم سواء من خلال رفع أسعار الوقود وأسعار الكهرباء.
وأعلنت وزارة المالية الكويتية لدى إعداد ميزانية السنة المالية الحالية 2016/2017، التي تنتهي في مارس/آذار المقبل، أن العجز يبلغ 12.2 مليار دينار (40.2 مليار دولار) ما يوازي 64% من إجمالي المصروفات المقدرة، بينما توقع مسؤولون تقلص العجز إلى 8.5 مليارات دينار ( 27 مليار دولار) بعد إجراءات خفض الدعم وتقليص الإنفاق ومعاودة أسعار النفط الصعود بنحو محدود.
لكن بيت التمويل الكويتي يرى أن أثر الإجراءات الحكومية سيستمر بالظهور على القطاع العقاري من ناحية ارتفاع تكاليف البناء، بفعل زيادة معدلات التضخم وارتفاع كلفة المعيشة، الذي من شأنه التأثير على العقارات الاستثمارية والتجارية.
وقال محمد الرفاعي، الخبير العقاري ومدير شركة الجود العقارية في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة والشركات التابعة لها بدأت بالتوقف عن جلب المزيد من العمال، مما خيب توقعات المطورين العقاريين، الذين اشتروا مساحات كبيرة من الأراضي للبناء عليها طمعاً في إسكان العمال، الذين ستجلبهم الحكومة لتنفيذ مشاريعها.
وأضاف الرفاعي :"الأمر ازداد سوءاً بالنسبة للمستثمرين العقاريين مع قيام العشرات من الشركات إما بصرف عمالها نهائياً أو تخفيض رواتبهم، مما جعل الكثير من الوافدين يضطرون للسكن في غرف مشتركة، لتخفيف النفقات".
وتابع "بعض الوافدين قاموا بمساومة مُلاك العقار، وخيّروهم بين تخفيض قيمة الإيجار أو الخروج نهائياً من الشقق، وهو ما حدث مع كثير من المعلمين الوافدين الذين قررت الحكومة تخفيض رواتبهم بنسبة كبيرة عبر اقتطاع بدل الإيجار الشهري المصروف لهم مما اضطر الكثير من المعلمين لترحيل عائلته إلى بلده والبقاء وحيداً وتسليم الشقة لمالكها".
وانعكس تراجع الطلب على بناء العقارات الجديدة.
وقال أسامة لطيف، وهو مدير معرض لمواد البناء في الكويت لـ "العربي الجديد" إن مبيعات مواد البناء تراجعت بشكل كبير، رغم ارتفاع أسعارها.
وأضاف لطيف لـ "العربي الجديد"، أن شركات الإسمنت تتعلل في زيادة أسعارها بتكلفة النقل، التي ارتفعت بعد ارتفاع سعر الوقود، كما تتعلل برفع الحكومة للإيجارات على المصانع المنتجة أيضاً، مشيراً إلى أن هذا الوضع خلق سوقاً لمواد البناء غير الأصلية لرخص ثمنها، فيما بدأ البعض بالاستيراد بشكل شخصي من الدول المجاورة، وهو ما قد يؤثر على العشرات من المحلات ومعارض البناء في الدولة.
وقال سلطان العجمي، الخبير الاقتصادي إن زيادة معدلات التضخم في الأسعار وخوف المواطن من الضعف المرتقب للقيمة الشرائية له بعد استكمال بنود وثيقة الإصلاح الاقتصادي كلها عوامل تؤدي إلى زيادة أسعار مواد البناء من جهة وإحجام المستثمرين وحتى المواطنين العاديين عن شراء العقارات من جهة أخرى.
وأضاف العجمي أن السوق العقاري يعاني حالياً من ركود، مع عدم وجود وعود حكومية مشجعة فيما يخص التراجع عن خفض الدعم والضرائب على الشركات التي سترفع حتماً من أسعار السلع الأساسية.