اختبار الدرهم المغربي... ترقب انعكاسات التوسّع بتحرير سعر الصرف

19 يناير 2019
وعود بتقليل تأثير السعر المرن على التضخم(أحمد الداوودي/العربي الجديد)
+ الخط -
لم يؤد تبنّي سعر صرف مرناً إلى التأثير على قيمة الدرهم المغربي، ما يدفع المراقبين إلى التساؤل حول احتمال توسيع نطاق تحرير العملة في العام الحالي، الذي ينتظر أن يشكل اختباراً حقيقياً لقدرة الدرهم على الصمود.

وحدّد المغرب في منتصف يناير/ كانون الثاني 2018 سعر صرف الدرهم داخل نطاق تقلب يرتفع أو يقل بنسبة 2.5 في المائة، وذلك عوض نسبة 0.3 في المائة التي كان معمولاً بها في ظل سعر الصرف الثابت.

وبرر المغرب تليين سعر صرف الدرهم بتحقيق تنافسية أكبر لصادراته، خاصة الفوسفات ومشتقاته، والنسيج والملابس، والسيارات، والمنتجات الزراعية والغذاء، وسط رهان على خفض وارداته في ظل عجز الميزان التجاري  المزمن.

وكان محافظ المركزي المغربي، عبد الرفيع الجواهري، قد أكد في مناسبات سابقة على أن مسلسل تحرير سعر صرف العملة سيتواصل، مشدداً على أنه لن يعلن مسبقاً عن تاريخ توسيع نطاق تليين سعر الصرف، تفادياً للمضاربة حول العملة.

ويرجح مراقبون حصول توتر حول سياسة التليين، في حال انخفاض رصيد النقد الأجنبي وارتفاع أسعار المواد الأولية والتضخم، خاصة عند التحرير الشامل للعملة، وهو هدف سيستغرق بلوغه بضع سنوات. ويتوقع البنك المركزي أن يصل رصيد النقد الأجنبي إلى 25.2 مليار دولار في 2019، ما سيمكن من تغطية 5 أشهر من واردات السلع والخدمات.

ويقول مدير مديرية التوقعات والاستشراف في المندوبية السامية للتخطيط، بوخالف عياش، إن الطلب الداخلي سيواصل دعم النمو الاقتصادي المتوقع عند حدود 2.9 في المائة في العام الحالي، "غير أن تباطؤ الطلب العالمي، سيؤدي إلى تراجع وتيرة حجم الصادرات من السلع والخدمات المغربية، ما سيقلّص من القدرات التمويلية للمغرب لتغطية حاجياته من الواردات".

وإذا كان تعويم الدرهم لم يفض إلى انهيار قيمة العملة المحلية، بما لذلك من تأثير على رصيد النقد الأجنبي، فإن هذا الأخير، تأثر في الماضي بعوامل لها علاقة بالتجارة الخارجية، خاصة فاتورة الطاقة، غير أن تراجع سعر النفط في السوق الدولية قد يسعف المغرب في العام الحالي.

ويذهب الخبير الاقتصادي عبد اللطيف معزوز، الذي يرأس رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، إلى أن احتمال توسيع نطاق تليين سعر صرف الدرهم وارد، غير أنه لا يمكن توقع توقيت تطبيق ذلك والآليات التي سيتم اعتمادها.

ويلفت في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن توسيع نطاق التليين قد يشكّل اختباراً فعلياً لقدرة الدرهم على الصمود في علاقته مع العملات الصعبة الرئيسية، خاصة الدولار واليورو، ملاحظاً أن الدرهم ارتفعت قيمته بعد تطبيق قرار التليين في العام الماضي.

ويشرح معزوز أن المقدمات الاقتصادية والمالية، التي ساعدت على التليين، تعزّزت في نهاية العام الماضي، على اعتبار أن الرصيد من النقد الأجنبي حصل على دعم من إيرادات استثنائية، قد لا تتاح في العام الحالي.

ويشير معزوز، الذي شغل في السابق منصب وزير التجارة الخارجية، إلى أن رصيد النقد الأجنبي تعزّز بإيرادات الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي وصلت إلى 4.5 مليارات دولار، بزيادة وصلت نسبتها إلى 41.6 في المائة. ويشدد على أن إيرادات الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تلقاها المغرب، والتي ساعدته على تجاوز تأثير تراجع الهبات والمنح الخليجية، أسعفت رصيد النقد الأجنبي في العام الماضي.

بدوره، يعتبر المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن قرار توسيع نطاق سعر صرف الدرهم يعود للحكومة، كي يتولّى البنك المركزي تنفيذه بعد ذلك. ويستبعد الحليمي الاتجاه نحو زيادة نطاق التليين، في ظل الوضع الحالي محلياً أو على صعيد وضعية الشركات، مؤكداً أن المغرب لا يتوفر على وزن مالي، يمكن أن يفضي إلى التأثير على قيمة العملة المحلية.

ويعود الحليمي إلى الوضع الاقتصادي في المغرب قبل الإقدام على تليين سعر الصرف العام الماضي. فقد كانت البلاد تعتمد نظام صرف ثابتاً، غير أن السلطات المختصة، كانت تتدخل من أجل تغيير سلة العملات الصعبة، المحددة لقيمة الدرهم، بما يساعد على التأثير على توجهات السوق.

وحصل المغرب، من أجل مواجهة الصدمات الخارجية، على خط السيولة والوقاية من صندوق النقد الدولي مؤخراً بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وهو الخط الرابع الذي يمنح للمملكة في الأعوام الأخيرة.

في حين يُلاحظ معزوز أن توسيع نطاق التليين لن يترجم، بالضرورة، بارتفاع الأسعار، فذلك يبقى رهين قيمة الدرهم في علاقته بالدولار واليورو، خاصة أن المغرب يستورد ضعف صادراته.

ولا يغيب هاجس الأسعار عن انشغالات المركزي المغربي، الذي وعد بتحقيق نسبة محددة من التضخم، لا تسمح بانفلات الأسعار في ظل تليين سعر الصرف.
المساهمون