تبدأ منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" اجتماعاتها، اليوم، في فيينا، وهي في وضع مريح، حيث ارتفعت أسعار النفط إلى 50 دولاراً، على الرغم من عدم الاتفاق على تثبيت الإنتاج في شهر أبريل/ نيسان الماضي.
وتعقد هذه الاجتماعات لأول مرة بدون مهندس الصناعة النفطية، علي النعيمي، الذي فقد منصبه في التعديل الوزاري الأخير الذي جرى في السعودية، وسيحضر الاجتماعات وزير النفط السعودي الجديد، خالد الفالح، الذي سيوضع في أول اختبار حقيقي.
وقال وزراء النفط الذين وصلوا إلى فيينا، أمس، لحضور الاجتماع، إن أسعار النفط تتحرك في الاتجاه الصحيح.
وأشار كل من وزير النفط الإماراتي والنيجيري إلى أن استراتيجية المنظمة التي عملت على خفض أسعار النفط، نجحت في امتصاص الفائض النفطي. وذلك في إشارة إلى انخفاض إنتاج النفط الصخري في أميركا وانخفاض إنتاج نفوط المياه العميقة و"خامات الكلفة العالية".
لكن تجار نفط في لندن يعزون ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة الطلب على المشتقات النفطية في الصيف، خاصة في أميركا.
وبلغت أسعار خام برنت في التعاملات التي جرت، أمس، في لندن في جلسة منتصف النهار على عقود يوليو/تموز 49.65 دولاراً للبرميل بانخفاض طفيف بلغ 7 سنتات عن مستوياته السعرية يوم الثلاثاء. كما بلغ سعر خام غرب تكساس الأميركي الخفيف 48.47 دولاراً لذات عقود يوليو، وذلك حسب المؤشرات السعرية لوكالة بلومبيرغ الأميركية.
واستبعدت مصادر في لندن، أن تناقش المنظمة مسألة تثبيت الإنتاج في اجتماع اليوم، حيث أن موقف إيران الرافض لتثبيت الإنتاج لم يتغير، كما أن السعودية ترفض التوقيع على أية ترتيبات لتثبيت الإنتاج، مالم توقع عليها طهران.
وارتفع إنتاج النفط الإيراني إلى قرابة 3.6 ملايين برميل يومياً، وهو مستوى قريب من مستويات الإنتاج قبل الحظر النفطي في العام 2012 .
يذكر أن وكالة الأنباء الإيرانية نقلت عن ركن الدين جوادي، نائب وزير النفط قوله، قبل أسبوعين، إن إنتاج بلاده من النفط الخام سيصل مستويات ما قبل العقوبات في غضون شهرين، مؤكداً التزام طهران بتعزيز إنتاجها.
وقال جوادي إنه سيتم العودة لمستويات ما قبل العقوبات بنهاية 20 يونيو/ حزيران الجاري. وكان إنتاج النفط الإيراني يبلغ أقل قليلاً من أربعة ملايين برميل يومياً قبل فرض العقوبات على صناعة النفط في 2011 و2012.
وذكر جوادي، الأسبوع الماضي، أن الإنتاج تجاوز بالفعل 3.5 ملايين برميل يومياً.
ومن جانبها تصر السعودية على زيادة إنتاجها حسب طلبات الزبائن. وكان الرئيس التنفيذي لشركة النفط السعودية "آرامكو"، أمين الناصر قد ذكر في تصريحات نشرتها صحيفة "فاينانشيال تايمز"، أن " الشركة ستلبي كل طلبات العملاء وهنالك دائماً حاجة لزيادة الإنتاج". وقال "سنواصل زيادة إنتاجنا في العام 2016".
ويفهم من هذه التصريحات أن السعودية ليست من أنصار تثبيت الإنتاج كما كان في السابق. وفي المقابل فإن إيران ترفض بشدة أي التزام بتثبيت الإنتاج.
ونقل موقع (شانا) عن مندوب إيران لدى "أوبك" مهدي عسلي، أمس الأربعاء: إن إيران لن تلزم نفسها بأي تثبيت لإنتاج النفط. وأضاف أن من الممكن مناقشة تثبيت الإنتاج بعد استعادة السوق توازنها. ونقل موقع معلومات وزارة النفط الإيرانية على الإنترنت (شانا) عن عسلي: "تدعم إيران جهود أوبك لتحقيق استقرار السوق بأسعار عادلة ومنطقية، لكنها لن تلزم نفسها بأي تجميد". وهو ما يعني اغتيال فكرة تثبيت الإنتاج، حيث يمكن بحث حصص الإنتاج بعد استعادة السوق توازنها".
من جانبها قالت وزارة الطاقة القطرية، أمس الأربعاء، إن أسواق النفط تظهر اتجاهاً إيجابياً نحو استعادة التوازن إذ يرتفع الطلب في الوقت الذي يتباطأ فيه الإنتاج في مختلف أنحاء العالم.
ووصل وزير الطاقة القطري، محمد السادة، الذي يرأس حالياً مؤتمر منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إلى فيينا أمس.
وقالت الوزارة في بيان، إن استعادة توازن السوق ترجع لأسباب أهمها زيادة الطلب وتباطؤ إنتاج كثير من مراكز الإنتاج حول العالم أو توقفه فضلاً عن تراجع الاستثمارات في القطاع.
وأضافت أن أجندة اجتماع "أوبك" الذي سيعقد، اليوم، تتضمن سوق النفط العالمية الحالية والتطورات المتوقعة في مستويات الإنتاج والعرض والطلب والاستثمارات في قطاع النفط والحوار مع المنتجين من خارج "أوبك".
وقال مصدر رفيع في "أوبك" لرويترز، إن دول الخليج في المنظمة تتطلع إلى أن تتخذ أوبك تحركاً منسقاً للمساعدة في إشاعة الاستقرار في أسواق النفط.
وفي وسط ذلك تواصل فنزويلا التي تواجه ظروف انهيار مالي جهودها لتثبيت الإنتاج، حيث قال وزير النفط الفنزويلي، إيولوخيو ديل بينو، أمس، إن هناك تثبيتاً فعلياً لإنتاج النفط في منظمة أوبك، حيث لم يسجل الناتج الإجمالي للمنظمة تغيراً يذكر في الأشهر القليلة الماضية.
وكان ديل بينو، أحد أبرز مهندسي مقترح تثبيت إنتاج النفط، في وقت سابق هذا العام، لكن الخطة فشلت بعدما رفضت إيران الانضمام للاتفاق.
وقال ديل بينو للصحافيين قبيل الاجتماع العادي لأوبك الذي سيعقد اليوم "الإنتاج جرى تثبيته... لأنك إذا كنت ترى الهبوط (في الإنتاج) خارج "أوبك" والصورة الكاملة للموقف في عدة دول فقد استقر الإنتاج دون تغير يذكر في الأشهر الثلاثة أو الأربعة الأخيرة
وفي لندن توقع خبراء غربيون أن تواصل أسعار النفط التذبذب صعوداً وهبوطاً حول مستوى 50 دولاراً خلال الصيف الحالي رغم زيادة إنتاج بعض الدول مثل إيران. لكن هنالك مخاوف من عودة النفط الليبي للأسواق. وهنالك محللون يرون أن أسعار النفط قد تتجاوز 50 دولاراً خلال الصيف الجاري.
وفي هذا الصدد، قال فريزر ماكي، نائب رئيس قسم أبحاث الطاقة بشركة "وود ماكينزي" العالمية، أن "سعر النفط لن يصل فقط إلى 50 دولاراً، بل إنه سيحافظ على هذا السعر وسيتجاوزه خلال الصيف الحالي".
ومن المتوقع أن يساهم الطلب الصيني القوي، حيث تعكف الصين على ملء خزانات الاحتياطي الاستراتيجي. كما يرى محللون أن هنالك تحسناً في الاقتصاد الصيني وأن معدل النمو الأميركي يظهر مؤشرات إيجابية. وهو ما سيدعم الطلب أكثر خلال الصيف الجاري.
كما لاحظ تيم إيفانز محلل النفط بمجموعة "سيتي غروب" المصرفية الأميركية في نيويورك رغبة المستثمرين في شراء عقود النفط الآجلة، وأن هنالك طلباً متزايداً على الوقود في أميركا، حيث تم سحب حوالي 1.1 مليون برميل من الاحتياطات النفطية من مخازن كاشينغ بأوكلاهوما.
وفي ذات الاتجاه لاحظت مؤسسة " أنيرجي أسبكت" المتخصصة في الطاقة، أن الصين ضخت ترليون دولار في البنوك خلال الربع الجاري ضمن برنامج تحفيز النمو الاقتصادي، وأن معظم هذه الأموال ذهبت لمشتريات نفطية.
وقالت الشركة المتخصصة في أبحاث الطاقة، إن ميناء غينجداو الصيني يزدحم بالحاويات النفطية خلال الفترة الأخيرة.
وأشارت بيانات صينية إلى أن واردات الصين من النفط ارتفعت، خلال شهر مارس/آذار الماضي، إلى مستويات قياسية، حيث بلغت 9.86 ملايين طن متري.
من جانبها لاحظت مجموعة" سيتي غروب" المصرفية توجه صناديق الاستثمار نحو شراء عقود النفط الآجلة، وسط صعود الطلب بقوة على الوقود في أميركا قبيل موسم الصيف، الذي يعد مؤشراً على زيادة الطلب على الخامات النفطية في البلاد.
وارتفعت أسعار الجازولين في العقود المستقبلية بسوق "وول ستريت" خلال الشهر الماضي متجاوزة حاجز 5.29 سنتات أو بنسبة 3.5% إلى 1.566 دولار للغالون.
كما لاحظ تيم إيفانز، محلل النفط بمجموعة "سيتي غروب" المصرفية الأميركية في نيويورك رغبة المستثمرين في شراء عقود النفط الآجلة، وأن هنالك طلباً متزايداً على الوقود في أميركا، حيث تم سحب حوالي 1.1 مليون برميل من الاحتياطات النفطية من مخازن كاشينغ بأوكلاهوما.