اتهامات متبادلة بتخريب نفط اليمن.. والخسائر بالمليارات

31 مارس 2014
تفجير أنبوب نفط في اليمن
+ الخط -

تصاعدت عمليات تخريب النفط اليمني عقب نجاح الثورة في الإطاحة بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، وبلغت الخسائر خلال السنوات الثلاث الماضية 4.750 مليار دولار، حسب الإحصاءات الرسمية، وشهد اليمن ثلاثة تفجيرات للأنبوب الرئيسي في محافظة شبوة خلال الأسبوع الماضي فقط.

وعلى خلفية هذا التصعيد، تبادلت أطراف سياسية وقبائل وأجهزة الأمن الاتهامات حول المسؤولية عن عمليات التخريب، وفي الوقت الذي اتهمت فيه قبائلُ الأجهزةَ الأمنية بالتراخي، بل التواطؤ، بسبب معرفتها الجناة، على حد زعمهم، أكد الناطق باسم وزارة الداخلية اليمنية، محمد القاعدي لـ"العربي الجديد" أن الوزارة تبذل جهودا كبيرة لتأمين النفط، إلا أنه ينتظر تعاون القبائل والمجتمع المحلي للقبض على الجناة.

مسؤولية الأمن

الشيخ القبلي في محافظة مأرب، شمال شرق اليمن، مفرح بحيبح، قال لـ "العربي الجديد" هناك قيادات أمنية في المحافظة متواطئة مع مخربي النفط وتعرفهم، لكنها تتغاضى عن أفعالهم.

وأضاف أن الاعتداءات على أنابيب النفط ليست جديدة، وهي موروث قديم، لكنها تزايدت بعد ثورة الشباب 2011 بسبب دخول العامل السياسي وانقسام الجيش.

وأرجع بحيبح صمت الدولة إزاء ما يحدث إلى مشاكل في الجيش اليمني، بسبب ولائه لأطراف سياسية وليس للوطن، وهذا سر عدم القبض على المخربين، رغم معرفتهم وإعلان أسمائهم في وسائل الإعلام.

ووفقاً لمصدر في وزارة النفط اليمنية، فإن الأنبوب الرئيس في مأرب، تعرض خلال العام الماضي 3013 لما يقرب من 30 تفجيرا وتسبب في توقف ضخ نحو 100 ألف برميل نفط يوميا، وقد كبّد اليمن خسائر مادية قدرت بنحو 15 مليون دولار.

وينقل الأنبوب يومياً ما بين 70 ألفا إلى 110 آلاف برميل من الخام الخفيف إلى مرفأ مأرب وهو ميناء تصدير على البحر الأحمر.

رهن المتابعة

وأكد الناطق باسم وزارة الداخلية اليمنية، محمد القاعدي، لـ"العربي الجديد" أن العناصر التي تقوم بتفجير أنابيب النفط، رهن المتابعة، وبأنه تم تعميم صورهم وأسمائهم على جميع المرافق والنقاط العسكرية الحكومية، وعمل ملفات بأسمائهم وتقديمها للنيابة العامة.

وطالب القاعدي، بتعاون المجتمع المحلي ومشايخ القبائل مع الدولة لضبط الجناة وتقديمهم للعدالة، وأشار إلى أن هذه المشكلة لا يمكن أن تواجهها أجهزة الأمن من دون تكاتف الجميع.

 وأضاف أن هناك جهات أمنية مسؤولة عن تأمين هذه الأنابيب، لكنه أرجع المشكلة إلى بعد مسافة الأنابيب عن بعضها، وقدّرها بمئات الكيلومترات، وقال إن هناك صعوبة في تأمينها كاملة، لكن الجهات الأمنية تقوم بواجبها.

ونفى القاعدي أن تكون هناك قيادات أمنية متواطئة مع مفجري أنابيب النفط، وأكد أن هذا الكلام غير صحيح بالمرة، ومن يقول هذا يجب عليه إثباته، ونلتزم نحن في وزارة الداخلية بمعاقبتهم، والمنتمي للسلك العسكري عقوبته مضاعفة.

المتهم "كلفوت"

وأعلنت وزارة الداخلية اليمنية في وقت سابق، أسماء عدد من مفجري أنابيب النفط، وتم نشر أسمائهم في وسائل الإعلام الرسمية، لكنه لم يتم حتى الآن القبض على أحد منهم.

 واتهمت الداخلية اليمنية، شخصا يدعى "محمد حسن العبحي كلفوت" بترؤس عصابة لتدمير أنابيب النفط والكهرباء وابتزاز الحكومة لتحقيق مطالب شخصية، لكن شيوخ قبائل في مأرب، أكدوا أن الأمر تقف وراءه أطراف سياسية.

وظهر"كلفوت" في مقابلة مع قناة تلفزيونية يمنية، وأرجع سبب قيامه بأعمال تفجير أنابيب النفط إلى عدم قيام الدولة بواجبها تجاه نجله الذي قتل في صنعاء على أيدي مسلحين قبليين، ولم تتخذ الدولة إجراءاتها لضبط الجناة.

وكان حسن محمد العجي (نجل كلفوت) قتل على أيدي رجال قبائل ينتمون إلى محافظة عمران، وسط اليمن، منتصف مايو/ أيار 2012، وأمرت المحكمة بالقبض على الجناة، لكن هذا لم يحدث، واستمر "كلفوت" في أعمال تفجير أنابيب النفط.

المواطن محروم

ويقع الضرر الأكبر على المواطنين اليمنيين الذين حرموا من عائدات النفط، ويقول المواطن عبده يحيى، 40 عاماً، إن النفط في اليمن يشوبه الكثير من الفساد، وبأن الشعب اليمني لا يجني ثمار ما ينتجه اليمن من النفط.

وأضاف كل ما أعرفه أن هناك فسادا كبيرا في هذا المجال. الفاسدون يستفيدون، بينما المواطنون محرومون من عائداته.

وتبلغ صادرات النفط الخام نحو 70 في المائة من موارد الموازنة العامة للدولة، و63 في المئة من إجمالي صادرات البلاد، و30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ويعد اليمن منتجا صغيرا للنفط، ويدور إنتاجه حالياً ما بين 280 -300 ألف برميل يومياً، بعد أن كان يزيد على 400 ألف برميل يومياً في السنوات السابقة.

وكان متوسط سعر خام برنت، قد سجل 103 دولارات للبرميل في مايو/أيار 2013، قياسا بـ 109 دولارات للبرميل في مايو/ أيار 2012.

حماية المصالح

ويقول الخبير الاقتصادي، سعيد عبد المؤمن، لـ" العربي الجديد" إن استمرار ضرب أنابيب النفط يعبر عن قضيتين رئيسيتين، أولهما، ضعف أجهزة الدولة العسكرية والأمنية وتقصيرها في حماية هذا المورد الاقتصادي الهام، والقضية الثانية، أن من يقوم بهذه العمليات هم جماعات وأفراد تسعى إلى تحقيق مصالحها من خلال الضغط على الدولة، وأخطر هؤلاء، هم من ينتمون إلى السلطة السابقة التي تعتقد أن ذلك سوف يعيدها ظافرة إلى السلطة أو سيهدم اليمن على رؤوس الجميع.

ويوضح عبد المؤمن أن ضعف الدولة، لم يعد مبررا، خاصة أن مخرجات الحوار الوطني الشامل تلزمها باتخاذ الإجراءات ضد هؤلاء وحماية المصالح الاقتصادية، وبأن السلطة التشريعية ممثلة بمجلس النواب لم تقوم بواجبها في محاسبة الحكومة الانتقالية، كونها أصبحت مترهلة وظاهرة صوتية.

وتتعرّض أنابيب ضخ النفط وخطوط التيار الكهربائي في اليمن إلى التخريب في محافظتي شبوة، جنوب شرق اليمن، ومأرب، شمال شرق اليمن، من قبل مسلحين يطالبون السلطات بمطالب مختلفة، منها الإفراج عن محتجزين لديها أو فدية مالية، ويتكبّد الاقتصاد اليمني خسائر كبيرة جراء عمليات التفجير المتكررة لأنابيب النفط.

وكانت الحكومة اليمنية قد كشفت مؤخراً، أن إجمالي الخسائر الناتجة عن تفجير أنابيب النفط خلال العام الماضي 2013، بلغت أكثر من 225 مليار ريال يمني، وهو ما يقدر بالدولار بمليار و47 مليون دولار.

وتزايدت الأعمال التخريبية ضد أنابيب النفط والغاز المسال بعد ثورة الشباب السلمية عام 2011 والتي خرجت تطالب برحيل نظام علي عبدالله صالح.

وبحسب وزارة النفط اليمنية، فإن حجم الخسائر التي تكبدها الاقتصاد اليمنى جراء الأعمال التخريبية التي طالت أنابيب النفط، منذ العام 2011 وحتى نهاية العام 2013، قدرت بأربعة مليارات و750 مليون دولار.

 وبحسب تقرير صادر عن شركة "صافر" لعمليات الاستكشاف والإنتاج النفطي في اليمن، فإن خسائر الشركة وحدها، بلغت 1,82 مليار دولار جراء احتراق أو تسرب 17,9 مليون ألف برميل نفط خلال الفترة من مارس/آذار 2011، حتى نهاية 2013.

تراجع الاستثمارات

من جهته، يؤكد رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، لـ "العربي الجديد" إن هذه الخسائر الكبيرة التي يتكبدها اليمن جراء تفجير أنابيب النفط، ليست خسائر مباشرة في عجز الموازنة، وإنما هناك خسائر كبيرة جراء توقف البرنامج الاستثماري للحكومة اليمنية، بسبب هذه الأعمال التخريبية التي تؤثر تأثيراً كبيراً على الاقتصاد اليمني.

وقال إن هذه الأعمال التخريبية تعمل على توقف حركة التنمية وبرامج الاقتصاد والإصلاح التي تسعى إلى تنفيذها الحكومة، وهذا لا يخدم التنمية على المدى البعيد.

ويتمثل حل المشكلة، حسب نصر، بوقوف الدولة بحزم تجاه من ينفذون هذه الأعمال التخريبية، وعلى الوزارات المعنية التدخل السريع لتجاوز هذه المشكلة التي تهدد الاقتصاد الوطني وتعمل على تفشي ظاهرة الفوضى".

استكشافات نفطية

وأعلن اليمن في منتصف شهر يوليو/ تموز 2013 عن استكشافات نفطية وغازية جديدة، في محافظة الجوف، على الحدود مع المملكة العربية السعودية.

وبحسب مصادر في الهيئة العامة للاستكشافات النفطية، فإن اليمن يمتلك 13 حوضاً رسوبياً، وبأنه لا ينتج حتى الآن إلا في حوضين رسوبيين فقط، بنسبة 15% من إجمالي المساحة الموجودة لدى اليمن.

وأعلنت اليمن في شهر يوليو/ تموز 2013 عن عشرين قطاعا نفطيا جديدا، تأهلت 18 شركة نفطية عالمية لتشغيلها، وهي ما بين 11 قطاعا بحريا وتسعة قطاعات برية.

تخوف المانحين

وتلقى مشكلة الاعتداءات على النفط والكهرباء، وعدم استقرار الأوضاع الأمنية، تخوفاً لدى المانحين الدوليين من الإيفاء بتعهداتهم لليمن، وعدم استطاعة الحكومة اليمنية فرض سيطرتها على الأماكن الحيوية التي يوجد فيها أنابيب النفط والكهرباء.

وأصدر الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، الأسبوع الماضي، قراراً جمهورياً بتعيين، أمة العليم السوسوة، رئيساً للجهاز التنفيذي لاستيعاب تعهدات المانحين، خلفاً للخبير الاقتصادي التونسي، الهادي العربي، الذي اختير في يناير/كانون الثاني الماضي ضمن تشكيلة الحكومة التونسية.

وتتولى عملية استيراد المشتقات النفطية، شركة مصافي عدن، فيما يتولى البنك المركزي اليمني تغطية قيمة هذه الواردات.

وكان مسؤولون يمنيون، أكدوا أن اليمن يحتاج إلى 11.9 مليار دولار لمعالجة المشاكل التي تعصف به، ويعاني 44 في المئة من الجوع، ويحتاج حوالى عشرة ملايين يمني إلى مساعدات غذائية عاجلة، وفقا لأحدث التقارير.

 الدولار = 214.80 ريال يمني

المساهمون