15 نوفمبر 2024
ابتزاز طويل العمر
خلال قمة العشرين التي اختتمت أمس السبت في الأرجنتين، علت ضحكات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، مع بعض الرؤساء والزعماء الحاضرين، وخطفت لقطة المصافحة الغريبة مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الأضواء، وروّجتها وسائل الإعلام السعودية باعتبارها نصراً لولي العهد، وكسراً لحصاره وعزلته الدولية التي ترافقت مع جريمة قتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي. وبعد المشاركة في قمة العشرين، بات بن سلمان، والذين يدورون في فلكه، يعتقدون أن الجريمة صارت وراء ظهورهم، وأن الملف في طور الطي والدخول في المتاهات الروتينية القضائية الصورية التي أطلقتها النيابة العامة السعودية.
غير أن هذا الظن إثم، وخصوصاً إذا كان في إطار السياسات الدولية، وتحديداً مع العربية السعودية، والتي تنظر إليها الدول الغربية بقرة حلوبا يمكن أن تجني منها أموالاً مقابل صفقات قد لا تكون بحاجة إليها، وبأثمان مضاعفة عما يمكن أن تباع لأي دولة أخرى. كان هذا الأمر قبل جريمة قتل خاشقجي، وقبل أن تحوم الشبهات حول ولي العهد السعودي، وقبل أن توجّه له، بشكل شبه رسمي، أصابع الاتهام في إصداره أمر الجريمة، وقبل أن يُظهر بن سلمان استعداده للقيام بأي شيء في مقابل إبعاده عن ساحة الجريمة، وإخراجه من دائرة الشبهات، وهو ما باتت تدركه الدول الغربية، وخصوصاً الكبرى منها، على غرار الولايات المتحدة وروسيا.
ستُبقي هذه الدول الغربية قضية خاشقجي معلقة، لتكون إطاراً مناسباً لابتزاز السعودية وولي عهدها في أي لحظة. وفي حال قدّر لبن سلمان أن يتولى عرش المملكة، فإن الجريمة وتداعياتها ستكونان قيداً يرافق فترة حكمه، إذ سيعود التذكير بها إلى الظهور في أي مناسبة ترى فيها الدول الغربية، والولايات المتحدة تحديداً، أن سلوك السعودية يتعارض مع مصالحها. وربما ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، أمس، حول تفاصيل تقدير "سي آي إيه" في أن بن سلمان وراء الجريمة، واستناده إلى مراسلات بين ولي العهد السعودي ومستشاره في الديوان الملكي، سعود القحطاني، يأتي في إطار هذا التذكير بعد مشهد المصافحة الشهيرة بين ولي العهد والرئيس الروسي، والتي، لا شك، لم تعجب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي كان يراقبها عن كثب. قد يكون بن سلمان الآن قد تلقف الرسالة، وسيتّجه إلى ترامب لاسترضائه، ربما بصفقاتٍ جديدة أو زيادة جديدة في إنتاج النفط لخفض الأسعار.
سيكون مثل هذا التوجه السعودي بقيادة ولي العهدـ في "رشوة" ترامب وغيره، سلوكاً عاماً للمملكة خلال السنوات الطويلة المقبلة، ما دامت ورقة الابتزاز لا تزال موجودة، وسيف العقوبات سيكون مسلطاً على رقبة السعودية في أي لحظة. يحاول بن سلمان اليوم تجنب مصير الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، الذي قبع سنواتٍ تحت العقوبات، بعد اتهامه بتفجير طائرة لوكيربي، حتى لو كلفه ذلك إفراغ خزائن المملكة من الدولارات، وتجفيف آخر بئر نفط فيها.
ربما على السعوديين أن يكونوا مستعدين لمرحلة جديدة من الضرائب والرسوم التي باتت تفرض عليهم، إذ سيكون ولي العهد بحاجة عما قريب إلى مداخيل إضافية تسد العجز الذي تسببه رشاويه المستمرة للولايات المتحدة، هذا قبل أن ينتقل إلى روسيا، فمن المؤكّد أن بوتين، وخلال زيارته المرتقبة إلى السعودية، سيطالب بثمن سكوته ودفاعه عن ولي العهد، وهو ما سيتعامل معه الأخير بسخاء. وكما حال ترامب وبوتين، سيتقدم زعماء آخرون أيضاً للحصول على حصتهم من المغانم، وسيكون التعامل معهم بالطريقة السخية ذاتها. لا شك في أنه سيكون ابتزازاً طويل العمر يا "طويل العمر".
غير أن هذا الظن إثم، وخصوصاً إذا كان في إطار السياسات الدولية، وتحديداً مع العربية السعودية، والتي تنظر إليها الدول الغربية بقرة حلوبا يمكن أن تجني منها أموالاً مقابل صفقات قد لا تكون بحاجة إليها، وبأثمان مضاعفة عما يمكن أن تباع لأي دولة أخرى. كان هذا الأمر قبل جريمة قتل خاشقجي، وقبل أن تحوم الشبهات حول ولي العهد السعودي، وقبل أن توجّه له، بشكل شبه رسمي، أصابع الاتهام في إصداره أمر الجريمة، وقبل أن يُظهر بن سلمان استعداده للقيام بأي شيء في مقابل إبعاده عن ساحة الجريمة، وإخراجه من دائرة الشبهات، وهو ما باتت تدركه الدول الغربية، وخصوصاً الكبرى منها، على غرار الولايات المتحدة وروسيا.
ستُبقي هذه الدول الغربية قضية خاشقجي معلقة، لتكون إطاراً مناسباً لابتزاز السعودية وولي عهدها في أي لحظة. وفي حال قدّر لبن سلمان أن يتولى عرش المملكة، فإن الجريمة وتداعياتها ستكونان قيداً يرافق فترة حكمه، إذ سيعود التذكير بها إلى الظهور في أي مناسبة ترى فيها الدول الغربية، والولايات المتحدة تحديداً، أن سلوك السعودية يتعارض مع مصالحها. وربما ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، أمس، حول تفاصيل تقدير "سي آي إيه" في أن بن سلمان وراء الجريمة، واستناده إلى مراسلات بين ولي العهد السعودي ومستشاره في الديوان الملكي، سعود القحطاني، يأتي في إطار هذا التذكير بعد مشهد المصافحة الشهيرة بين ولي العهد والرئيس الروسي، والتي، لا شك، لم تعجب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي كان يراقبها عن كثب. قد يكون بن سلمان الآن قد تلقف الرسالة، وسيتّجه إلى ترامب لاسترضائه، ربما بصفقاتٍ جديدة أو زيادة جديدة في إنتاج النفط لخفض الأسعار.
سيكون مثل هذا التوجه السعودي بقيادة ولي العهدـ في "رشوة" ترامب وغيره، سلوكاً عاماً للمملكة خلال السنوات الطويلة المقبلة، ما دامت ورقة الابتزاز لا تزال موجودة، وسيف العقوبات سيكون مسلطاً على رقبة السعودية في أي لحظة. يحاول بن سلمان اليوم تجنب مصير الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، الذي قبع سنواتٍ تحت العقوبات، بعد اتهامه بتفجير طائرة لوكيربي، حتى لو كلفه ذلك إفراغ خزائن المملكة من الدولارات، وتجفيف آخر بئر نفط فيها.
ربما على السعوديين أن يكونوا مستعدين لمرحلة جديدة من الضرائب والرسوم التي باتت تفرض عليهم، إذ سيكون ولي العهد بحاجة عما قريب إلى مداخيل إضافية تسد العجز الذي تسببه رشاويه المستمرة للولايات المتحدة، هذا قبل أن ينتقل إلى روسيا، فمن المؤكّد أن بوتين، وخلال زيارته المرتقبة إلى السعودية، سيطالب بثمن سكوته ودفاعه عن ولي العهد، وهو ما سيتعامل معه الأخير بسخاء. وكما حال ترامب وبوتين، سيتقدم زعماء آخرون أيضاً للحصول على حصتهم من المغانم، وسيكون التعامل معهم بالطريقة السخية ذاتها. لا شك في أنه سيكون ابتزازاً طويل العمر يا "طويل العمر".