قبل ستة أعوام، بدأ إيهاب حصوة (14عاماً)، العمل على تطوير موهبته من خلال التواصل مع رسامي الكاريكاتير الأردنيين والعرب، علّه يستفيد من خبرتهم. في ذلك الوقت، كان الطفل مغرماً بمتابعة برامج الرسوم المتحركة، قبل أن يحاول رسمها. يقول: "كنت أجلس ساعات أمام التلفاز لمتابعة الرسوم، ثم حاولت رسم الشخصيات الكرتونية التي أحب متابعتها. ومع تكرار المحاولات، صرت أرسمها بشكل متقن".
كان حصوة محظوظاً بعدما لفتت محاولاته الأولى انتباه صديق شقيقه الأكبر، الذي يجيد الرسم. يقول: "صار يعلّمني مبادئ الرسم". آمن هذا الصديق بموهبة الطفل، ومن بعده شقيقه. يضيف: "صار شقيقي، وهو محامٍ، يجلب لي مستلزمات الرسم، بالإضافة إلى كتب لرسامي الكاريكاتير حتى أتعلّم من لوحاتهم".
أما الهدية الأجمل التي حصل عليها حصوة، فكانت جهاز رسم "تابلت". من خلاله، اكتسب خبرة في الرسم مستخدماً وسائل تكنولوجية حديثة. مع ذلك، يقول إنه سيحافظ على الوسائل التقليدية في الرسم. وفي بعض الأحيان، يستخدم الطريقتين، إذ يخشى أن يخسر موهبته في حال اعتمد على الوسائل الحديثة وأهمل الطريقة التقليدية في الرسم. لذلك، "أرسم مستعيناً بالقلم والورقة، ثم أُدخِل اللوحة على الجهاز وأجري التعديلات عليها".
وساعدت وسائل التواصل الاجتماعي حصوة على إبراز موهبته. أنشأ صفحة على "فيسبوك" لنشر لوحاته، حتى أصبحت محل اهتمام المواقع الإخبارية الأردنية. ومن خلال مواقع التواصل هذه، تواصل مع العديد من رسامي الكاريكاتير الأردنيين والعرب. يقول: "تعرفت على رسامين من كل مكان. أتواصل معهم وأستمع إلى نصائحهم وتوجيهاتهم. وقد تكون النصيحة الأفضل هي تلك التي وجهها إليه أحد الرسامين، مطالباً إياه الالتزام بالتعبير عن قضايا فئته العمرية.
يقول حصوة إن "النصيحة كانت ممتازة، إذ لا يوجد رسام كاريكاتير يدافع عن قضايا الأطفال بشكل دائم، علماً أن لديهم مشاكلهم أيضاً. وهناك قضايا عدة يمكن التركيز عليها". في الوقت الحالي، يرسم عن عمالة الأطفال، وأولئك الذين يقعون ضحية الحروب والصراعات، والعنف المدرسي والأسري ضد الأطفال، ويستعد لإقامة معرض خاص حول قضايا الأطفال.
أيضاً، يهتم بالتطرق إلى القضايا الاجتماعية. يضيف: "أحب التطرق إلى القضايا التي تهم واقع الناس، على غرار رفع الأسعار وأثره على الناس، والفقر، والبطالة. أيضاً، أرسم عن السلوكيات الخاطئة المنتشرة في البلاد، منها إطلاق الرصاص في الأعراس". وفي بعض الأحيان، يرسم عن القضية الفلسطينية.
يقول حصوة: "في البداية، لم أشعر أن لديّ قضية يجب أن أدافع عنها من خلال لوحاتي. كنتُ أرسم للمتعة فقط. لكن مع الوقت، لاحظت أنني أدافع عن قضايا الناس من خلال الرسم".
خلال العام 2014، وتحديداً بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عرض على حصوة المشاركة في معرض "نرسم لغزة"، والذي شارك فيه مائة رسام من جميع أنحاء العالم. يقول: "كنت أصغر مشارك في المعرض". أقيم المعرض في مدينة رام الله، واستمر يومين قبل أن ينتقل إلى عمان. حصوة رسم طفلاً في قطاع غزة يهرب من الأرجوحة التي أصبح يتخيّلها على شكل حبل مشنقة.
لا يحب حصوة الخطوط الحمراء. في إحدى المرات، رسم لوحة ينتقد فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشكل لاذع، وأخرى عن حادثة رمي حذاء في وجه رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور. يقول: "بعد دقائق من نشر الرسومات على صفحتي، اتصل والدي غاضباً وطلب مني إزالتها. استجبتُ لرغبته، لكن عدداً من المواقع الإخبارية كانت قد أعادت نشرها". ويعلق أن "الرقابة غير مفيدة".
لا يكتفي والد الطفل الموهوب بممارسة الرقابة على لوحاته. لكنه، وبحسب إيهاب، يعارض أن يكون الرسم "مهنتي المستقبلية. يريدني أن أدرس تخصصاً يكون مطلوباً في سوق العمل". لكنه مصر على تحويل موهبته إلى مهنة، ويأمل أن يغيّر والده موقفه في المستقبل.
يبدو مصراً على إقناعه بتعديل موقفه رويداً رويداً. ما زال لديه متسع من الوقت لذلك. وحتى يصل إلى المرحلة الجامعية، سيعمل على تطوير موهبته من خلال متابعة أعمال رسامي الكاريكاتير العرب والأجانب، بالإضافة إلى التدرب أكثر على الرسم، والأهم التميز في خلق أفكار جديدة تكون قريبة من الناس. هذا الصبي يدرك جيداً أنه لا يرسم لنفسه فقط، وإن كان الرسم متعته وسعادته.
اقرأ أيضاً: انتشار ظاهرة "التسكع" أمام مدارس البنات في الأردن