أصدرت النيابة العامة في الكويت، قراراً بمنع 20 مسؤولاً في إحدى أكبر الشركات الاستثمارية العقارية في البلاد من السفر حتى إشعار آخر، بعد ورود بلاغات من وزارة التجارة تفيد قيامهم بعمليات نصب واحتيال وغسيل أموال.
وكانت نيابة الأموال العامة، قد بدأت تحقيقاً شاملاً مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، في إحدى الشركات الاستثمارية، التي توهم المواطنين بنشاطات استثمارية وعقارية وتملك أراضٍ وشقق غير موجودة خارج البلاد، مع وعد تام لهم بإعطائهم ثلاثة أضعاف رأسمال كأرباح في مدة لا تتجاوز العام.
وتمكنت الشركة التي لم يتم الكشف عن اسمها، من سرقة أكثر من 30 مليون دينار كويتي (100 مليون دولار أميركي) من المستثمرين، الذين كان أغلبهم من النساء وكبار السن، وفق تصريحات وزير التجارة الكويتي يوسف العلي.
وقال وكيل وزارة التجارة خالد الشمالي، في تصريحات صحافية، أمس، إن الوزارة قامت بعمل عدة تحقيقات حول الشركة، وشكت في تضخم أرصدة مسؤوليها، مشيرا إلى أن رأسمالها لا يتعدى بضعة آلاف من الدولارات فقط، وهو ما لا يتناسب مع حجم استثماراتها المزعومة، والتي تقول إنها تصل إلى مليارات الدولارات.
وأشار إلى أنه تمت إحالة ملف الشركة إلى وحدة التحريات المسؤولة عن التحقق من وقائع غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتي حولته بدورها إلى وزارة الداخلية لتحيله الأخيرة إلى النيابة العامة التي تتولى حالياً التحقيق فيه.
وقال الخبير الاقتصادي عبدالله السلوم لـ"العربي الجديد"، إن "الشركة لجأت إلى إيهام العملاء بمنحهم نسبة سنوية تصل إلى 300% من قيمة رأسمال المستثمر، بينما تقوم بتسديد أرباح المساهم الأول من رأسمال المساهم الثاني وهكذا حتى تنفجر الفقاعة".
وأضاف السلوم أن الشركة قامت بإيهام الناس بأنها تستثمر في العقارات، حيث اشترت عقارات مهملة وقديمة في البوسنة وتركيا، وعملت تحت مسمى التطوير العقاري كواجهة للاحتيال.
وقال الخبير العقاري علي الكندري في تصريح إلى "العربي الجديد"، إن الشركة وثلاثة كيانات أخرى دخلت السوق العقاري فجأة قبل ثلاث سنوات، مستغلة بداية هبوط أسعار السوق العقاري المحلي وركوده وتوقف النشاط الاستثماري فيه، وأوهموا الناس أن المستقبل هو في الاستثمار في العقارات خارج الكويت، وتحديداً في تركيا.
وأضاف "ما كان يحدث أنهم يقومون بشراء بنايات عقارية بأسعار بخسة ثم يوهمون العملاء بأن أسعارها عالية جداً، وعليه فإن أرباحها عالية أيضاً".
وتابع "أعمل في تجارة العقارات منذ 25 عاماً ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يوجد عقار في العالم يستخرج ربحاً مقداره 300% سنوياً، كما توهم هذه الشركة الناس، لكن غياب المنطق الاقتصادي عند الكثير والطمع في كسب الربح السريع دفعهم للتورط مع هذه الشركات".
وكانت الشركة قد أعلنت في وقت سابق، أنها اشترت مجمعات سكنية في أوروبا بقيمة تتجاوز النصف مليار دولار، لكن الخبير الاقتصادي سلطان العجمي، يقول في تصريحات خاصة، إن شراء مجمعات سكنية بهذه القيمة لا شك أنه سيهز الصحف الاقتصادية الأوربية والعالمية، لكن بعد البحث والتدقيق تبين أنه لا توجد أي صفقة من هذا النوع.
وأشار إلى أن ما قامت به الشركة عبارة عن حيلة لسرقة أموال المستثمرين، الذين تورط أكثرهم بأخذ قروض استهلاكية من البنوك والمؤسسات المالية طمعاً في مزيد من الربح السهل.
وأضاف: "أعتقد أن هذه ستكون أكبر فضيحة احتيال في تاريخ الكويت الاقتصادي، خصوصاً أن المبلغ المعلن عنه حتى الآن وصل إلى 100 مليون دولار".
وكانت الحكومة الكويتية قد تمكنت بمساعدة الإنتربول من القبض على محتال سعودي قبل عامين بعد فراره إلى مصر، حيث قام بإيهام مجموعة من كبار السن والمتقاعدين بامتلاكه لمصانع ومؤسسات مقاولات، ودعاهم للاستثمار معه قبل أن يعلن إفلاسه.
وأشارت مصادر رفيعة المستوى في وزارة التجارة، إلى تورط أشخاص ذوي نفوذ عالٍ ومحررين اقتصاديين ولاعبي كرة قدم، بالقيام بحملات إعلانية ضخمة للشركة مع معرفتهم بأنها واجهة مزيفة لمجموعة من المحتالين.
وكان النائب العام في الكويت قد أصدر مذكرة اعتقال للإنتربول بحق مدير الشركة العقارية، الذي فر مساء أمس الأول لخارج البلاد، بينما تمكنت وزارة الداخلية من القبض على مدير الاستثمار، الذي أثبتت التحريات اختلاسه لمبالغ كبيرة من حسابات المساهمين.