إيطاليا تطلق سراح المعارض المصري محمد محسوب

02 اغسطس 2018
قرار القضاء الإيطالي أعقب النظر بالأحكام الصادرة ضد محسوب(فيسبوك)
+ الخط -

أطلقت السلطات الإيطالية، اليوم الخميس، سراح المعارض المصري البارز، وزير الشؤون النيابية السابق، محمد محسوب، بعد توقيفه قرب مدينة كاتانيا، مساء الأربعاء، بناءً على طلب من السلطات المصرية بتسليمه، على وقع إدراجه في القائمة الحمراء للشرطة الدولية (الإنتربول)، استناداً إلى اتهامه بالنصب في إحدى القضايا "الملفقة" من السلطة الحاكمة في بلاده.

وجاء قرار القضاء الإيطالي بعد نظر الأحكام الصادرة ضد محسوب، وطبيعة القضايا المتهم فيها، تاركاً للشرطة الدولية عملية تسليم الوزير السابق للسلطات المصرية من عدمه، وهي العملية التي قد تستغرق وقتاً طويلاً بسبب الإجراءات التي يتخذها "الإنتربول" بشأن دراسة الأحكام الصادرة ضد المطلوب تسليمهم على ذمة أحكام صادرة بحقهم.

وفي أول تعليق له بعد إطلاق سراحه، شكر محسوب عبر صفحته الشخصية في "تويتر": "كل القلوب الطيبة التي أحاطتني بتضامنها ومشاعرها الدافئة"، مشيراً إلى أنه يعدها "بأن لا أتخلى عن قضايانا العادلة ما حييت".



وكتب الحقوقي المصري البارز، جمال عيد، في تغريدة له على موقع "تويتر"، معقباً: "قاعدة قانونية دولية لا جدال فيها: يحظر تسليم أشخاص إلى بلدانهم أو إلى بلدان أخرى قد يتعرضون فيها إلى التعذيب أو المحاكمة غير العادلة أو المعاملة اللا إنسانية".​

وأوضح القاضي المصري السابق، أيمن الورداني، في تدوينة له على صفحته الشخصية بموقع "فيسبوك": "أياً كانت التهم الموجهة إلى محسوب، فإنه لا يجوز ولا يحق لإيطاليا تسليمه إلى النظام المصري، لأن إيطاليا من الدول الموقعة على جميع بروتوكولات اتفاقية مناهضة التعذيب، وهو ما يلزمها قانوناً بالامتثال لما ورد في الاتفاقية من نصوص وأحكام".

ونصت المادة الثالثة من الاتفاقية على أنه "لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو تعيده أو تسلّمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب"، وأن "تراعي السلطات المختصة تحديد ما إذا كانت هذه الأسباب متوافرة، وجميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك حالة الانطباق، ووجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية".



وأشار الورداني إلى أنه "ثبت بما لا يدع مجالاً للشك، وعلى وجه اليقين، الذى تثبته وتؤكده الوقائع، والمستندات، والتقارير الأممية، والمنظمات الدولية المعتمدة المعترف بها، أن النظام المصرى يمارس التعذيب، وينتهك حقوق الإنسان بصورة جماعية وفردية فادحة، في إطار ممنهج".

وأفاد كذلك بأن عدم غلق ملف حادثة مقتل الباحث الإيطالي، جوليو ريجيني، يثبت تعرّض المعتقلين إلى التعذيب المميت في مصر من دون تحقيق، مختتماً: "الحالات المماثلة تقطع بأن القضاء الإيطالي سيرفض تسليم محسوب إلى السلطات المصرية، وآخرها حالة المواطن الجزائري، المدير التنفيذي لمنظمة الكرامة في جنيف، رشيد المثني، والذي اعتقل في إيطاليا بعد أن طلبت الجزائر تسليمه على خلفية اتهامات مماثلة".

الخارجية المصرية: سنواصل ملاحقة محسوب

من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية المصرية أن الخارجية الإيطالية أخطرتها بأنها أفرجت عن وزير الشئون القانونية السابق محمد محسوب بسبب تمتعه بالجنسية الإيطالية منذ عام 2016.

وذكر بيان للخارجية المصرية أن "سفارتها في روما تلقت إخطارا شفهيا من السلطات الإيطالية بإلقاء القبض على محسوب بناء على طلب الجهات القضائية المصرية المختصة من الإنتربول الدولي تعميم مذكرة للقبض على "المتهم" على كافة الدول"، كما تضمن الإخطار أن السلطات الإيطالية تدرس حالياً الوضع القانوني للمتهم في ظل تمتعه بالجنسية الإيطالية.

وأضاف البيان أن "إيطاليا أكدت أنها سوف تنظر فيما نسب إليه من اتهامات من قبل الجهات القضائية المصرية، وأن مصر ستواصل متابعة الموقف وملاحقته".

ولم تفلح محاولات الأذرع الإعلامية، الموالية لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، في التأثير على قرار السلطات الإيطالية بإطلاق سراح محسوب، بعدما زعمت - نقلاً عن مصادر دبلوماسية "مجهولة" - أن "الإنتربول" الدولي سيتولى عملية تسليمه إلى السلطات المصرية، بعد عرضه على قاض إيطالي للنظر في الأحكام الصادرة بحقه من القضاء المصري في بعض القضايا الجنائية والمخالفات القانونية.

وادعت العديد من المواقع الإخبارية المحلية في مصر أن محسوب يحمل الجنسية الإيطالية، كونه متزوجاً من سيدة إيطالية، وجرى اعتقاله في إحدى مدن جنوب إيطاليا "بتهمة الاحتيال ضد إحدى الشركات"، معتبرة أن محسوب بات تحت حصار "الإنتربول"، من جراء عدم تنفيذه أحكاماً قضائية باتّة (نهائية) ضده، وتكرار اسمه في النشرات الحمراء الخاصة بالشرطة الدولية.

ودعا عضو البرلمان الموالي للنظام، مصطفى بكري، السلطات الإيطالية، إلى سرعة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتسليم محسوب، بذريعة أنه أحد المطلوبين بتهمة "التحريض على الإرهاب" في مصر، و"التخابر لصالح دول أجنبية"، وكونه أحد الأشخاص المدرجين على قوائم الإرهاب، وسبق أن صدر قرار بالتحفظ على أمواله في القضية رقم (28) لسنة 2013.


من جهته، قال محسوب في مقطع فيديو نشره على موقع "فيسبوك"، إنه "ليس نادماً على دفع ثمن مواقفه الداعمة للشرعية، وسيدافع عن حريته حتى آخر نفس في حياته"، في حين أدانت الجبهة الوطنية المصرية (معارضة)، احتجاز السلطات الإيطالية، عضو مكتبها السياسي، متهمة السلطات المصرية بأنها لا تحترم حقوق الإنسان، وتقتل المعارضين، وتخفيهم قسريًا، وتعرّضهم لأبشع أنواع التعذيب.

وكان مستثمر سعودي قد أقام دعوى قضائية ضد محسوب أمام محكمة جنح مدينة نصر، يتهمه فيها بالاستيلاء على 200 ألف دولار منه، مقابل إقامة دعاوى تحكيم دولي ضد الحكومة المصرية، وهي المحكمة التي قضت، في إبريل/نيسان 2015، بحبس الوزير السابق غيابياً لمدة 3 سنوات، وبكفالة 10 آلاف جنيه، في إطار الهجمة الأمنية والقضائية الممنهجة ضد معارضي الانقلاب.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2017، قضت محكمة جنايات القاهرة، بمعاقبة الرئيس المعزول، محمد مرسي، و19 آخرين، بالحبس لمدة ثلاث سنوات في قضية "إهانة القضاء"، وجاء في مقدمتهم محسوب، إلى جانب القاضي السابق محمود الخضيري، ورئيس مجلس الشعب الأسبق، محمد سعد الكتاتني، والناشط المعروف مصطفى النجار، والصحافي عبد الحليم قنديل، والأكاديمي عمرو حمزاوي.
المساهمون