إيران تقرّ بأسوأ وضع اقتصادي... وترامب يسخر من استخباراته

31 يناير 2019
خشية من تفاقم الأوضاع الاقتصادية (فاطمة بهرامي/ الأناضول)
+ الخط -
طوابير للحصول على السلع الغذائية بأسعار مدعومة، وتذبذب قيمة الريال الإيراني، وموجة غلاء هائلة، كلها مؤشرات على اهتزاز الاقتصاد الإيراني أمام العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على طهران بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في مايو/ أيار الماضي، وسعيها إلى تصفير كميات النفط الإيرانية المصدّرة إلى الخارج، وهو وضع دفع السلطات الإيرانية إلى الاعتراف بأن البلاد تمر بأصعب وضع اقتصادي منذ 40 عاماً، ومطالبتها بالوحدة في مواجهة الضغوط الأميركية. أما في الجهة المقابلة، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يزال يشدد على أن طهران لا تزال مصدر خطر، مخالفاً تقديرات استخباراته بأنها لا تزال ملتزمة بشروط الاتفاق النووي.

ومع تصاعد الأزمة المعيشية في الشارع الإيراني، اعترف الرئيس حسن روحاني، أمس الأربعاء، بأن بلاده تواجه أصعب وضع اقتصادي منذ 40 عاماً، معتبراً أن الحكومة ليست المسؤولة عن ذلك بل الولايات المتحدة. وقال روحاني، خلال زيارته مرقد مؤسس الثورة الإسلامية، روح الله الخميني، بمناسبة احتفالات الذكرى الأربعين للثورة، إن "مشكلاتنا اليوم سببها الأساسي هو الضغط من أميركا وأتباعها. ولا يتعيّن إلقاء اللوم على الحكومة التي تقوم بواجبها أو على النظام الإسلامي". وأضاف أن "العالم برمته يقف اليوم إلى جانب إيران في مواجهة سياسات الإدارة الأميركية التي لم تنكث عهدها مع إيران فحسب، وإنما فعلت ذلك أيضاً مع أوروبا والصين ونافتا واتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ"، متابعاً أن "أميركا فشلت سياسياً وقانونياً ودولياً أمام إيران، وستفشل اقتصادياً أيضاً".

ووجّه الرئيس الإيراني انتقاداته أيضاً إلى معارضين انتقدوا افتقار الدبلوماسيين الإيرانيين إلى البصيرة، لعدم توقعهم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي. وقال "لا اتفاق يُبنى على شرط بقاء الطرف الآخر، لكن الأساس الأقوى هو مصلحة الدولة". ودعا إلى "الوحدة"، قائلاً إن الخميني ما كان يولي جل اهتمامه للقوى الأجنبية بل "للخلاف" الداخلي. وأضاف أن "الأعداء يحاولون ممارسة الضغط على إيران حول النفط وتصديره والقضايا المصرفية، ومن حسن الحظ نتابع بعض الطرق لبيع النفط وإحباط تداعيات الحظر الأميركي". وأكد الرئيس الإيراني أن بلاده ستتمكن من تجاوز هذه المرحلة الصعبة اقتصادياً، من خلال التضحية والمقاومة التي يبديها الشعب الإيراني.


كلام روحاني جاء في وقت تزداد فيه الصعوبات الاقتصادية في البلاد، ما دفع عمالاً ومزارعين وتجاراً لتنظيم احتجاجات متفرقة على الوضع القائم. وبدت الصورة الأبرز لهذه الأوضاع الصعبة، في تزاحم المواطنين الإيرانيين في طوابير للحصول على لحوم الدجاج والأبقار بأسعار مدعومة. وكان لافتاً اهتمام وسائل إعلام روسية بإبراز الطوابير، ومنها موقع "روسيا اليوم"، الذي قال إن وسائل إعلام إيرانية رسمية نشرت صوراً تظهر الطوابير. ولفت الموقع إلى كلام وزير الزراعة الإيراني، محمود حجتي، خلال مقابلة مع التلفزيون الإيراني، عن سبب زيادة أسعار اللحوم، وقوله "علينا أن نحمد الله على توفرها في البلاد".

وعلى الرغم من هذه الأوضاع، يستمر الوعيد الإيراني للولايات المتحدة. وبرزت أمس زيارة للقائد العام للحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد علي جعفري، إلى جزيرة أبو موسى، إحدى الجزر الثلاث المتنازع عليها بين إيران والإمارات، وتصريحه بأن هذه الجزر جزء لا يتجزّأ من بلاده، واصفاً جزيرة أبو موسى بالقلب النابض لإيران، ومؤكداً أن العسكريين الإيرانيين سيدافعون عن كل شبر من تلك الجزر. وشدّد جعفري على أن أمن مضيق هرمز والمياه الخليجية بيد دول المنطقة وحدها، وأن إيران تلعب دوراً مهماً وحاسماً في أمن الملاحة في هذا المضيق. كما اعتبر أن محاولات القوى الأجنبية تحريض جيران إيران عليها لبث الفرقة والخلاف ستبوء بالفشل.

مقابل ذلك، كان ترامب يهاجم أجهزة الاستخبارات الأميركية ويصفها بأنها "ساذجة" و"مخطئة" فيما يتعلق بالتهديد الذي قال إن إيران تمثله. وكتب ترامب على "تويتر" أمس "يبدو أن رجال المخابرات سلبيون للغاية وساذجون عندما يتعلق الأمر بمخاطر إيران. هم مخطئون!". وأضاف: "عندما أصبحت رئيساً، كانت إيران تثير المشاكل في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وخارجها. منذ إنهاء الاتفاق النووي الرهيب، أصبح الإيرانيون مختلفين كثيراً، لكن طهران مصدر خطر قائم. هم يختبرون صواريخ وأكثر، ويقتربون جداً من الحافة". وتابع: "اقتصادهم ينهار الآن، وهذا هو الشيء الوحيد الذي يعيقهم. يجب أن نكون حذرين من إيران. ربما يجب أن تعود المخابرات إلى المدرسة". وتأتي انتقاداته لأجهزة الاستخبارات بعد يوم من تقرير قدّمه مديرو أجهزة الاستخبارات ناقضوا فيه تقييم الرئيس. وفي جلسة حول التهديدات العالمية التي تواجه الولايات المتحدة في لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، قالت مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) جينا هاسبل إن إيران لا تزال ملتزمة شروط الاتفاق النووي.

المساهمون