إيران تصرّ على خفض تعهداتها وسط التصعيد مع أوروبا

30 نوفمبر 2019
صالحي: التخصيب بـ"فوردو" سيستمر حتى يعود الأوروبيون لتعهداتهم (Getty)
+ الخط -
على وقع تصاعد الجدل مجددا بين إيران وأطراف أوروبية شريكة في الاتفاق النووي المبرم عام 2015، أعلنت طهران اليوم السبت، أنها ماضية في خطواتها النووية بسياق خفض التعهدات، يأتي ذلك في وقت بدأ نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، زيارة إلى الصين، لإجراء محادثات بشأن الاتفاق النووي قبل أيام من التئام اللجنة المشتركة للدول الأعضاء فيه في فيينا.

وأكد رئيس الهيئة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي، اليوم، في مقابلة مع نادي "المراسلين الشباب" الإيراني، أن إنتاج بلاده من اليورانيوم المخصب بلغ 5500 غرام، بينما كان ذلك قبل إبرام الاتفاق النووي 6 آلاف غرام، بحسب قوله، مؤكدا أن عملية التخصيب في منشأة "فوردو" الحساسة "ستستمر إلى أن يعود الأوروبيون إلى تعهداتهم" الاقتصادية، التي تطالب طهران بها في مواجهة العقوبات الأميركية القاسية المفروضة عليها، منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في الثامن من أيار/مايو 2018، وهي عقوبات صفّرت منافع إيران الاقتصادية من الاتفاق.

وأضاف صالحي أن عدد أجهزة الطرد المركزي في "فوردو" كان ألفين قبل إبرام الصفقة النووية، لكن طهران احتفظت بـ1044 منها في إطار الاتفاق، مشيرا إلى استئناف عملية التخصيب من خلالها قبل فترة، بسبب "المماطلات الأوروبية".

وكانت إيران قد قامت بتفعيل مفاعل "فوردو" النووي في إطار المرحلة الرابعة لتقليص تعهداتها النووية، عبر ضخ الغاز إلى أجهزة الطرد المركزي المتواجدة فيه، في السادس من الشهر الجاري، بعد انتهاء مهلة الستين يوما الثالثة، التي منحتها قبل شهرين من هذا التاريخ للأطراف الأوروبية، لتنفيذ مطالبها في تسهيل بيعها النفط ومعاملاتها المالية والمصرفية، التي تخضع لعقوبات أميركية شاملة.

وحظر الاتفاق النووي ضخ الغاز إلى أجهزة الطرد المركزي الموجودة في منشأة "فردو" النووية، لكن إيران بخطوتها هذه، تخرق هذا الحظر.

وتنظر الدول الغربية إلى منشأة "فوردو" بحساسية شديدة، كون النشاط فيها يسرّع من وتيرة الجوانب الحساسة في البرنامج النووي الإيراني، وخاصة في مجال تخصيب اليورانيوم عند مستويات عالية، حيث وصلت فيها، قبل تنفيذ الاتفاق النووي، إلى 20 في المائة، ولأن الموقع الجغرافي للمفاعل محصّن في عمق منطقة جبلية ضد أي هجوم جوي محتمل لتدميره. ويقع "فوردو" على بعد 177 كيلومترا من العاصمة الإيرانية طهران، في عمق جبل بالقرب من قرية تحمل الاسم نفسه، تتبع إداريا لمدينة "قم".

وفيما أوقفت إيران حتى الآن ثلاثة من خمسة تعهدات، قطعت الالتزام بها بموجب الاتفاق النووي، إلا أن رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية جدد التأكيد اليوم على أن غاية بلاده هي الحفاظ على هذا الاتفاق، معتبرا أن خفض التعهدات جاء لإحداث توازن في تنفيذ الاتفاق النووي، في مواجهة العقوبات الأميركية وعدم وفاء أوروبا بالتزاماتها ووعودها بالوقوف في وجه هذه العقوبات.

وفي جانب آخر من مقابلته مع "المراسلين الشباب"، أشار صالحي إلى قضية طرد مفتشة أممية كانت تعمل في إيران، ضمن فريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية للرقابة على برنامجها النووي، لكنها أُوقفت في وقت سابق من الشهر الجاري، لوجود شكوك بحملها "مواد مريبة" خلال دخول منشأة "نطنز" النووية.

وقال صالحي إن إجابات المفتشة عن أسئلة بشأن هذه المواد "لم تكن مقنعة وكانت غير مقبولة"، مضيفا أن هناك "قضايا أخرى لا أستطيع الكشف عن تفاصيلها"، مع التأكيد أن هيئة الطاقة الذرية الإيرانية "قامت بتوثيق وتسجيل كل ما حدث" وأرسلته إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية مرفقة بـ"رسالة احتجاجية".

وأوضح أن بلاده لم تقم باحتجاز المفتشة لوجود حصانة دبلوماسية للمفتشين الدوليين، متهما إياها بالسعي إلى عمل تخريبي، من خلال القول إن ما قامت به جاء في سياق عملية نقل فايروس "ستوكس نت" إلى مفاعل "نطنز" عام 2010، بهدف تعطيل البرنامج النووي الإيراني.

 وتأتي تصريحات مسؤول البرنامج النووي الإيراني، بعد يوم من دعوة وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، إيران إلى العودة لتنفيذ تعهداتها بالاتفاق النووي.

وأشار لودريان، أمس الجمعة، في تغريدة على "تويتر" إلى "التزام عميق" للأوروبيين بالاتفاق النووي، مضيفا أنهم أظهروا "استقلال عمل" في ذلك، ليدعو طهران إلى العمل في إطار هذا الاتفاق.

وتأكيدا على "التزام" أوروبا بالاتفاق، أشار الوزير الفرنسي، في تغريدته، إلى إعلان ست دول أوروبية استعدادها للانضمام إلى آلية "إنستكس" المالية لمواصلة التجارة مع إيران.

عراقجي في الصين

وعلى ضوء تصعيد التصريحات بين إيران وأوروبا، بدأ نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، اليوم السبت، زيارة للصين الشريكة في الاتفاق النووي، قبل أيام من عقد اللجنة المشتركة للدول الأعضاء في الاتفاق اجتماعا الجمعة المقبلة، في فيينا على مستوى مساعي وزراء الخارجية.

وقال عراقجي، لوسائل الإعلام، لدى وصوله إلى العاصمة الصينية بكين، في مطارها، إن الاتفاق النووي يعيش "وضعا غير مناسب"، مؤكدا أن بلاده لا تحظى بمنافعها من الاتفاق. وذلك بعدما قال أمس الجمعة، إن هذا الاتفاق في غرفة "العناية المركزة".

وأضاف عراقجي أن هدفه من الزيارة هو إجراء "مشاورات أكثر جدية وعن قرب مع الأصدقاء"، معتبرا أن تطورات الاتفاق النووي ووضعه الحالي تستدعي هذه المشاورات.

وأشار إلى الاجتماع المرتقب للجنة المشتركة يوم الجمعة المقبل، مضيفا أنه سيقوم بمناقشة أجندة الاجتماع مع المسؤولين في الخارجية الصينية، لاتخاذ "مواقف أكثر تنسيقا وتقاربا" بين البلدين خلال هذا الاجتماع.

وأوضح عراقجي أنه، إلى جانب محورية المباحثات حول الاتفاق النووي خلال زيارته إلى الصين، سيناقش مع الصينيين مواضيع أخرى ترتبط بالعلاقات الثنائية والقضايا الدولية والإقليمية، مؤكدا أن "الصدمات التي أحدثها انسحاب أميركا من الاتفاق النووي لعلاقات إيران الاقتصادية مع شركائها قد انتهت"، مشيرا إلى وجود خطط جديدة لدى إيران لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع شركائها وخاصة الصين.

الجدير بالذكر أن اجتماع اللجنة المشتركة في الاتفاق النووي بفيينا، هو الأول من نوعه، بعد تنفيذ إيران المرحلة الرابعة من خفض تعهداتها النووية، اعتبارا من السادس من الشهر الجاري، من خلال تفعيل منشأة "فوردو" الحساسة، واستئناف تخصيب اليورانيوم فيها لترفع المستوى عند 5 بالمائة.

وبعد تنفيذ المرحلة الجديدة، تكون إيران قد نفذت أربع مراحل من تقليص تعهداتها النووية. وبين تنفيذ المراحل، تمهل إيران ستين يوماً الأطراف الأوروبية للعمل بتعهداتها الاقتصادية، وهذا ما لم يحدث حتى الآن، ما يؤكد مواصلة إيران تقليص تعهداتها.

المساهمون