إيران: استئناف محاكمة مهدي هاشمي رفسنجاني

03 اغسطس 2014
مهدي هاشمي رفسنجاني متّهم بقضايا فساد (عباس كوثري/بلومبرج/Getty)
+ الخط -
مثل مهدي هاشمي رفسنجاني، الابن الرابع لرئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران، والرئيس السابق للبلاد، أكبر هاشمي رفسنجاني، أمام محكمة الثورة الإيرانية، السبت، استكمالاً لجلسات محاكمته، بعد توجيه أصابع الاتهام إليه في قضايا فساد ومحاولته "تخريب النظام في الجمهورية الإسلامية" إبان احتجاجات عام 2009.

ودارت الجلسة بعيداً عن وسائل الإعلام، برئاسة رئيس الشعبة الأولى لمحكمة الثورة الإيرانية، القاضي ناصر سراج، الذي تولى الفصل سابقاً في واحدة من أكبر قضايا الفساد في إيران، والتي كشفت، قبل ثلاث سنوات تقريباً، تورط شبكة من الإيرانيين باختلاس ثلاثة مليارات دولار من المصارف الإيرانية.

وجرى تمديد المحاكمة إلى الأحد. وكان كل من ياسر وفائزة رفسنجاني، شقيقا مهدي، قد حاولا حضور الجلسة، إلا أنهما خرجا بعد دقائق ليصرحا لوكالات الأنباء الإيرانية بعدم السماح لهما بدخول قاعة المحكمة، وأشارا إلى توجيه تهم سياسية إلى مهدي، فيما نفى متحدثون باسم السلطة القضائية توجيه التهم السياسية، مؤكدين أن التهم تتعلق بالدرجة الأولى بملفات فساد اقتصادية.

وكانت أولى جلسات المحاكمة بدأت قبل يومين فقط من التسجيل للانتخابات الرئاسية التي جرت في يونيو/ حزيران العام الفائت. ووفقاً لبعض المحللين، كان الهدف من المحاكمة تشكيل قوة ضغط من قبل المحافظين على رفسنجاني الأب، صاحب الشخصية المعتدلة التي تشكل عموداً أساسياً في إيران تلتفّ حولها أهم الشخصيات ومنهم الرئيس الحالي، حسن روحاني، لمنعه من الترشح للانتخابات.

وحدث ما كان متوقعاً آنذاك، إذ لم تصادق لجنة صيانة الدستور، برئاسة أحمد جنتي، على ترشح رفسنجاني للانتخابات. وتم تبرير الأمر بعمر رفسنجاني، الذي ناهز الثمانين عاماً، وهو الأمر الذي لن يساعده على أداء مهامه كرئيس للبلاد، حسب تعبير جنتي في حينه.

أما قصة مهدي، فقد بدأت منذ زمن طويل، إذ كان الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد، قد أشعل دائرة النار حول أبناء رفسنجاني جميعاً، من خلال تقديم تقارير تتهم العائلة بالتورط في قضايا فساد، وذلك خلال مناظراته في الانتخابات الرئاسية عام 2009، والتي تحدى في مرحلتها الأخيرة منافسه الإصلاحي، مير حسين موسوي، وفاز بعد ذلك بدورة رئاسية ثانية.

ولم تكن النتيجة إدخال إيران وأبناء رفسنجاني في مرحلة جدل سياسي وحسب، بل تعدتها إلى احتجاجات واسعة في الشوارع بسبب تشكيك أنصار موسوي بنزاهة الانتخابات، واتخاذ رفسنجاني الأب موقفاً داعماً للإصلاحيين.

وزاد الصراع بعد ذلك بين المحافظين والإصلاحيين في البلاد، ووصل إلى مرحلة تخوين بعض الشخصيات، ولا سيما مَن شكلوا الحركة الخضراء التي يتزعمها موسوي والتي انبثقت من تيار الإصلاح.

وأصدر القضاء الإيراني، عام 2010، مذكرة اعتقال بحق مهدي، ووجه إليه الادعاء تهماً بالتحريض على احتجاجات 2009، والتلاعب بعقود النفط واستخدام أموال غير شخصية في دعاية والده الانتخابية، عندما نافس أحمدي نجاد في انتخابات عام 2005.

واعتقل مهدي العام الماضي، بعد عودته من دبي، آتياً من بريطانيا التي عاش فيها لثلاث سنوات، وأودع السجن بعد يومين فقط من اعتقال شقيقته فائزة التي اتُهمت بالنشاط الدعائي ضد الجمهورية الإسلامية، ولكنه خرج بعد دفعه كفالة مالية إلى حين بدء جلسات محاكمته.

وتأجلت جلسات المحاكمة 14 شهراً. وقال محامي مهدي، محمود طباطبائي، لصحيفة "شرق" الإصلاحية، إن "السبب يعود إلى أن القاضي طالب بإكمال الملف الذي لا توجد فيه أدلة كافية"، وبرر عدم الكشف عن التهم الموجهة إلى موكله بعدم سماح المحكمة بإجراء المحاكمة علناً.

ووسط أجواء التوتر والصراع على مراكز صنع القرار بين التيارات في إيران، فإن التكهنات والتوقعات حول التهم الموجهة لمهدي، صاحب الثروة الكبيرة، تبدو كثيرة، ومنها تورطه بملفات فساد اقتصادية كبيرة.

وأولى تلك التكهنات تتركز حول استلام مهدي هاشمي لرشوة ضخمة من شركة "ستات أويل" النرويجية، عام 2001، مقابل تسهيل الحصول على مشاريع استثمارية تتعلق بالطاقة والنفط والغاز في البلاد. وهي القضية التي جرى فتح ملف فيها في النروج قبل بدء المحاكمة في طهران، حسب وكالة أنباء "فارس" الإيرانية، التي نقلت هذه المعلومات عن مسؤول في السلطة القضائية لم تكشف عن اسمه.

أما التهمة الأساسية الثانية، فتتعلق باستخدام رؤوس أموال تعود "لبيت المال العام" ودفع شيكات من قبل شركات إيرانية لمهدي، الذي تربطه بها علاقات وثيقة، إذ استخدمت هذه الأموال، حسب تقرير "فارس"، في تمويل الدعاية الانتخابية لوالده عام 2005.

وكان موقع "رجا نيوز" قد نقل، سابقاً، عن رفسنجاني الأب رفضه لتلك الاتهامات، واستبعاده أن تكون لمهدي أي علاقة باحتجاجات عام 2009.

وبرّر رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام سفر ابنه إلى الخارج لالتزامه بأعمال تتعلق بمشاريع للعائلة خارج البلاد، مطالباً السلطات بالتعامل مع القضية بشكل قانوني بعد جمع الأدلة الكافية واللازمة لاتهام ابنه. وأشار إلى ضرورة اتخاذ القرار القضائي بعيداً عن أجواء التوتر السياسي.

دلالات
المساهمون