إقبال على الدولار في السودان... وتصاعد المطالب بمحاربة الفساد

15 ابريل 2019
تصاعد مطالب مكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة (Getty)
+ الخط -

يخيّم الارتباك على سوق الصرف في السودان، رغم ما يبديه خبراء اقتصاد من ملاحظات حول إمكانية تجاوز الصعوبات الاقتصادية الحالية، شريطة محاربة الفساد، وإجراء إصلاحات شاملة لإعادة الاستقرار إلى أسواق السلع الرئيسية، وإنقاذ القطاعات المختلفة من عثراتها.

وقال حميدان عبد الله، وهو تاجر في سوق العملات بالخرطوم لـ"العربي الجديد" إن هناك طلباً متزايداً على الدولار، ليستقر في السوق الموازية (السوداء) عند نحو 73 جنيها، مشيرين إلى أن تخوف البعض من تطور الأحداث خلال الفترة المقبلة دفعهم إلى شراء العملة الأجنبية وتخزينها، فضلا عن أن آخرين يعتزمون قضاء عطلة الصيف وشهر رمضان خارج البلاد.

وتشهد الدولة، منذ نحو عام، أزمة سيولة متواصلة، وانفلاتاً في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني في السوق الموازية، وشحاً في الكثير من السلع.

ومنذ اندلاع الاحتجاجات الساخطة في التاسع عشر من ديسمبر/كانون الأول الماضي، لم يتغير واقع الأزمات كثيراً، رغم اتخاذ نظام الرئيس المخلوع عمر البشير آنذاك قرارات عدة للحد من هذه الأزمات.


وتعهّد المجلس العسكري، الذي تولى الحكم بعد إطاحة البشير واعتقاله يوم الخميس الماضي، بالعمل على حل أزمة السيولة النقدية وتوفير السلع الأساسية، لا سيما الوقود والخبز، بينما يرتفع سقف تطلعات السودانيين إلى إحداث تحوّل حقيقي ينهي معاناة الاقتصاد العليل، بعد ثلاثة عقود من التدهور المستمر.

ويتنامى التفاؤل في أوساط السودانيين، بأن مطالبهم تؤتي ثمارها، لا سيما عقب نجاح الحراك الشعبي في إجبار رئيس المجلس العسكري ونائب البشير السابق عوض بن عوف على التنحي، يوم الجمعة الماضي، حيث تتصاعد مطالب مكافحة الفساد، واستعادة الأموال والأصول المنهوبة، ومعالجة التشوهات التي كبلت الاقتصاد.

وطوال فترة حكم البشير التي دامت نحو 30 عاما، عانى المواطنون من صعوبات معيشية، زادت حدتها في السنوات العشر الأخيرة، لا سيما بعد أن فقدت الدولة نحو 70 بالمائة من النفط، بانفصال جنوب السودان في 2011، و90 بالمائة من موارد النقد الأجنبي.

وقال المواطن هلالي محمود: "اللحظة المناسبة لوقف معاناة المواطن السوداني قد حانت"، مشيرا إلى أن تطلعات المواطنين بتحسين الوضع الاقتصادي لا تحدها حدود، رغم إدراكه حجم المصاعب التي تحيط بالبلاد".

وأضاف محمود لـ"العربي الجديد": "السودان ليس بلدا فقيرا ولا تنقصه الموارد، بقدر ما يفتقر إلى الإدارة السليمة لهذه الموارد"، لافتا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات حقيقية لحل المشكلات وليس "مسكنات"، كما كان يحدث في السابق.

وأجج ثالوث أزمات الوقود والخبز والسيولة النقدية، الاحتجاجات الشعبية الواسعة ضد نظام البشير، وعجّل بإطاحة الجيش له في نهاية المطاف، بعد نحو أربعة أشهر من المظاهرات المتواصلة، إلا أن الأزمات ذاتها لا تزال قائمة.

وقال الطيب مختار، رئيس منظمة الشفافية السودانية: "لا بد من مكافحة الفساد، ولجم المفسدين وانتهاج الشفافية في المال العام"، داعيا إلى تطبيق المعايير العالمية في هذا الشأن، ما يسهم بشكل فاعل في إصلاح الاقتصاد.

وأضاف مختار لـ"العربي الجديد": "من المهم للمجلس العسكري أن يتبنى توجهات إصلاحية حقيقية تخاطب جذور المشكلات، فمؤشرات الفساد تضع الدول في تصنيفات متأخرة تحد من إمكانية حصولها على المساعدات المالية المطلوبة".

وفي هذا السياق، قال عبد العظيم المهل، الخبير الاقتصادي، إن "التدابير والخطط التي سينتهجها المجلس العسكري هي التي ستحدد إمكانية الخروج من النفق المظلم من عدمه".

وأضاف المهل أن "الإجراءات الإصلاحية، واتباع سياسة تقشفية مقرونة بتقليص طواقم المسؤولين، وخفض الإنفاق الحكومي، ستوفر للمجلس العسكري موارد طائلة كان يتم صرفها في السابق على جيوش من المسؤولين".

وتابع أن "حالة الاستقرار العام والرضا الشعبي النسبي التي توفرت للمجلس العسكري تعتبر من الإيجابيات التي ستساعده في القيام بدوره بشكل مقبول".

لكن الأسواق تبدو حتى اللحظة متخوفة، وفي أسواق الخرطوم واصلت معظم المحال التجارية إغلاق أبوابها، فيما بدا الركود واضحا، حيث تجلى ضعف الإقبال على الشراء، بسبب الركود العام وشح السيولة، وارتفاع الأسعار.

ونقلت وكالة الأنباء السودانية، أمس الأحد، عن اللواء الركن فهمي أحمد ضحوي، المكلف بمهام ولاية البحر الأحمر، قوله إنه لا بد من الاهتمام والتفاعل مع قضايا المواطنين، خاصة توفير السلع الاستهلاكية وبسط الخدمات وتحسين معيشة الناس.

وأشارت الوكالة إلى أن ضحوي اطلع على مجمل الأوضاع، وعلى رأسها الوقود والسلع الاستهلاكية، مشيرا إلى أهمية العمل الميداني لمتابعة قضايا المواطنين.

المساهمون