إغلاق معبر باب الهوى يخنق الشمال السوري

14 سبتمبر 2015
لا بديل للشمال السوري عن معبر باب الهوى (الأناضول)
+ الخط -

واصلت الحكومة التركية أمس الأحد، إغلاق معبر باب الهوى الحدودي الذي يصل مناطق سيطرة المعارضة السورية في محافظة إدلب بولاية هاتاي التركية، لليوم الرابع على التوالي، بعد أن انتشر الجيش التركي في المعبر وأعلن إيقاف عمله بشكل كامل، ما منع الشاحنات التي تحمل المواد الإغاثية والتجارية من دخول الأراضي السورية، ومنع المرضى وسيارات الإسعاف من دخول الأراضي التركية عبر المعبر الحدودي.

وجاء إغلاق المعبر بحسب بيان أصدرته إدارة الجانب السوري منه، إثر مقتل أحد حرس الحدود الأتراك على الجانب التركي من الحدود المشتركة، لتقوم السلطات التركية بنشر تعزيزات أمنية كبيرة على طول الحدود وقوات عسكرية مع مدرعات من الجيش التركي في الجانب التركي من المعبر. وأبلغت السلطات التركية الطرف السوري بإغلاق المعبر حتى إشعار آخر، بعد أن طلبت من السوريين إبعاد المظاهر المسلحة عن نظر المجندين الأتراك الواقفين على الجانب التركي من المعبر.

ويلفت مصدر في معبر باب الهوى، فضل عدم الكشف عن اسمه لـ "العربي الجديد"، إلى أن القرار التركي بإغلاق المعبر على خلفية مقتل أحد حرس الحدود الأتراك تسبّب في إيقاف دخول مئات الشاحنات عبر المعبر الإغاثي والتجاري في باب الهوى، إذ كان يدخل إلى سورية يومياً نحو مئتي شاحنة تحمل المواد التجارية من مواد غذائية ومنظفات ومواد بناء ومواد صناعية وأولية، بالإضافة إلى نحو أربعين شاحنة تدخل سورية يومياً عبر المعبر تحمل مواد إغاثية للنازحين المقيمين في مخيمات ضخمة، أنشئت على الجانب السوري من الحدود مع تركيا شمال محافظة إدلب.

ويشير المصدر إلى أن المعبر كان يستقبل يومياً أكثر من عشر حالات إنسانية تدخل بموجب جداول دور إلى تركيا للعلاج، بالإضافة إلى عدد من سيارات الإسعاف التي تنقل مصابي الحرب والقصف من ذوي الإصابات البالغة، ليتم إدخالهم إلى تركيا بهدف العلاج في المستشفيات التركية، وقد توقّف كل ذلك منذ إغلاق السلطات التركية معبر باب الهوى صباح يوم الخميس الماضي.

اقرأ أيضاً: جدران تركية أمام السوريين... وشروط تعجيزية للإقامة

ويقول الصحافي السوري عبد الغني العريان، الذي يقيم في ريف إدلب، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن آثاراً كارثية على السكان بدأت بالظهور بعد يومين فقط من إغلاق معبر باب الهوى، إذ بدأت المنظمات الإغاثية الدولية التي تملك مكاتب في الداخل السوري بإيقاف عملها نتيجة إغلاق المعبر، فأوقفت منظمة "غول" الإغاثية التي تُقدّم شهرياً مساعدات وإغاثة للمتضررين في الداخل السوري بقيمة عشرة ملايين دولار، عملها بشكل كامل منذ إغلاق المعبر. وهذه المنظمة هي واحدة من عشرات المنظمات الإغاثية والطبية التي تعمل في مناطق الشمال السوري التي تسيطر عليها المعارضة السورية، والتي يُتوقّع أن توقف عملها مع استمرار إغلاق المعبر.

كما يؤكد العريان أن حالة من شح المواد الغذائية بدأت تظهر في ريف إدلب، مع توقّف تدفق المواد الغذائية التي كانت تدخل يومياً من تركيا، إذ باتت أسواق المواد الغذائية الضخمة في بلدة سرمدا القريبة من معبر باب الهوى شبه خاوية، بعد توقّف دخول مواد الأرُز والزيوت والطحين والسكر وغيرها من تركيا، وشمل الشح أيضاً مواد البناء والمواد الصناعية وغيرها، ما ينذر بكارثة حصار كامل قد تضرب مناطق سيطرة المعارضة في ريف إدلب.

وتشير مصادر طبية متقاطعة في الداخل السوري لـ "العربي الجديد" إلى أن آثاراً كارثية ستلحق في القطاعات الطبية في الداخل السوري نتيجة إغلاق المعبر أيضاً، إذ تعتمد المستشفيات الميدانية والمستوصفات هناك على الأدوات الطبية والأدوية التي تُستورد جميعها من تركيا؛ والتي توقّف إدخالها بحكم إغلاق المعبر أيضاً.

كما أن إغلاق المعبر سيمنع في الوقت نفسه إسعاف المرضى ومصابي الحرب من ذوي الحالات المستعصية نحو الأراضي التركية ليتم علاجهم هناك، وقد سُجلت وفاة شخصين في مدينة سلقين في ريف إدلب يوم الجمعة، نتيجة عدم التمكّن من نقلهما إلى تركيا لمعالجتهما، بعد إصابتهما في التفجير الذي وقع منذ أيام في مدينة سلقين.

ولا تتوفر أي بدائل على الأرض لمعبر باب الهوى، فقد أغلقت السلطات التركية منذ نحو أربعة أشهر المعبر الإنساني الذي افتُتح منذ أكثر من ثلاث سنوات في منطقة أطمة القريبة من باب الهوى، والذي كان يُستخدم بغرض تسهيل نقل المواد الإغاثية إلى سورية والحالات الإنسانية إلى تركيا.

كما أن معبر باب السلامة الوحيد الذي ما زال يعمل، وتسمح من خلاله السلطات التركية بدخول المواد التجارية والإغاثية إلى الأراضي السورية، لا تكفي طاقة عمله لنقل كميات كافية من المواد التجارية والإغاثية إلى محافظة إدلب، نظراً لكون هذا المعبر يشكل رئة لمناطق سيطرة المعارضة السورية في حلب وريفها.

وكانت السلطات التركية قد أعلنت في التاسع من شهر مارس/آذار الماضي، إغلاق معبري باب الهوى وباب السلامة في وجه النازحين الراغبين بعبور الحدود من سورية باتجاه تركيا والمسافرين السوريين الراغبين بالعبور باتجاه معاكس، من دون أن تمنع مرور الشحنات التجارية والإغاثية وقتها. وتناقلت الصحف التركية أخباراً عن نية الحكومة التركية إغلاق المعبرين حتى الانتخابات البرلمانية التركية التي جرت في شهر يونيو/حزيران الماضي، إلا أن الانتخابات البرلمانية انتهت، ولم يتم فتح المعبرين في وجه النازحين السوريين قبل أن تقرر السلطات التركية إغلاق معبر باب الهوى بشكل كامل أخيراً.

اقرأ أيضاً: النظام السوري فقد معظم معابره الحدودية

دلالات
المساهمون