إعدام 25 يناير.. إعدام للربيع العربي
على الرغم من أن ياسمين تونس كان ملهماً لثورات الربيع العربي كافة، من مصر إلى ليبيا واليمن وتونس، وعلى الرغم من أن الشرارة الأولى انطلقت من أرضها الخضراء، مشعلة بذلك ثورة الغضب العربي على أنظمة بائدة، إلا أنه ما من خلاف على أن الإلهام الأكبر أتى من أرض الكنانة، وأم الدنيا مصر. فنظراً إلى دورها الريادي والمعتاد على امتداد العالم العربي، وقدرتها على التأثير في كل شبر من الوطن العربي، كان مشهد الثورة المصرية، وبلا منازع، المشهد المحرك لثورات ما بعد 25 يناير.
18 يوماً، بأنفاسها ونبضاتها، بدموعها ودمائها، رسمت صورة الثورة الحقيقية في أذهان دول الربيع العربي. ومع إسقاط "فرعون الزمان"، اكتملت الصورة لدى الشعوب العربية من المصريين إلى باقي شعوب الثورات العربي. وبدأت مرحلةٌ أيقن الجميع وقتها، أنها مرحلة الشعب، حيث الكلمة الفصل للميدان وجماهيرها.
مشهدٌ، لم تستطع الدول ذات المصالح المعاكسة للإرادة الشعبية، من دون تسميتها، لم تستطع تحملها، مع علمها بأنها باتت أمراً واقعاً. أمرٌ لا بد من تغييره في أسرع وقت، وبأي ثمن. فكانت الخطة على مراحل عدة، تبدأ من قلب الواقع السلمي لأية ثورة لاحقة (الثورة الليبية مثالٌ واضح)، إلى تشويش الواقع الثوري في بلاد أخرى (كما الحال في سورية)، وصولاً إلى المصير المجهول لبعضها الآخر (المرحلة الانتقالية في اليمن)، وانتهاءً بقلب الواقع الثوري (الانقلاب العسكري في مصر).
ومع تعاقب الأحداث، وبعد تبرئة من لا يشك أحد في إجرامه، حسني مبارك، من الجرائم التي ارتكبها بحق ثوار مصر، أدركنا، تماماً، أن سلسلة إجهاض الربيع العربي هذه ستكون لمصر الضربة القاضية فيها! وهذا ما جرى بالفعل!
وقع الانقلاب العسكري. عادت مصر إلى السطوة العسكرية. زُجت قيادات الثورة في السجون، وبُرئت رجالات الظلم والقتل، لينقلب الواقع رأساً على عقب. ويأتي ذلك كله، بُعَيد اندلاع عواصف التخبط في بلدان الربيع العربي، التي صُدمت بقرار براءة مبارك. ذلك كله في إطار محاولة تعزيز صورة لدى كل عربي، بأن "زمن الربيع العربي لن يستمر"، وأن الثورات "أجهضت"، وبدأت "رحلة العودة إلى الوراء"!