إطلالة الوزير

21 يناير 2015
+ الخط -
قبل قرابة الشهر كان الحضور القصير الذي لم يتجاوز النصف ساعة لوزير الخارجية الأردني ناصر جودة، تحت قبة البرلمان، سبباً في احتفال العديد من النواب، الذين أمطروه بقصاصات من الورق طُرّزت بأجمل كلمات المديح، على غرار "نور المجلس" و"تسلم هالطلة". بعدها لم يسجل للوزير أي حضور تحت القبة أو في اجتماعات اللجان النيابية، التي يؤمها الوزراء يومياً.

الوزير، الذي يقضي غالبية وقته في الطائرة متنقلاً بين عواصم العالم، في مهمات رسمية، لتسويق سياسة خارجية يحدد ملامحها حصراً ملكه عبد الله الثاني، سيأتي "مخفوراً" إلى قبة البرلمان، الثلاثاء المقبل ليخوض اختبار طرح الثقة فيه أمام مادحيه الكثر، بعدما اتهموه بالتقصير في منع إسرائيل من إنشاء مطار على مقربة من حدود بلادهم، بشكل ينتهك سيادة المملكة ويخالف المعايير الدولية، ويهدد سلامة الطيران الأردني. اختبار لو خسره، سيضع حداً لمستقبله السياسي، أو يعرقله على الأقل، وهو المستقبل الذي يطمح فيه إلى ما هو أكثر من البقاء في منصب وزير الخارجية الذي يشغله منذ سبع سنوات متواصلة، حتى أصبح يصفه المعارضون بـ"أحد ثوابت السياسية الأردنية"، ويرفعون سقف السخرية عندما يحصنوه بالنص الدستوري، فيقولون "المملكة الأردنية الهاشمية.. نظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي، وناصر جودة وزيراً للخارجية".

فعلياً ليس الوزير في مأزق، بل مجلس النواب، فأعضاؤه يعلمون، كما يعلم الشعب بمجمله، أن الوزير المقيم في الطائرة، يمتلك من القوة ما يكفي، فهو ضمن الحصّة التي يعينها الملك في الحكومة، والصهر السابق للعائلة المالكة، وهو من الدائرة الضيقة التي تشارك في رسم السياسة الخارجية للبلاد، والتي يغيب عنها رئيس الوزراء.

خيار طرح الثقة بالوزير، ما هو إلا نزوة في قائمة نزوات طويلة يقترفها مجلس النواب، وهو يدرك استحالتها، وإلا لماذا صمت المجلس على بقاء الوزير رغم رصيده الطويل في التقصير بوقف الانتهاكات الإسرائيلية التي تمس السيادة الأردنية، التي ليس أولها الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى، وليس آخرها المطار. حضور الوزير لجلسة طرح الثقة سيكون فرصة لمشاهدته تحت القبة، وسيكون فرصة لاستنزاف القليل المتبقي من شعبية المجلس.
المساهمون