إضراب الأسرى.. الجوع في مواجهة السجّان

27 ابريل 2017
+ الخط -

خاضت الحركة الأسيرة منذ عشرات السنوات العديد من المعارك مع إدارة السجون الإسرائيلية بغرض تحقيق مطالب لها علاقة بالكرامة الإنسانية بشكل أساسي؛ أحد أشكال هذه المعارك، الإضراب المفتوح عن الطعام، ويعد أقوى المعارك وآخرها، حيث يمتنع الأسرى خلاله عن تناول كافة أنواع الطعام، باستثناء القليل من الماء والملح، لذا لا يلجأ الأسرى لخوضه إلا بعد استنفاد كافة الخيارات مع الإدارة.

رفض مناداة السجان بـ "حاضر سيدي"، توفير أغطية شتوية، زيادة وقت الزيارة، زيادة وقت الفورة، توفير أكل نظيف خال من الأتربة والحشرات، توفير القرطاسية لكتابة الرسائل، تحسين التهوية.. إلخ؛ هذه بعض المطالب التي خاض الأسرى من أجلها إضرابات عدة، وسقط خلالها شهداء خلدوا في الذاكرة الوطنية الفلسطينية.

أعلن ألف وخمسمائة وثمانون أسيرًا بقيادة الأسير عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، مروان البرغوثي، نيتهم خوض إضراب عن الطعام في السابع عشر من نيسان، لتحقيق جملة من المطالب الإنسانية والحقوقية؛ أكبرهم سنًا الأسير، فؤاد الشوبكي، (78 عامًا)، وأقدمهم الأسير، كريم يونس، الذي يقبع في الأسر منذ 35 عامًا.

شنت إدارة السجون حملة قمع واسعة عشية الإضراب، وحملة تنقلات داخل السجون شملت عزل قيادة الحركة الأسيرة في زنازين انفرادية، في خطوة تهدف إلى تشتيت قيادة الإضراب وبالتالي إفشاله.

على مدار الأيام العشرة الماضية من إضراب الأسرى، لم تتوان وسائل الإعلام الإسرائيلية عن بث الأكاذيب والتحريض ضد الأسرى لقتل عزيمتهم، خصوصًا مع انتشار خبر عن تدهور صحة الأسير البرغوثي وعدد من زملائه، فتارة تدعي وقف أكثر من مائة وخمسين أسيرًا من حركة حماس الإضراب، وتارة أخرى قيام عدد من المستوطنين بتنظيم رحلات شواء أمام معتقل عوفر، حتى وصل الأمر إلى المستوى الرسمي الإسرائيلي، وتجلت على لسان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي طالب بشكل مباشر قطع رواتب الأسرى كاختبار لصدق نوايا السلطة الفلسطينية في عملية السلام على اعتبار أن هؤلاء الأسرى هم " إرهابيون" بحسب زعمه.

في اليوم الحادي عشر للإضراب، يصبح النوم مهمة شاقة ويشتد الألم والجوع، ويشعر الأسرى بصعوبة بالغة في الحركة مع رغبة في التقيؤ والعطش الشديد، وتبدأ المحاورات مع إدارة السجون لتحقيق المطالب، ولا شيء يكسر هذا اليوم الطويل أمامهم سوى خبر مسرب عن أي مواجهة أو نشاط تضامني جماهيري خارج السجون. هكذا يفيدنا عدد من الأسرى المحررين ممن خاضوا تجربة الإضراب.

على الصعيد الميداني، شل الإضراب الحياة اليومية في كافة المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في اليوم الحادي عشر؛ المحال التجارية، المؤسسات، المصانع، كل الحياة متجمدة؛ سيارات النقل والتكاسي متوقفة؛ والمسيرات التضامنية تعم في مناطق عدة سواء في مناطق التماس مع النقاط العسكرية الإسرائيلية أو في الشوارع، فيما تتعالى الأصوات المنادية بتنظيم فعاليات قرب المستوطنات والأبراج العسكرية لخلق نقاط اشتباك مع العدو يوم غد.

ومع أن التضامن الشعبي مع الإضراب طيلة الفترة الماضية اقتصر على أشكال سلمية وجديدة بالنسبة للشعب الفلسطيني، كإطلاق البالونات الهوائية من أمام معتقل عوفر في فترة "الفورة"، إلى جانب تنظيم مسيرات بالسيارات، وإقامة خيم يجتمع فيها المتضامنون نصرة للأسرى في كافة المناطق، وتنظيم حملة إلكترونية بلغات عدة على وسائل التواصل الاجتماعي؛ إلا أن التضامن الذي اتخذ شكل المواجهة المباشرة بقي محصورًا جدًا؛ وهذا ما أثار حفيظة عدد من الناشطين والشبان الذين رأوا أن هذه الأشكال من التضامن لا تشكل عوامل ضغط على السلطات الإسرائيلية، وطالبوا بخلق نقاط مواجهة حقيقية تكون مكلفة للاحتلال، وترفع معنويات الأسرى المضربين.

إن تاريخ الإضرابات الجماعية في سجون الاحتلال عديدة، لكن لم تسجل النجاح جميعها في معاركها، ولا يعني نجاحها بأي حال منع أي أسير في وقت لاحق من أن يخوض إضرابًا فرديًا يسعى من خلاله لتحقيق مطالب له على مستوى حالته ووضعه، يقول أحد أبرز الأسرى المحررين الذين خاضوا تجربة الإضراب الفردي، الشيخ خضر عدنان.

ووفقًا لهيئة شؤون الأسرى والمحررين، فقد بلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال 7000 أسير، منهم 700 أسير يخضعون للحكم الإداري، و 68 أسيرة، و 414 طفلاً.

المساهمون