إسرائيل مسؤولة عن إعمار ما دمرته في غزة

19 سبتمبر 2014
الاحتلال ملزم بالتعويض على الفلسطينيين (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
يؤكد حقوقيون فلسطينيون مسؤولية إسرائيل عن إعادة إعمار قطاع غزة، وفق القوانين الدولية التي توجب على دولة الاحتلال إعمار ما دمّرته آلتها العسكرية، لكن ذلك لا يتحقق في الحالة الفلسطينية الإسرائيلية لأسباب مختلفة.

إجبار الاحتلال على دفع تعويضات للفلسطينيين على الدمار الذي أحدثته آلته العسكرية منوط بالإرادة السياسية الفلسطينية، التي لا تبدو متوفرة لدى صانع القرار في السلطة، والذي يؤجل أيضاً التوجه لتوقيع ميثاق روما الذي يفترض أن يوصل مجرمي الحرب الإسرائيليين إلى المحكمة الجنائية الدولية.

ويقول مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان خليل أبو شمالة لـ"العربي الجديد"، إن الاحتلال بموجب القانون الدولي هو المسؤول عن الشؤون الانسانية للفلسطينيين، مشيراً إلى أنه وبالرغم من إدانة العالم لما دمّره الاحتلال في القطاع فإن المجتمع الدولي لم يجبر إسرائيل على الإعمار.

ويوضح أبو شمالة أن منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية توجّهت عشرات المرات للمحاكم الإسرائيلية لإجبار الاحتلال على إصلاح الضرر وتعويض السكان المتضررين من اعتداءاته، لكنها كانت تصطدم بتسييس القضاء الإسرائيلي في أغلب القضايا المرفوعة ضد الاحتلال.

ويؤكدّ أن السلطة الفلسطينية تستطيع ملاحقة إسرائيل وإجبارها على الدفع والتعويض ولكن من غير الواضح توفّر الإرادة السياسية لدى الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقيادة السلطة على القيام بهذا الدور، بل على العكس فإن السلطة تخضع لابتزاز المفاوضات ولم تتقدم خطوة تجاه محاسبة إسرائيل قانونياً.

من جهتها، توضح المتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان مها الحسيني، لـ"العربي الجديد"، أن إسرائيل تعرف دولياً بأنها دولة محتلة، والقانون الدولي يقضي بأنه يجب على أي دولة محتلة تعويض ودعم المدنيين المتضررين في المناطق المحتلة، لذلك من حق الفلسطينيين المطالبة بالتعويض المناسب مادياً ومعنوياً لما فقدوه وللخسائر التي ترتبت على عدوان إسرائيل الأخير ولا سيما المدنيين والمرضى الذين لم يكن لهم أي علاقة.

وتلفت الحسيني إلى أن المادة الثالثة من اتفاقية جنيف الرابعة تؤكد أن المدنيين والمرضى الذين لا يعدون طرفاً في النزاعات، يُعامَلون معاملة إنسانية في جميع الأحوال. كما أنه يجب على الأطراف التي قامت بالاعتداء تعويض المتضررين مادياً ومعنوياً طبقاً لما يسمى بجبر الضرر.

وتوضح أن هذا ما يدعو الدول لأن تأخذ على عاتقها واجباً قانونياً في الاعتراف بالانتهاكات بالإضافة إلى التعويض عنها، وهذا ما لم يحدث خلال عدوان غزة أو بعده، معلنةً دعم فكرة قيام السلطة الفلسطينية بالتوقيع على وثيقة روما للانضمام للمحكمة الجنائية الدولية وتقديم إسرائيل للعدالة الدولية وتقديم كل مصوغات الإدانة التي تثبت تورط إسرائيل في الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان.

وتؤكد الحسيني أن القانون الدولي الإنساني يجب أن يُطبّق على الجميع بشكل متساوٍ، وكل خارج عن القانون وعن الاتفاقيات الدولية يجب أن يُعتبر خارجاً عن السياق الإنساني العام، ولا بُدّ للدول صاحبة القرار والسلطة والنفوذ أن تتخذ إجراءات من شأنها أن تغرّم الدول التي تنتهك القانون الإنساني الدولي وترتكب جرائم عدوان واعتداءات ضد المدنيين والأبرياء.

وترى الحسيني أن على السلطة الفلسطينية مطالبة حكومة الاحتلال بالمباشرة في عملية التعويض عن الأضرار التي تسبب بها الاحتلال استناداً لنصوص القانون الدولي الإنساني مثلما فعلت الحكومة التركية عندما تم الاعتداء على سفينة مافي مرمرة، مشيرة إلى أنه في حال لم تقم الحكومة الإسرائيلية بالاستجابة يمكن للسلطة الفلسطينية التوجه إلى مجلس الأمن أو ادراج ذلك في دعوة أمام الجنائية الدولية.

يُذكر أن القانون الدولي الإنساني، أقرّ حماية المدنيين خلال النزاعات المسلّحة، في اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949 والبرتوكولين الإضافيين لسنة 1977، وتنصّ المادة 91 من البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977 على الالتزام بدفع تعويض عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني.

وحتى قبل ذلك التاريخ تنصّ المادة الثالثة من اتفاقية لاهاي لسنة 1907 على جبر الضرر وفقاً للقانون الدولي العام بشأن مسؤولية الدولة عن الانتهاكات، ويُفهَم التعويض على نطاق أوسع بصفته جبراً للضرر.

كما تنص المادة 38 من البروتوكول الثاني لاتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية صراحة على واجب تقديم التعويضات عن انتهاكات القانون الدولي. ويشمل ذلك مجموعة من التدابير، بما فيها الوسائل غير النقدية لرد الحقوق وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل ارتكاب الفعل غير المشروع، والترضية وهي الاعتراف أو الاعتذار، أو إعادة التأهيل بما في ذلك المستحقات الطبية أو النفسية، أو إعادة التأهيل القانونية والاجتماعية وضمانات عدم التكرار.