لم تترك الصحف الإسرائيلية، بما فيها "يسرائيل هيوم" المؤيدة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، مجالاً للشك في القناعة الإسرائيلية بأن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية، والمعروفة بـ"صفقة القرن"، لن تلقى قبولاً فلسطينياً، أو تحظى بالتالي بفرصة استكمال المخطط المعلن، بعد أربع أو خمس سنوات. وفي المقابل تعاملت الصحف الإسرائيلية مع الخطة باعتبارها آخر هدايا ترامب لليمين الإسرائيلي، ونتنياهو شخصياً، بعد الاعتراف بالقدس "عاصمة" لإسرائيل والاعتراف بضم الجولان ونقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة.
وفي هذا السياق مثلاً، دعت صحيفة "مكور ريشون"، الممثلة لتيار الصهيونية الدينية، إلى تكثيف الضغط على نتنياهو بالذات للانتقال إلى مرحلة التنفيذ، واتخاذ القرار الحكومي بفرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن، قبل الانتخابات المقررة في 2 مارس/ آذار المقبل، لأن أي تأخير في ذلك وانتظار الانتخابات سيعني في النهاية إضاعة الفرصة التاريخية أمام بسط سيادة الاحتلال على كل المستوطنات الإسرائيلية وغور الأردن. وفيما كشفت صحيفتا "هآرتس" و"يديعوت أحرونوت" عن وجود تفاهم أميركي مع زعيم "كاحول لفان" الجنرال بني غانتس، ومع نتنياهو، حاول الأخير التنصّل منه بوجوب انتظار الانتخابات الإسرائيلية العامة، وتشكيل حكومة جديدة لتنفيذ خطوات الضم وفرض القانون الإسرائيلي، بدا أن ما يشغل بال المؤسسة العسكرية والأمنية، التي لم توضع في صورة تفاصيل الخطة، هو مستقبل العلاقات مع الأردن، في حال جرت عملية الضم بشكل فظ ومباشر، مع قناعة بالقدرة على مواجهة الاحتجاجات داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصاً في الضفة الغربية، على الرغم من مخاطر تصدُع التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية.
مع ذلك، وفيما أبرزت الصحف الإسرائيلية أن تصريحات نتنياهو بشأن عزمه عرض مقترح قرار حكومي لضم الأغوار وفرض القانون الإسرائيلي عليها، بعد ساعات من إعلان الخطة، استند على ما يبدو إلى تصريحات السفير الأميركي لدى دولة الاحتلال ديفيد فريدمان، اليهودي الديانة، والمعروف بتأييده الكامل للمستوطنين، فإنها أشارت، في الوقت ذاته، إلى أن مستشار ترامب وصهره جاريد كوشنر، كان من سارع إلى صب الماء البارد على تصريحات نتنياهو، وأرجأ عملياً عزم رئيس الحكومة المسارعة لضم غور الأردن إلى ما بعد الانتخابات. وكان كوشنر قد أعلن أن خطوة الضم لن تكون قبل تشكيل لجنة فنية، يفترض أن تعكف لأشهر على ترسيم حدود الضم، أولاً، وأن يتم ذلك بعد الانتخابات على يد حكومة إسرائيلية مستقرة.
وفي السياق نفسه، لفت المعلق في "يديعوت أحرونوت" ناحوم برنيع أيضاً إلى أن كبار المسؤولين الأميركيين، الذين حضروا خلال الأسبوع الحالي، مداولات المؤتمر السنوي لمركز أبحاث الأمن القومي، وتابعوا يوم الثلاثاء الماضي إعلان خطة ترامب، وجدوا أنفسهم أمام مسؤولين سابقين في المنظومة الأمنية والعسكرية في إسرائيل، وهم يحذرون من أوهام الخطة. وجعلتهم هذه التحذيرات في نهاية الأمر يغيرون نظرتهم إليها، بعد أن كانوا، بحسب برنيع، يتعاملون بجدية مع الوثائق الرسمية وأوراق العمل. وكتب "لقد انتقلوا من عالم الكلمات إلى عالم العمل، ومن المستقبل الباهر والافتراضي الذي ترسمه الخطة للدولة الفلسطينية إلى قلق حقيقي وفوري على بقاء اتفاقية السلام مع الأردن".