على الرغم من الصمت الذي فرضه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على وزرائه، مطلع الأسبوع، محذراً من أي تصريح بشأن الانتخابات الأميركية، لم يخف تأييده للمرشح الجمهوري دونالد ترامب، الفائز بالانتخابات، بفعل كثير من القواسم المشتركة بين نتنياهو والجمهوريين في الولايات المتحدة.
وأضاف "إنني على ثقة بأنني والرئيس المنتخب ترامب سنواصل تعزيز التحالف الخاص بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية لمستويات جديدة".
فوز ترامب يتماشى مع أهواء نتنياهو، الذي لم يفوّت فرصة على مدار السنوات الثماني لإدارة الرئيس باراك أوباما، في محاولات لإحراجه وإضعافه في السياق الداخلي الأميركي في الكونغرس ووسائل الإعلام، سعياً لضرب شرعيته، وبالتالي قدرته على ممارسة أي ضغوط فعلية على حكومة نتنياهو وسياسته الاستيطانية.
ونشرت الصحافية الأميركية، اليهودية الأصل، جوديت ميلر، أمس، مقالاً في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أوضحت فيه أنه على الرغم من التوتر في العلاقات على المستوى الشخصي بين نتنياهو وباراك أوباما، لم ينعكس ذلك على استقرار العلاقات بين البلدين. بل إن الولايات المتحدة وقفت على مدار سنوات سداً منيعاً أمام محاولات إدانة إسرائيل في المحافل والهيئات الدولية، مع مواصلة ضمان أمنها بشكل مطلق.
ومع أن نتنياهو اعتبر أن هوية الرئيس الأميركي المقبل لن تؤثر على مكانة إسرائيل لدى واشنطن، وأن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة ستزداد قوة، من الواضح أن وصول رئيس جمهوري، مثل ترامب، مع التصريحات المستفزة التي أطلقها وفي مقدمتها اعتزامه نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، أفضل بكثير من وصول هيلاري كلينتون.
وفي هذا السياق، فإن انتصار ترامب واحتفاظ الجمهوريين بأغلبية في كل من مجلسي الشيوخ والكونغرس، قد يمنح حكومة الاحتلال سنوات من الهدوء والدعم التلقائي للمواقف الإسرائيلية، وفي مقدمتها رفض أي محاولات لعقد مؤتمر دولي، وتأييد فظ وكامل لطروحات نتنياهو حول خطر "الإرهاب"، وحق إسرائيل في "الدفاع عن نفسها".
وعلى الرغم من أن المراقبين في إسرائيل يعتبرون أنه لا يمكن توقّع وجهة ترامب، يُجمعون على أن النتائج الفورية للانتخابات الأميركية غير مؤثرة لجهة التزامات الولايات المتحدة تجاه الاحتلال الإسرائيلي. وفي السياق، أشار مقال في صحيفة "هآرتس"، إلى أن النتائج غير مهمة، أيا كانت، لأن إسرائيل حصلت، للمرحلة المقبلة، على كل الالتزامات المعنية بها، في إشارة إلى المصادقة على أكبر معونات عسكرية أميركية لإسرائيل، بحجم 39 مليار دولار، للسنوات العشر المقبلة.
لكن القلق الإسرائيلي، أو للدقة، الخوف الذي يسكن نتنياهو في الفترة المتبقية لدخول الرئيس الأميركي المنتخب إلى البيت الأبيض ومزاولة أعماله، هو في الخطوات المقبلة للرئيس الأميركي، باراك أوباما، وفي الموروث الذي سيخلفه وراءه. فهل سيعلن أوباما اعترافا بالدولة الفلسطينية مثلا؟ أم سيسعى إلى تحريك وتأييد مبادرة دولية (المبادرة الفرنسية مثلا) لإطلاق مفاوضات بين إسرائيل وفلسطين، مع تحديد جدول زمني لهذه المفاوضات وسقف نهائي لها، لإقامة دولة فلسطينية؟
ولم يخف نتنياهو في الأسابيع الأخيرة قلقه من تحرك في هذا الاتجاه، أو حتى من احتمال امتناع أوباما في الأشهر الثلاثة المتبقية له في البيت الأبيض، عن استخدام حق النقض، الفيتو، لإفشال مشروع قرار أممي يصدر عن مجلس الأمن الدولي ضد الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.
بدوره، دعا رئيس بلدية الاحتلال، نير بركات، ترامب إلى زيارة القدس المحتلة، والعمل على تعزيز بقائها عاصمة موحدة لإسرائيل.
أما عضو الكنيست الإسرائيلي، يهودا غليك، الناشط مع مجموعات يهودية صهيونية، تدعو إلى هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل اليهودي مكانه، فسارع إلى توجيه تهنئته لترامب، مصحوبة بابتهالات دينية يهودية بأن يزور "جبل الهيكل"، وأن يقود "من مصدر الضوء والطاقة في العالم، خطاب تصالح وسلم عالميين".
وجاءت تهانئ غليك هذه لتعكس أماني اليمين في إسرائيل. واعتبر أن انتصار ترامب دليل على رفض الشعب الأميركي للنفاق وسياسات الإدارة السباقة وتفضيل المواقف الصريحة والمباشرة عليها. ودعا غليك، المعروف بتشدده ومشاركته الدائمة في محاولات اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، الرئيس الأميركي المنتخب، إلى زيارة إسرائيل، والتجول في المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة ليرى بنفسه أن المستوطنات هي الطريق للسلام.