إسرائيل تستعين بـ "بلال" ضد الفلسطينيين

04 فبراير 2016
#كن_مثل_بلال (مواقع التواصل)
+ الخط -

كعادتي في كل مساء وأثناء تصفحي مواقع التواصل الاجتماعي لفتني البطل الافتراضي "بلال" الذي تحوّل إلى الشغل الشاغل للكثير من رواد مواقع التواصل، هذا بلال هو بطل صفحة "كن مثل بلال" التي اجتاحت موقع "الفيسبوك" خلال وقت قصير وتحولت إلى شعار للدلالة على عمل الخير والابتعاد عن التصرفات الطائشة والتهور.


ومن بين آلاف المنشورات التي تتعلق بـ "بلال" لفتني وصوله إلى صفحة الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي حيث تضمن رسالة بنكهة ساخرة للشباب الفلسطيني مفادها: "بلال اشترى سكينة.. بلال ما بيقتل الناس بالسكينة.. بلال مش إرهابي.. بلال ذكي.. كون متل بلال"..

وعلى الرغم من أن الصورة أثارت عاصفة من الانتقادات في صفوف الفلسطينيين الذين سارعوا إلى مهاجمة أدرعي، وعلى الرغم من أن ما نشره الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي لن يتعدى صورة افتراضية لا تأثير حقيقي لها على مجريات الأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا أنه لا يمكن تجاهل "الذكاء الكبير" الذي يتعامل به الإسرائيلي في صراعه مع الفلسطينيين، والاهتمام الكبير الذي يوليه لأدق التفاصيل في كل ما يجري حوله، محاولاً استغلال كافة الوسائل المتاحة لخدمة "دولته".

هذا هو الفرق بيننا وبينهم تحديداً، بين من يتابع أدق التفاصيل، وبين من تأخذه الحمية الكلامية في التعاطي مع أي حدث، وسأستذكر قليلاً الحالة التي أثارها أدرعي نفسه قبل نحو سنة ونصف السنة، وقت تم اختطاف ثلاثة مستوطنين في مدينة الخليل، يومها اعتبر الكثيرون أدرعي شخصاً ساذجاً بعدما وجه سؤالاً إلى متابعيه يناشدهم فيه تقديم المساعدة والمعلومات عن عملية الاختطاف، تهافتت عليه التعليقات الساخرة من كل حدب وصوب، وحاول الكثيرون الاستهزاء به من خلال عرضهم تقديم المعلومات الأمنية "الحساسة" مقابل طلبات أغلبها "سطحية" كوجبة طعام أو رحلة سياحية أو مركبة جديدة، وغيرها من الأمثلة التي لا تعد ولا تحصى، وقتها قال لي أحد الأصدقاء حرفياً: "تعال شوف كيف عم نضحك على هل مجنون أدرعي".

المواقف لا شك أنها كانت طريفة للغاية، إلا أن الأمر اللافت كان تعامل الناطق باسم الجيش الإسرائيلي بجديّة مع كل حالة على حدة، على الرغم من المعرفة المسبقة أنها مجرد دعابات، غير أن هناك احتمالاً ولو شبه معدوم أن تحمل في طياتها طرف خيط يوصله إلى المعلومة جعله يتصرف بالتزام بالغ مع الرسائل كافة، وهي جدية مطلوبة من أي شخص يريد خدمة هدفه بحرفية وانضباط..

وفي مقابل هذه الجدية الإسرائيلية نجد أن السخرية المطلقة هي سمتنا الأبرز في التعامل مع أي حدث حولنا كبيراً كان أم صغيراً (لا أنفي ضرورتها في بعض الأحيان)، لكن القضايا المركزية والمصيرية تحتاج إلى المزيد من الجدية، فالتفوق العسكري والعلمي الإسرائيلي لن يتقلص إذا ما أطلقنا النكات حوله، والجندي المحتل لن يتوقف عن قتل أبنائنا إذا ما رسمناه بصورة هزلية، العلم يواجه بالعلم، والجديّة تقابل بالجدية، هذه هي المعادلة الواضحة والبسيطة، فإذا ما استمرينا في "هزليتنا" الحالية يجب ألا نلوم إسرائيل على سيطرتها علينا، أو أن نتهم العرب بالتخاذل والتسبب في وضعنا الحالي، علينا أن نلوم أنفسنا فقط لا غير، فالدعابة "الزائدة" قد تخفف من مرارة الواقع لكنها لن تمحيه.

(فلسطين)

المساهمون