إساءة حوثية

21 سبتمبر 2015
+ الخط -
من يبصق باتجاه السماء، بناء على قانون الجاذبية، تسقط بصقته على وجهه، والإساءة التي أقدمت عليها صحيفة الثورة اليمنية، التي يسيطر على إدارة نشرها الحوثيون، بنشرها قصيدة تتضمن ألفاظا، تنال من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، في عددها يوم الأربعاء 16سبتمبر/أيلول الجاري صادرة من الباصقين على وجوههم.
وعلى الرغم من محاولات الحركات الطائفية المسلحة التي ترعاها طهران في المنطقة العربية الادعاء بخدمة الإسلام، ومحبة آل بيت النبوة، وتسمية نفسها بمسميات دينية، مثل حزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، إلا أن وجهها الحقيقي، وبواطن ما تضمره للإسلام، والمسلمين بات جليا، تكشفه الأحداث يوماً بعد آخر، فالعقائد الفاسدة المدونة في كتب مرجعيات وأئمة تلك الحركات، تفصح عن انحرافها عن النهج الإسلامي الصحيح، كونها محل إجماع المتقدمين والمتأخرين، فلم يخرج عنها إلا القليل منهم، لعل أشنعها طعنها في صحابة رسول الله (ص)، وزوجه عائشة رضي الله عنها، فحسين بدر الدين الحوثي الذي يعد مؤسساً ومرجعاً مهماً للحركة الحوثية، يقول عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في تفسيره سورة المائدة: "كارثة أبي بكر وعمر، كانت هي سبب مشاكل المسلمين، ثم هي من غطى على أعينهم، عن أن يعرفوا الحل والمخرج منها".
النيل من أم المؤمنين عائشة، بالنسبة للحركة الحوثية ليس جديدا، فإثر وضع مدرسة أسماء للبنات في صنعاء، أسئلة امتحان تطالب الطالبات، بإثبات براءة زوج النبي (ص) من حادثة الإفك، بآيات قرآنية من سورة النور، طالبت صحيفة المسار الحوثية في 15 أكتوبر/تشرين أول 2012، وموقع الحق نت التابع لحزب الحق، بإلغاء سورة النور المبرئة عائشة رضي الله عنها من المناهج الدراسية، بمبرر إثارتها الفتنة الطائفية، والسؤال الذي يفرض نفسه، باحثا عن إجابة منطقية: ما الذي دفع الحوثيين للإساءة مجدداً لأم المؤمنين، في هذا التوقيت وبتلكم الطريقة؟
معلوم أن الحوثيين وحلفاءهم تعرضوا، أخيراً، إلى انتكاسات عسكرية وسياسية، ما استدعاهم للبحث عن عوامل تطيل أمد الصراع، وتديم بقاءهم فيه طرفاً أساسياً، وبدعم خارجي، وبمبررات ذرائعية يختبئون وراءها، أبرزها الإرهاب فوبيا. وإذا كان تفجير مساجد في صنعاء لم يؤت أكله، فمن الضروري سلوك سبل أخرى، تستفز اليمنيين، وتدفعهم إلى غضب يصعب السيطرة عليه، يصاحبه الإيعاز لمجموعات إرهابية، للقيام بعمليات ذبح أو اغتيالات لصحفيين وكتاب أو شخصيات محسوبة عليهم، أو تفجير مؤسسات صحفية، وتضليل الرأي العام باتهام الآخرين، وتلفيق ملفات كيدية، وإلحاقها بنظرية المؤامرة والعمالة للخارج، لتطبيع الجرائم والمجازر الدموية التي ترتكب تحت شعار محاربة الإرهاب، الذي يتم توظيفه بدموية أكثر بشاعة، لاسيما وأن من تتبنى هذا الشعار ميلشيات مارست الإرهاب المنظم، والجريمة السياسية ضد اليمنيين، في إطار فلسفة صناعة العدو الداخلي لتكوين بيئة حرب، وإرهاب سياسي وأيديولوجي، يراد له أن يكون في اليمن منظماً، يستخدمه صناعه؛ لأجل مكاسب سياسية، وتأسيس خارطة عنف ملتهبة، تستهدف عسكرة المجتمع اليمني، ونحر منظومته القيمية، وتقسيم شرائحه لفرق متصارعة بآليات دموية، تذكي احترابا طائفياً، تسخر له ماكينة سياسية وإعلامية ضخمة، لجعل اليمن تحت النفوذ الإيراني بلباس التشيع السياسي.
علينا أن نصب ملايين الأطنان من مياه الحكمة والتعقل على حرائق طائفية، يراد لها أن تشتعل، والمطلوب منا أن نحوّل الرد على الإساءة لأم المؤمنين عائشة، من رد فعل عاطفي منفلت من ضوابط الشرع يحقق أهداف من أساء، ومن يقف خلفه لفعل موضوعي، لا يتجاوز المشروع إلى الممنوع، بالرد على الإساءة بالحجة والبرهان، واستخدام الوسائل القانونية في عقاب المسيء، ويأتي رص صفوف اليمنيين، وتكاتف جهودهم، للوقوف بصلابة ضد مشروع الحوثي وعلي عبدالله صالح، الرامي إلى التسلط عليهم، واستبدال هويتهم العربية الإسلامية بالهوية الفارسية أعظم انتصار لأم المؤمنين الطاهرة المطهرة.

avata
avata
عبد الواسع الفاتكي (اليمن)
عبد الواسع الفاتكي (اليمن)