إرنستو كاردينال: باقٍ على لاهوت التحرير

15 ديسمبر 2014
"المكسيك جعلتني ثائراً"
+ الخط -

كان في الثامنة عشرة من عمره حين زار المكسيك للمرة الأولى في حياته لدراسة الفلسفة والآداب في "الجامعة الوطنية المكسيكية المستقلة" لأربع سنوات، التحق بعدها بالدير الكاثوليكي في "كويرنافاكا"، حيث درس الكهنوت لمدة عامين. واليوم تحتفل المكسيك بعيد ميلاد الأب والمناضل والشاعر إرنستو كاردينال بأمسية شعرية تقيمها له في قصر الفنون الجميلة.

وما بين سنواته الثامنة عشر والتسعين، زار كاردينال المكسيك أكثر من ثلاثين مرة، ويقول في مقابلة أجرتها معه صحيفة "لا خورناذا": "المكسيك وطني الثاني، وليس لدي الكثير من الأوطان، اثنان فقط، نيكاراغوا، والمكسيك ثانياً...لدي الكثير من الأصدقاء المكسيكيين، نحن وطن واحد؛ إذ وصلت قبائل "الناواتل" المكسيكية حتى نيكاراغوا".

الأب الذي قضى حياته متمرّداً صرّح أيضاً في المقابلة أن من أهم اللحظات التاريخية التي تجمع المكسيك بنيكاراغوا هي الثورتين المكسيكية والنيكاراغوية رغم إحباطاتهما ومتناقضاتهما، خصوصاً إذا علمنا أنه لا يتمتَّع بعلاقة طيبة مع رئيس نيكاراغوا الحالي ورفيقه في الثورة دانييل أورتيغا.

يعود كاردينال بذاكرته كثيراً للوراء ويذكر في تلك المقابلة كيف تشكَّلت ميوله اليسارية في المكسيك، مشيراً إلى أنّه كان ينتمي لجيل تقدُّمي ينتمي لليمين المناهض للشيوعية: "في المكسيك، أصبحت شيوعياً، لكن لم أكن محارباً في الحزب، شيوعياً بالمعنى الجيد للمفهوم. بعد عدة سنوات، تركت العالم كي أعيش مع الله في دير".

وعن هذا يقول: "حب الجمال أوصلني لحب الله، وهذا أوصلني للثورة. أما الآن فأعمل على مشروعي الشعري، لكن ثمَّة أمرٌ مهم، المكسيك جعلتني ثائراً".

وفيما يتعلق بمسيرته كشاعر يقول: "تختلف مواضيع الشعر، لكنَّ شِعري بقي كما هو دائماً. من الممكن تمييزه، فهو مفهوم، يُكتب كما يُقال، ليس معزولاً، أنا مع الشعر الذي يُفهم".

لا يكلّ الشاعر العجوز عن البحث في سبيل تنويع وتوسيع مداركه، وعلى أعتاب التسعين يصرّح أنه عاكف حالياً على قراءة العلوم بوصفها تعبير عن الخلق والإبداع: "أقرأ العديد من النصوص العلمية، أقرأ في الأحياء، وعلم الإنسان وعلم الأعراق، والفيزياء والفلك. أتحمس كثيراً للكون والمجرات، للأسماك والفراشات. بالنسبة لي هي جزء من الشعر، إنَّها علوم شعريّة".

وأمام العالم المتحضّر تكنولوجياً وعولميّاً يؤكد كاردينال على تعاليم المسيح، التي تدافع عن حرية الفقراء والمظلومين: "لا بدَّ أن يتغيَّر هذا العالم، عالمٌ مقلوب رأساً على عقب وعلينا تعديله. على من في الآخر أن يصيروا في المقدمة، هذه هي الثورة".

لطالما كانت أشعار كاردينال خافقة بنبض الشَّاعر، وقد اعتاد الناس على رؤيته وتحيَّته وهو يرتدي قميصاً أبيض وقبعة جيفارا السوداء كأنما اختزل مواقفه في هذين اللونين. لقد كرَّس نفسه لهؤلاء الذين منحوا أشعاره طعمها وهويَّتها رغم اعتزاله في جزيرة "سولونتونامي" الواقعة وسط بحيرة نيكاراغوا، كما اقتربت أشعاره من لاهوتية التحرير وهذا يتجلَّى في أعماله المختلفة كديوان " المزامير" 1964، وديوان "صلاة إلى مارلين مونرو وقصائد أخرى" 1965.

صلاة من أجل مارلين مونرو وقصائد أخرى

المساهمون