إخفاق اتفاق النفط..الأسعار تعاود الهبوط واحتدام متوقع لسباق الانتاج

19 ابريل 2016
مشروع نفطي في إيران (فرانس برس)
+ الخط -



خرجت الدول المنتجة للنفط بدون اتفاق من الاجتماع الذي استضافته العاصمة القطرية الدوحة، ليلقي الأمر بظلال قاتمة على مصير مستويات الأسعار في الفترة المقبلة، بعد أن راهنت الكثير من البلدان المصدرة للنفط على تثبيت مستويات الإنتاج لإيقاف نزيف خسائرها من انهيار الأسعار.
واجتمعت نحو 15 دولة من أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" ومن خارجها في الدوحة يوم الأحد، لإقرار اتفاق كان قيد الإعداد منذ فبراير/ شباط الماضي، لتثبيت إنتاج الخام حتى أكتوبر/ تشرين الأول المقبل عند مستويات يناير/ كانون الثاني 2016 .

لكن إصرار إيران على رفض تثبيت الإنتاج، سعيا لاستعادة حصتها السوقية، بعد رفع العقوبات الدولية التي كانت مفروضة عليها مطلع العام الحالي، دفع منتجون داخل أوبك على أسهم المملكة العربية السعودية أكبر منتج في المنظمة إلى إبلاغ الحضارين في الاجتماع أنها ترغب في مشاركة جميع أعضاء "أوبك" في اتفاق تثبيت الإنتاج، بما في ذلك إيران التي غابت عن المحادثات.

وأعاد عدم الاتفاق على ثبيت الإنتاج المخاوف بقوة من احتدام سباق الإنتاج بين الدول المنتجة، ما يدفع الأسعار لمزيد من الهبوط ، في الوقت الذي تبدو فيه السعودية ومنتجون آخرون لا يخشون مواجهة تحديات السوق في المدى القريب ويضعون نصب أعينهم المكسب البعيد.




وكان ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، قد صرح أن المملكة لا تخشى انخفاض أسعار النفط، وأن لديها خططا اقتصادية لا تتطلب أسعارا مرتفعة. وأبلغ بن سلمان وكالة بلومبرج الإخبارية الأميركية مطلع الأسبوع الحالي أن السعودية قد ترفع الإنتاج سريعا، وأنها لن تكبح إنتاجها ما لم توافق إيران على التثبيت.

لكن محللون في قطاع النفط اعربوا عن قلقهم من تداعيات استمرار سباق الإنتاج، مشيرين إلى الآثار الاقتصادية السلبية الناجمة عن هبوط الأسعار ظهرت على العديد من الدول المنتجة.
وسجلت أسعار النفط تراجعا كبيرا أمس. ونزل الخام الأميركي بنحو 4% إلى 38.4 دولارا، كما هبط مزيج برنت بنسبة مماثلة إلى 41.2 دولارا للبرميل.

وكانت الأسعار قد سجلت تحسنا مع انتظار المستثمرين لنتائج اجتماع الدوحة، بعد أن وصلت في فبراير/شباط إلى أدنى مستوى منذ 13 عاما، حينما هبطت إلى ما دون 30 دولاراً للبرميل.
وتراجع سعر الذهب الأسود أكثر من 60% منذ منتصف عام 2014، عندما كان سعر البرميل يبلغ حوالى 115 دولار، وذلك بسبب فائض كبير في الإنتاج يعجز الطلب العالمي عن امتصاصه نظرا لتباطؤ الاقتصاد.

وقال عيسى المزيدي، خبير النفط الكويتي في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن إخفاق الدول المنتجة للنفط في التوصل لاتفاق حول تثبيت الإنتاج سينعكس سلباً على الأسعار خلال الفترة المقبلة، وقد يعيدها لمستوى أقل من 40 دولاراً خلال العام الحالي.
وأضاف المزيدي، أن "هناك تخمة كبيرة في السوق ناتجة عن زيادة الإنتاج، وهذا سيقود الأسعار للنزول"، مشيرا إلى أن المشكلة التي تواجه "أوبك" هو أن "المواقف السياسية أصبحت المحرك الأساسي لقراراتها وهو ما يعطي انعكاسات سلبية على سوق النفط وأسواق الطاقة بشكل عام".
ويوم السبت الماضي، قال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه، إن على المنتجين من "أوبك" وخارجها أن يقبلوا حقيقة عودة إيران للسوق النفطية، مضيفا " إذا ثبتت إيران إنتاجها النفطي، فلن تستفيد من رفع العقوبات"، ليزيد من حدة التوترات من السعودية التي تصر على تثبيت جميع المنتجين الكبار للإنتاج.

كما ذكر حسين كاظم بور اردبيلي، مندوب إيران لدى "أوبك" في تصريح لموقع معلومات وزارة النفط الإيرانية على الانترنت (شانا) أمس إن إيران تحث الدول الأخرى المنتجة للنفط على مواصلة المحادثات من أجل تثبيت الإنتاج وتعزيز الأسعار، لكنه رفض تثبيت طهران إنتاجها، قائلا "إيران أوضحت أنها تريد استعادة حصتها السوقية التي فقدتها بسبب العقوبات الاقتصادية، ومعظم الدول الأعضاء في أوبك ومن خارجها حول العالم يؤيدون موقفها".

لكن خبير النفط الكويتي عيسى المزيدي أكد أنه " في حال استمرار الوضع على ما هو عليه، ولم يتم الاتفاق على تخفيض الإنتاج، فإن الأمر سيسوء أكثر على صعيد الأسعار".
وقال مصرف غولدمان ساكس الأميركي، في تقرير وفق وكالة رويترز أمس، إن العقود الآجلة للخام الأميركي ستبلغ 35 دولارا للبرميل في المتوسط على الأرجح خلال هذا الربع من العام (أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران)، واضفا إخفاق المنتجين في التوصل لاتفاق حول تثبيت الإنتاج بأنه "عامل نزولي".

وأبقى المصرف على توقعاته للربع الأخير من هذا العام ( سبتمبر/أيلول إلى نهاية ديسمبر/كالنون الأول ) عند 45 دولارا لبرميل خام غرب تكساس الوسيط وهو خام القياس الأميركي وعند متوسط 58 دولارا للبرميل في 2017.
وتوقع استمرار نمو إنتاج أوبك في 2017 بنسبة 1.4 % أو ما يعادل نصف مليون برميل يوميا بقيادة إيران والمملكة العربية السعودية، مضيفا أنه ما زال يتوقع ارتفاع إنتاج "أوبك" إلى 33 مليون برميل يوميا بحلول العام المقبل، مقابل 32.6 مليون برميل يوميا في الوقت الحالي نحو ثلثها من السعودية. وكانت "أوبك" قد ضخت 31.85 مليون برميل يوميا خلال العام الماضي 2015.

وكانت بعض الدول تعول على تثبيت الإنتاج من أجل معاودة الأسعار الارتفاع إلى مستويات 60 دولاراً للبرميل خلال العام الحالي، إلا أن خبير النفط الكويتي قال إن ذلك لن يحدث.
لكن وكالة الإعلام الروسية نقلت عن وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك قوله أمس، إنه لا يتوقع تقلبات عنيفة في سوق النفط بعد فشل المنتجين في الاتفاق على تثبيت الإنتاج.

وقال عبدالإله المرعي، خبير النفط الإماراتي، في تصريح لـ" العربي الجديد"، إنه "بعد الإخفاق في الاتفاق على تثبيت الإنتاج، فلا أحد يعلم كيف سيكون حال أسعار النفط فيما تبقى من العام الجاري".
وأضاف المرعي :"منذ أن بدأ الإعلان عن وجود خطة لتثبيت الإنتاج لحدود مستويات يناير/كانون الثاني أو فبراير/شباط 2016، فإن الأمر لا يتعلق بالسعودية والعراق والإمارات وروسيا فقط كأكبر منتجين داخل أوبك وخارجها وإنما أيضا إنتاج الولايات المتحدة الأميركية من النفط الصخري وإيران".

قال إن "إيران تريد أن ترفع إنتاجها إلى 4 ملايين برميل يوميا بنهاية 2017، ولو لم تقم الدول المنتجة للنفط بتحركات جدية لوقف الاغراق والتخمة، فالأسعار ستظل منخفضة، ولا أحد سيتحمل ذلك كثيرا.
وتابع " بدأت الآثار الاقتصادية السلبية تظهر على فنزويلا وحتى روسيا، فيما تصر الدول على هدر نفطها وبيعه بثمن رخيص، لأن كل دولة لا تثق بالأخرى، وتخشى أن يستغل الآخرون تقلص إنتاجها للاستحواذ على زبائنها، وهذا أمر خطير جدا سيقود الأسعار للتراجع بشكل أكبر في الفترة المقبلة".
وقال أبيشك ديشباندي، محلل سوق النفط في مصرف ناتكسيس الفرنسي لرويترز " في ظل عدم التوصل إلى اتفاق من المرجح أن تتضآل ثقة السوق في قدرة أوبك على أخذ إجراء معقول لضبط المعروض، وهو ما سيدفع أسواق النفط للتراجع بالتأكيد حيث كانت توقعات التوصل إلى اتفاق من بين أسباب موجة صعود الأسعار".



المساهمون