إبل تشاد تهجّر مالكيها إلى العاصمة

09 اغسطس 2014
رحلة موسمية بحثاً عن الماء
+ الخط -
يعيش رعاة الإبل في منطقة "آري" شرقي تشاد على وقع الفصول الجافّة والممطرة في البلاد. فحين تصبح السماء أكثر جفافاً، وتذوي خضرة المراعي، يسلك البدو الطرق المؤدية إلى العاصمة "نجامينا"، بحثاً عن مراعٍ أكثر خصوبة، لتأمين غذاء الإبل والمواشي. رحلة موسمية تحمل شعوب صحراء تشاد قسراً نحو المدينة.

"توكرا" هو حيّ في العاصمة، قريب من وسط المدينة، يحتضن هذه الأيام هؤلاء الرعاة فاتحاً أحضانه مفصحا عن مناظر طبيعية تسحر الألباب. هؤلاء الرعاة الذين يسري حبّ الإبل في عروقهم، يحاولون جاهدين الاقتراب من التجمّعات للتزوّد بالمواد الغذائية، لكن أيضاً لبيع منتجاتهم اللبنية التي تلقى إقبالاً شديداً.

فاطمة بنت الـ13 ربيعاً تتّجه بجسدها النحيل نحو حي "توكرا"، تجرّ وراءها قطيعاً من المهاري (جمال أليفة)، يرسم خطّ سيرها خطاً هندسياً على الرمال الذهبية. وهي فخورة بما تقوم به وتعشق نمط عيش آبائها وأجدادها. توافق الصغيرة دون تردّد على تصويرها وهي تقود الإبل، مقابل 2000 فرنك إفريقي (4 دولارات): "ذهبنا إلى كورناري (30 كيلومتر جنوبي نجامينا) عبر "آتي" (الشمال الشرقي)، وسنبقى في توكرا خلال موسم الجفاف فقط".

فاطمة ليست الوحيدة التي تخصّ ضيوف حيّها بحرارة الاستقبال. حميد أيضاً هو "قائد" أحد المخيمات هنّا. أدّى التحية وارتسمت على محيّاه ابتسامة عريضة، فصاح قائلاً: "هيا، قوموا بالتصوير، لكن لا تنسوا أن تتركوا شيئاً ما، مقابل الشاي...".

بعض الأطفال ممن جلبتهم "غرابة لباس هؤلاء الزائرين"، تخلّوا عن لوحات كانوا يخطّون عليها آيات من القرآن الكريم، واقتربوا من فريق العمل يتطلّعون بتمعّن في هؤلاء "المختلفين" عنهم. 

يروي حميد الصعوبات التي يواجهها الرّعاة الرحّل وأوّلها صعوبة التزوّد بالماء: "نعيش معاناة يومية، الماء مادّة نادرة وثمينة هنا. نحمّل براميل الـ50 لتراً على ظهور الحمير ونقطع كيلومترات بحثاً عن الماء النادر أو عن بئر لا ضمانة لنا أن نجد فيها الماء".

حميد عبّر عن ذلك بمرارة قبل أن يقلّب ناظريه بين مجموعة من الإبل على الرمل. لوهلة بدا كأنّه انبرى بمخيّلته في حلم صيفي حمله في رحلة طويلة عبر الزمن، لم يُفِقْهُ منها سوى جلبة مجموعة دراجات نارية جاء ركّابها لاقتناء بعض حليب النوق "المفيد للصحة". 

دلالات
المساهمون