أيهم محمد حبيب

14 يناير 2016
"حبيب" تحديداً "حالة" تستحق الدراسة (مواقع التواصل)
+ الخط -

في الخلاف الدائر داخل جماعة الإخوان الآن، لا يمكنك أن تحدد أيهم على صواب وأيهم على خطأ، ثمة انحياز مبدئي لمن يتبنى وجهة نظر الثورة، وثمة انحياز آخر لاختيارات الشباب، إلا أن العارفين بشؤون الجماعة، سواء كانوا إخوانا يتميزون بالحس النقدي، أو أعضاء سابقين (إكس إخوان) تدفعهم رغبة محمومة، يعجزني تفسيرها أحيانا، للانتقام من كل لحظة قضوها في الجماعة، تلك التي يغادرونها دون أن تغادرهم، في الغالب، هؤلاء وهؤلاء يضعونك، بكتاباتهم وتحليلاتهم، وأحيانا معلوماتهم، في حيرة حقيقية، أي الفريقين الأقرب لمصالح الثورة، ومن ثم لمصالح الوطن؟، أيهم الأقرب بوعيه ومعرفته بزمانه وأيهم الأبعد بماضويته، وتشنجه، أو بتنسيقه مع الأمن؟!


يا نهار أزرق، التنسيق مع الأمن؟ هذا اتهام صريح، لا يحق لنا توجيهه لأي من الطرفين، إلا أن شواهد سابقة تضعه رهن "الاحتمال"، بعضهم تحدث عن إخوان الأمس أعداء اليوم حد الشقاق، أمثال حبيب، والهلباوي، ونوح، وغيرهم.

"محمد حبيب" تحديدا "حالة" تستحق الدراسة، نائب المرشد، يوشك أن يكون الرجل الأول، فجأة، خارج الجماعة، يسبها، ويدعي عليها، أو يفضحها لو صح الخبر، الأدهى: يؤيد السيسي، ويحرضه على الإخوان، ويبارك قتلهم، هنا نحن لا نتحدث عن خصومة فكرية، أو حتى تنظيمية، إنما عن "كارثة"، كل من حرض على الدم مجرم دون توصيف آخر، فما بالك بإخواني يخصه من أمر القتلى فوق كونهم بشر، عشرة العمر، ورفقة الدرب، عيش وملح، وحلم، كيف يرضى بقتلهم، ويشجع عليه، ويعتبره عملا وطنيا، قالوا الفجر في الخصومة، وبعضهم رجح التنسيق مع الأمن منذ البداية!

ليس بعيدا على أجهزة الدولة اختراق جماعة الإخوان، وقد اخترقت كل تكوين سياسي قام لمعارضتهم يوما، بشخوص لم يخطر ببالنا قط، أن يكونوا معهم، كما أنه ليس بعيدا على الإخوان، الكيان الضخم، الممتد، المترهل، أن يتم اختراقه، والسؤال: في المعركة الدائرة اليوم بين جناحي الجماعة، أيهم محمد حبيب ورفاقه؟

لا يعنيني كثيرا، أو قل ليس في مقدوري، تحديد أيهم على الحق، فقد يكون الحق رحم بينهما، أو يكون كل فريق قد أصاب منه، وأخطأ، إلا أن الفارق الذي يحسم بالنسبة لي كمهتم ومتابع لشؤون الجماعة التي تمثل عمودا فقريا في حراك الشارع، والثورة، رغم كل أخطائها، هو ألا يكون بين أحد المتناحرين "حبيب" جديد!

الخلاف قد يكون سببا للاتفاق، بل من اللازم أن يكون، في ظرف دقيق مثل هذا الذي تمر به البلاد، وقد يكون سببا لإعادة تشكيل الجماعة، وفقا لرؤى جديدة، أكثر عصرية، تتناسب مع زماننا، ولحظتنا التاريخية، إلا أنه لن يتحول إلى فرصة لمزيد من تعميق الخلاف، وزرع البغضاء والعداوة، وتفجير الكيان الأكثر تماسكا في بنية الثورة، إلا على يد من هم أشبه الناس بـ "حبيب" ومن على شاكلته.

لو كان الخلاف يدور بين مخلص أخطأ ومخلص أصاب، فلا شك أنه على وشك الانتهاء، بأقل الخسائر وأكبر المكاسب، أما إذا تحول إلى نقطة يسجلها الانقلاب العسكري في مرمى الإخوان، فلا شك أن السيسي سيفعل في الجماعة بيد بعض أبنائها ممن أرادوا ذلك سواء لقلة وعي أو لسابق اختراق وتنسيق مع هذه الأجهزة، باعتماد مذهبي الجماعة نفسها في تقييم تجربة الخارجين عليها، خاصة أشباه حبيب!

من يريد للإخوان أن ينفجروا داخليا، فتخسر الثورة، ويخسر الكيان الكبير، وتكون النهاية المأساوية للجميع؟، ومن يريد أن يتجاوز بنا هذا المصير لصالح هدف أكبر، وأسمى، وأهم، لأحوال البلاد والعباد، الشهداء، والمعتقلين، وأسرى زنازين التعذيب والبرد، المغتصبات، والذليلات، والمشردين، والمشردات، هم وأهلهم في بلاد الله، من يعمل لهؤلاء، لا لمن قتلهم وشردهم؟، من يعلي من شأن نفسه ومصالحه وحساباته على حساب هؤلاء؟، أيهم الأكثر مرونة وتوافقا وإخلاصا للفكرة، وأيهم الأكثر عصبية وتشنجا وتصلبا، أيهم أسماء البلتاجي، وأيهم محمد حبيب؟! يبدو لي أن الأيام القادمة تحمل إلينا الإجابة فعلا لا كلاماً.  

(مصر)

المساهمون