أين اليمن السعيد؟

06 سبتمبر 2017
+ الخط -
عندما كنتُ أتابع أخبارَ القتل والدمار "الإعتيادية" في وطننا العربي، لفتني مشهدٌ مؤلم حرّكَ بداخلي مشاعر الغضب والأسى. إنها الطفلة اليمنية، بثينة الريمي.
عندما تنظر إلى عيني بثينة، لا يمكنك إلا أن تذرف الدموع، فداخل عيني هذه الطفلة ترقد إنسانية منبوذة في مجتمع بشع لا يعرف معنى الرأفة والرحمة، فالرحمة يا الله على مجتمع كهذا وإنسانية كهذه!
أغارت طائرات غدر ورمت قذائف حقد على منزل عائلة بريئة لا دخل لها بما يجري في هذا العالم المجنون، وكانت المصيبة "طفلة بريئة فقدت والديها وأربعة من إخوانها ودمرت حياتها إلى الأبد". ولمن يمتلك الجرأة فلينظر إلى عيني هذه الطفلة ليعرف بأي عصر نحن نعيش. بثينة هي مثال صارخ على هذا العالم البشع الذي كلّما تقدّم تكنولوجياً كلما تراجع إنسانياً. بثينة اليمنية لا تختلف قصتها كثيراً عن قصة إيلان السوري الذي مات غرقاً وهو يبحث عن مكان آمن يأوي إليه، القصة واحدة والشخصيات مختلفة، أما المكان فللأسف هو العالم العربي.
لفتتني مقولة لبول فاليري: "الحرب مجزرة تدور بين أناس لا يعرفون بعضهم بعضا لحساب آخرين، يعرفون بعضهم بعضا"؟ هذه المقولة تنطبق على الحرب اليمينة.
أصبح اليمن السعيد أتعس الدول، ولكن لماذا؟ ليس لأنّ الشعب اليمني يحب الحرب، أو لا يعرف معنى الحب، إنما بسبب الأيدي الغريبة والدخيلة التي تعبث بأمن هذا البلد ولا تريد له الاستقرار. فإذا راجعنا التاريخ القديم والمعاصر، نجد أنّ المطامع الخارجية كانت دائماً مصوَّبة تجاه اليمن.
أما آن لنا أن ندركَ أنَّ التنوعَ والاختلاف نعمة وشيء جميل وفريد يجب لنا، نحن العرب، التغنّي والافتخار به. اليمن هو أرض الجمال والتنوع والانفتاح، ولكن يد الارهاب والدمار والتفتيت كانت أقوى وهزمت يد الخير.
إنني على ثقة تامة وكاملة أنه إذا نزلت لجنة استفتاء وجابت أرجاء اليمن كله، واستطلعت آراء جميع الفئات والأحزاب والطوائف والتيارات، أنّ الخلاصة ستكون وبالأغلبية الساحقة "لا للحرب، نعم ليمن موحَّد".
هذا هو الواقع، وهذه هي حقيقة الشعب اليمني الطيب، ولكن عندما تدخل اليد الغريبة وتزرع الفتن وتذرف الأموال، فالكل يصبح عبداً لمن أعطاه المال ويرغب بالحرب، فصاحب المال هو صاحب القرار.
أيّها الشعب اليمني والقيادات اليمنية، كفاكم مهزلة وألعاب صبيانية، فهذا البلد هو بلدكم شئتم أم أبيتم، وهذه الأرض هي أرضكم ولن يفلح أحد بالسيطرة عليها.
أنظروا من جديد إلى عيني بثينة، وستدركون أنَّ اليمن ليس سعيداً.
501A9E68-8C18-4C80-BA7E-865C6A9550D1
501A9E68-8C18-4C80-BA7E-865C6A9550D1
محمد زريق (لبنان)
محمد زريق (لبنان)