وتعد هذه المرة الأولى التي يصرح فيها رئيس الوزراء الأيرلندي باحتمال تفاوض منفصل مع بريطانيا خارج إطار المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، بهدف تحقيق "تطابق تام" في المعايير الجمركية بين الدولتين، ما يغني عن نصب الحدود بينهما.
وكانت أيرلندا قد تجنبت الحديث عن الخطوات التي ستتخذها في حال حصول بريكست من دون اتفاق. ولكن الوضع الافتراضي يلزمها، ويلزم بريطانيا، بتطبيق الفحوص الجمركية وفقاً لقوانين الاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة العالمية على جانبي الحدود.
وقال فارادكار، أمس الثلاثاء، إن سيناريو عدم الاتفاق سيشكل معضلة حقيقية لأيرلندا، مشيرا إلى أنه "سيكون على كل من بريطانيا وأيرلندا الالتزام بتطبيق اتفاقية الجمعة العظيمة، وحماية عملية السلام، والالتزام بتعهداتنا لسكان أيرلندا وأيرلندا الشمالية، بأنه لن تكون هناك حدود صلبة".
وأضاف "سيكون علينا أن نتفاوض على اتفاقية خاصة بالجمارك والقوانين التنظيمية والتي ستؤدي إلى توافق تام بين الجانبين بحيث لا تكون هناك حدود صلبة".
وتأتي تصريحات فارادكار بعد فترة وجيزة من نفي الحكومة البريطانية سعيها لاتفاقية ثنائية مع أيرلندا لتجاوز طريق بريكست المسدود، فالحكومة البريطانية لن تقبل بأن تكون أيرلندا الشمالية متوافقة في شؤونها التنظيمية مع دبلن وبعيدة عن لندن، وهو ما يعد خطاً أحمر لدى مؤيدي بريكست المشدد والحزب الاتحادي الديمقراطي الأيرلندي، شريك ماي في البرلمان.
وتقرّ الحكومة الأيرلندية بصعوبة هذا التحدي، وأن شكلاً من أشكال الحدود سيكون موجوداً بين أيرلندا الشمالية والجمهورية الأيرلندية في حال حصول بريكست من دون اتفاق، ولكنها ترفض أيضاً فتح باب التفاوض من جديد على خطة المساندة الخاصة بالحدود في الجزيرة الأيرلندية.
وتعدّ خطة المساندة نقطة مركزية في خطة الحكومة الأيرلندية لتجاوز الحدود الصلبة، وهو ما أشار إليه وزير الخارجية سايمون كوفيني بقوله "لقد توصلنا لاتفاق، وهو خطة المساندة. لا يمكن لأي شخص أن يقول إنه ضدّ خطة المساندة وضدّ الحدود الصلبة أيضاً وأن يتمتع بالمصداقية".
وتستهدف خطة المساندة أن تكون الوضع الافتراضي في حال فشل بريطانيا والاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق تجاري يحدد شكل التسوية الجمركية بينهما بعد بريكست، وصممت بالطريقة التي هي عليها بهدف منع الحدود الصلبة، وبالتالي لا بديل لها.
إلا أنّ خطة المساندة تشمل وضع أيرلندا الشمالية في وضع تنظيمي أقرب إلى الجمهورية الأيرلندية منه إلى بريطانيا، وهو ما يعد النقطة المركزية لرفض البرلمان البريطاني لها. وهو ما أشار إليه جاكوب ريس موغ، زعيم متشدّدي بريكست في حزب المحافظين، بقوله، اليوم، إن خطة المساندة هي "العقبة المطلقة" الوحيدة أمام الاتفاق.
وعلى الرغم من وجود أسباب أخرى لدى جناح متشددي بريكست في حزب المحافظين لرفض الاتفاق، يبدو أن فشل المفاوضات، واقتراب موعد بريكست، والمعارضة الشديدة له من دون اتفاق، واحتمال التوجه إلى تأجيله أو إلى استفتاء ثان قد دفع بعدد من النواب المحافظين ممن صوتوا ضد صفقة ماي الأسبوع الماضي إلى العدول عن رأيهم.
وكان 118 نائباً محافظاً قد صوتوا ضد حكومتهم الأسبوع الماضي، إلا أن عدداً منهم لمحوا إلى أنهم مستعدون لدعم اتفاق ماي، إذا تمكنت من الحصول على تنازلات جدية من الاتحاد الأوروبي حول خطة المساندة، وكان آخرهم زعيم مجموعة الأبحاث الأوروبية في البرلمان البريطاني، ريس موغ، مشيراً إلى استعداد زملائه للتفاوض على تسوية مع ماي.