عدا عن المآسي الناتجة عن الحرب المستمرة منذ خمسة أعوام في اليمن، يستقبل اليمنيون عيد الفطر تزامناً مع انتشار فيروس كورونا الجديد ليجدوا أنفسهم أمام تحديات مضاعفة ساهمت في تغيير طقوس العيد ربما لأول مرة في حياتهم.
ويرى الكثير من اليمنيين أنّ هذا العيد سيكون الأسوأ في تاريخهم، نظراً للظروف التي تعيشها البلاد إضافة إلى الواقع الجديد الذي فرضه كورونا. من بين هؤلاء فارس عبد الله، الذي انتقل إلى مأرب (شمال شرق)، قبل خمس سنوات، من جراء الحرب. يقول: "هذا العيد سيكون الأسوأ على الإطلاق، كونه يأتي وأنا مهجر للسنة الخامسة على التوالي، إضافة إلى القيود التي فرضها أخيراً انتشار كورونا".
ويؤكّد عبد الله أنّه وأفراد أسرته استطاعوا خلال السنوات الماضية "تجاوز أجواء العيد البائسة من جراء استمرار الحرب والبعد عن الأهل والأقارب من خلال الخروج مع الأصدقاء إلى المتنزهات أو أماكن أخرى، ومحاولة كسر حالة الحزن والإحباط. إلا أن هذه النافذة البسيطة أغلقت هذا العام في ظل الإجراءات المتخذة للحد من انتشار الوباء"، مشيراً إلى أنه لم يحاول مجرد التفكير في شراء ملابس جديدة كما جرت العادة.
وكانت الحرب قد تسبّبت في حرمان عبد الله من لقاء أقاربه في أيام العيد خلال السنوات الماضية. إلا أن فيروس كورونا سيحرمه اليوم من أصدقائه الذين اعتاد لقاءهم. يقول: "لن نصلي العيد جماعة أو نصافح الأصدقاء بعد الصلاة كما جرت العادة. سيكون أسوأ من الأيام العادية التي نعيشها، إذ إن حلوله سيعيدنا إلى مشاهد الألم والخوف والحرمان". ويلفت إلى أن آلاف المهجّرين والنازحين والكادحين في عموم البلاد "سيقضون يوم العيد نائمين هرباً من الوضع البائس".
اقــرأ أيضاً
أما الصحافي عمار النجار، فقد قرّر عدم تبادل الزيارات مع أحد خلال أيام العيد، مكتفياً بالخروج للتنزه مع أفراد أسرته خارج المدينة. يقول: "أنا على يقين أن الناس سينقسمون إلى نصفين. نصف متساهل لا يعي خطورة المرض وسيحتفل بالعيد ويمارس حياته بشكل طبيعي، وقسم آخر سيحافظ على صحة عائلته ويلتزم بالإجراءات الصحية. سأتّبع القسم الثاني وأبدأ بتهيئة أسرتي لهذا الأمر، ونخطّط في يوم من أيام العيد للتوجه وحدنا إلى خارج المدينة للتنزه في مكان بعيد لا يصل إليه الناس ولم ينتشر فيه الفيروس". يضيف: "هذا العيد سيكون استثنائياً وعادياً في الوقت نفسه، وسنضطر إلى تجاوز العادات والتقاليد ووضعها على الرف ونعيش مثل أي يوم عادي من دون زيارات ولا صلاة عيد ولا سلام. والأكثر تعقيداً هو كيفية إقناع أطفالنا بالبقاء في المنزل وهم ينتظرون أيام العيد طوال العام. وستعاني الأسر من صعوبة ضبط الأطفال وإبقائهم في المنازل خوفاً عليهم من الإصابة بالمرض".
وفي العاصمة السياسية المؤقتة، عدن، تبدو الأوضاع أكثر سوءاً بالمقارنة مع بقية المحافظات اليمنية من جراء انتشار الأمراض وعدم توفر المواد الغذائية والأدوية الضرورية. ويؤكّد عمار القدسي، وهو أحد سكان المدينة، أنّ العيد هو الأسوأ ولم يحدث مثله حتى حين كانت المدينة تعيش حرباً ومواجهات مسلحة. ويقول: "العيد ومتطلباته ليست ضمن اهتمامات الناس اليوم. كثيرون يبحثون عن فرص للنجاة من المرض. نبحث عن أدوية ونسعى إلى تأمين احتياجاتنا الضرورية كي نعيش من دون أن نصاب بالأمراض". ويشير إلى أن عدداً كبيراً من الأدوية الأساسية غير متوفر في الأسواق. مضيفاً: "بحثت عن علاج للغدة الدرقية، من دون أن أجده.
بحثت عن أنواع أخرى من دون جدوى على الرغم من أهميّة مثل هذا الدواء. وعندما طلبته من صنعاء أخبروني بأن الطريق مغلقة"، لافتاً إلى أن أسعار المواد الغذائية والملابس مرتفعة في ظل عدم توفر الرواتب. ويضيف: "ما يزيد الأوضاع سوءاً هو ارتفاع درجات الحرارة بشكل لا يحتمل".
وفي ظل هذا الوضع الكارثي، بحسب القدسي، اضطر إلى إلغاء الكثير مما كان يفعله في العيد. يضيف: "كنتُ قد اشتريت ملابس العيد للأطفال قبل شهرين تقريباً. ولو تأخرت حتى اليوم لما كنت استطعت شراءها. كما أنني لم أطلب ذبيحة كما كل عام، ولن أذهب في إجازة العيد إلى أي مكان باستثناء سوق القات".
إلى ذلك، تصف أم رناد هذا العيد بأنه "الأكثر عدلاً"، إذ سيجبر الفقير والغني على البقاء في المنزل. وتقول: "خلال السنوات الماضية، عائلات كثيرة بقيت في المنازل ولم تخرج خلال أيام العيد لأنها لم تستطع توفير الاحتياجات من ملابس وغير ذلك". أما اليوم، سيبقى الكثير من الأغنياء في المنازل خوفاً من كورونا. وتشير أم رناد إلى أنها لم تنفّذ الكثير من الأعمال التي يتوجب عليها تنفيذها استقبالاً للعيد، وتضيف: "نعلم أنه لن يأتينا زوار خوفاً من المرض. لهذا لم نصنع الكعك إلا بكميات قليلة جداً، ولم نشتر حتى حلويات ومكسرات العيد".
من جهته، يؤكّد محمد البعداني، الذي يملك صالون حلاقة في صنعاء، أن انتشار كورونا تسبب في تقليل أعداد الزبائن. ويقول: "عادة ما لا أنام بسبب كثرة الزبائن الذين يأتون إلي قبل العيد، لكن الحال تبدل بسبب كورونا، فمعظم زبائني قرروا الحلاقة في المنزل، لأنهم لن يخرجوا أيام العيد". يضيف أن معظم الزبائن يعتقدون أن الفيروس قد ينتقل إليهم عبر أدوات الحلاقة، ولهذا تراجعت أعدادهم بشكل كبير أخيراً "حتى أنني عجزت عن تسديد بدل إيجار المحل".
ولا يتقاضى أكثر من مليون موظف حكومي في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) رواتبهم منذ توقفها في سبتمبر/ أيلول عام 2016. ويعتمد سكان اليمن على المساعدات الإغاثية التي تقدمها المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني منذ بدء الحرب في مارس/ آذار عام 2015، بحسب الأمم المتحدة. وتشير الأخيرة إلى أن اليمن يمر بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، ويحتاج 80 في المائة من سكانه (24 مليون شخص)، إلى المساعدات الإغاثية العاجلة.
ويرى الكثير من اليمنيين أنّ هذا العيد سيكون الأسوأ في تاريخهم، نظراً للظروف التي تعيشها البلاد إضافة إلى الواقع الجديد الذي فرضه كورونا. من بين هؤلاء فارس عبد الله، الذي انتقل إلى مأرب (شمال شرق)، قبل خمس سنوات، من جراء الحرب. يقول: "هذا العيد سيكون الأسوأ على الإطلاق، كونه يأتي وأنا مهجر للسنة الخامسة على التوالي، إضافة إلى القيود التي فرضها أخيراً انتشار كورونا".
ويؤكّد عبد الله أنّه وأفراد أسرته استطاعوا خلال السنوات الماضية "تجاوز أجواء العيد البائسة من جراء استمرار الحرب والبعد عن الأهل والأقارب من خلال الخروج مع الأصدقاء إلى المتنزهات أو أماكن أخرى، ومحاولة كسر حالة الحزن والإحباط. إلا أن هذه النافذة البسيطة أغلقت هذا العام في ظل الإجراءات المتخذة للحد من انتشار الوباء"، مشيراً إلى أنه لم يحاول مجرد التفكير في شراء ملابس جديدة كما جرت العادة.
وكانت الحرب قد تسبّبت في حرمان عبد الله من لقاء أقاربه في أيام العيد خلال السنوات الماضية. إلا أن فيروس كورونا سيحرمه اليوم من أصدقائه الذين اعتاد لقاءهم. يقول: "لن نصلي العيد جماعة أو نصافح الأصدقاء بعد الصلاة كما جرت العادة. سيكون أسوأ من الأيام العادية التي نعيشها، إذ إن حلوله سيعيدنا إلى مشاهد الألم والخوف والحرمان". ويلفت إلى أن آلاف المهجّرين والنازحين والكادحين في عموم البلاد "سيقضون يوم العيد نائمين هرباً من الوضع البائس".
أما الصحافي عمار النجار، فقد قرّر عدم تبادل الزيارات مع أحد خلال أيام العيد، مكتفياً بالخروج للتنزه مع أفراد أسرته خارج المدينة. يقول: "أنا على يقين أن الناس سينقسمون إلى نصفين. نصف متساهل لا يعي خطورة المرض وسيحتفل بالعيد ويمارس حياته بشكل طبيعي، وقسم آخر سيحافظ على صحة عائلته ويلتزم بالإجراءات الصحية. سأتّبع القسم الثاني وأبدأ بتهيئة أسرتي لهذا الأمر، ونخطّط في يوم من أيام العيد للتوجه وحدنا إلى خارج المدينة للتنزه في مكان بعيد لا يصل إليه الناس ولم ينتشر فيه الفيروس". يضيف: "هذا العيد سيكون استثنائياً وعادياً في الوقت نفسه، وسنضطر إلى تجاوز العادات والتقاليد ووضعها على الرف ونعيش مثل أي يوم عادي من دون زيارات ولا صلاة عيد ولا سلام. والأكثر تعقيداً هو كيفية إقناع أطفالنا بالبقاء في المنزل وهم ينتظرون أيام العيد طوال العام. وستعاني الأسر من صعوبة ضبط الأطفال وإبقائهم في المنازل خوفاً عليهم من الإصابة بالمرض".
وفي العاصمة السياسية المؤقتة، عدن، تبدو الأوضاع أكثر سوءاً بالمقارنة مع بقية المحافظات اليمنية من جراء انتشار الأمراض وعدم توفر المواد الغذائية والأدوية الضرورية. ويؤكّد عمار القدسي، وهو أحد سكان المدينة، أنّ العيد هو الأسوأ ولم يحدث مثله حتى حين كانت المدينة تعيش حرباً ومواجهات مسلحة. ويقول: "العيد ومتطلباته ليست ضمن اهتمامات الناس اليوم. كثيرون يبحثون عن فرص للنجاة من المرض. نبحث عن أدوية ونسعى إلى تأمين احتياجاتنا الضرورية كي نعيش من دون أن نصاب بالأمراض". ويشير إلى أن عدداً كبيراً من الأدوية الأساسية غير متوفر في الأسواق. مضيفاً: "بحثت عن علاج للغدة الدرقية، من دون أن أجده.
بحثت عن أنواع أخرى من دون جدوى على الرغم من أهميّة مثل هذا الدواء. وعندما طلبته من صنعاء أخبروني بأن الطريق مغلقة"، لافتاً إلى أن أسعار المواد الغذائية والملابس مرتفعة في ظل عدم توفر الرواتب. ويضيف: "ما يزيد الأوضاع سوءاً هو ارتفاع درجات الحرارة بشكل لا يحتمل".
وفي ظل هذا الوضع الكارثي، بحسب القدسي، اضطر إلى إلغاء الكثير مما كان يفعله في العيد. يضيف: "كنتُ قد اشتريت ملابس العيد للأطفال قبل شهرين تقريباً. ولو تأخرت حتى اليوم لما كنت استطعت شراءها. كما أنني لم أطلب ذبيحة كما كل عام، ولن أذهب في إجازة العيد إلى أي مكان باستثناء سوق القات".
إلى ذلك، تصف أم رناد هذا العيد بأنه "الأكثر عدلاً"، إذ سيجبر الفقير والغني على البقاء في المنزل. وتقول: "خلال السنوات الماضية، عائلات كثيرة بقيت في المنازل ولم تخرج خلال أيام العيد لأنها لم تستطع توفير الاحتياجات من ملابس وغير ذلك". أما اليوم، سيبقى الكثير من الأغنياء في المنازل خوفاً من كورونا. وتشير أم رناد إلى أنها لم تنفّذ الكثير من الأعمال التي يتوجب عليها تنفيذها استقبالاً للعيد، وتضيف: "نعلم أنه لن يأتينا زوار خوفاً من المرض. لهذا لم نصنع الكعك إلا بكميات قليلة جداً، ولم نشتر حتى حلويات ومكسرات العيد".
من جهته، يؤكّد محمد البعداني، الذي يملك صالون حلاقة في صنعاء، أن انتشار كورونا تسبب في تقليل أعداد الزبائن. ويقول: "عادة ما لا أنام بسبب كثرة الزبائن الذين يأتون إلي قبل العيد، لكن الحال تبدل بسبب كورونا، فمعظم زبائني قرروا الحلاقة في المنزل، لأنهم لن يخرجوا أيام العيد". يضيف أن معظم الزبائن يعتقدون أن الفيروس قد ينتقل إليهم عبر أدوات الحلاقة، ولهذا تراجعت أعدادهم بشكل كبير أخيراً "حتى أنني عجزت عن تسديد بدل إيجار المحل".
ولا يتقاضى أكثر من مليون موظف حكومي في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) رواتبهم منذ توقفها في سبتمبر/ أيلول عام 2016. ويعتمد سكان اليمن على المساعدات الإغاثية التي تقدمها المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني منذ بدء الحرب في مارس/ آذار عام 2015، بحسب الأمم المتحدة. وتشير الأخيرة إلى أن اليمن يمر بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، ويحتاج 80 في المائة من سكانه (24 مليون شخص)، إلى المساعدات الإغاثية العاجلة.