أوباما يمتنع عن توجيه ضربات جوية ضد "داعش"

19 يونيو 2014
واشنطن تطمح لـ"عراق ما بعد المالكي" (نغان مانديل/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

تضاربت التقارير الإعلامية في الولايات المتحدة، حول حيثيات الاجتماع المرتقب، مساء الأربعاء، بين الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وممثلين عن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، مع أربعة من قادة الكونغرس الأميركي، للتباحث في شأن احتمال توجيه ضربات جوية ضد "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) داخل الأراضي العراقية. ولعلّ التناقض الذي طغى على التقارير الإعلامية الأميركية، عكس الالتباس لدى أوباما، في إدارته لملفات بلاده الخارجية.

فقد أفاد تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، أن "الرئيس أوباما، قرر تأجيل قيام الجيش الأميركي بضربات جوية ضد قوات داعش". وبحسب الصحيفة فإن "خطة أوباما، التي يتوقع أن يعرضها على ممثلي الكونغرس في لقائه المرتقب، ستركز على مساندة الجيش العراق بمعلومات استخباراتية، والعمل على توحيد الفرقاء، والبحث عن دعم لحل الأزمة العراقية من دول حليفة للولايات المتحدة في المنطقة".

ووفقاً للصحيفة، فإن "واشنطن ستمتنع في الوقت الحالي، عن توجيه ضربات جوية لمواقع داعش، لأسباب عدة، من بينها نقص في المعلومات الاستخباراتية حول الوضع في العراق على الأرض".

ويتعارض تقرير "وول ستريت جورنال"، مع تقارير أخرى نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز"، مفادها أن "الإدارة الأميركية تنوي توجيه ضربات جوية محدودة، لقوات داعش في العراق، على غرار طلعات طائرات بدون طيار في اليمن".

وأشارت الصحيفة، إلى أن "واشنطن لا ترى جدوى في الوقت الحالي من ضربات جوية واسعة النطاق"، لكنها أكدت في الوقت ذاته أن "أي ضربات جوية للعراق وإن كانت محدودة لن تتم بشكل فوري".

لكن تصريحات لمسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الدفاع الأميركية، ترجح كفة تقارير صحيفة "وول ستريت"، بامتناع الإدارة الأميركية في الوقت الحالي عن توجيه أي ضربات عسكرية للمناطق التي تسيطر عليها "داعش" في العراق.

فقد أوضح رئيس أركان الجيوش الأميركية، مارتن ديمبسي، في جلسة استماع في الكونغرس حول العراق، أن "الأوضاع على الأرض تتغير بوتيرة سريعة فلا تتطابق مع ما لدينا من معلومات عبر الأقمار الصناعية التي تدعم تحركات الطيران الجوية".

واستشهد دمبسي بمثال لتطور على الأرض، إذ قال إن "قوات داعش استولت على قاعدة للجيش العراقي وبعد ذلك بأقل من 36 ساعة استولت قوات البشمركة الكردية على نفس القاعدة، مما يعني أن تحركات جوية محتملة تصبح معقدة جداً وتحتاج معلومات استخباراتية على الأرض دقيقة للغاية من أجل دعمها، وهذه التغيرات تجعل تنفيذ ضربات عسكرية جوية أمراً معقداً جداً".

ولا يرغب أوباما، بحرق كل أوراقه، ففي الوقت الذي يبدو أنه يستبعد تدخلاً عسكرياً فورياً، يقوم بالتلويح بورقة الضربات الجوية "عند الضرورة". وما بدا بالأمس القريب شبه مؤكد حول إمكانية قيام سلاح الجو الأميركي بضربات دون طيار في العراق، على غرار اليمن وأفغانستان، يبدو اليوم "غير مجدٍ" بحسب الإدارة الأميركية.

ومن المتوقع أن يعلن أوباما في هذا الصدد عن حزمة من الإجراءات التي تنوي إدارته اتخاذها على أمد طويل المدى، بالإضافة إلى شروط أخرى، كان الرئيس الأميركي قد أعلن عنها سابقاً، بغية دعم حكومة المالكي.

ومن بين الخطوات التي ترى الإدارة الأميركية أنها ضرورية لتغيير الوضع على الأرض، تشكيل حكومة وفاق وطني أو "عراق ما بعد نوري المالكي".

فقد وجه أكثر من مسؤول أميركي في الحكومة ووزارة الدفاع، من بينهم وزير الدفاع، تشاك هاغل، انتقادات حادة لإدارة المالكي للأزمة وللعراق عامة، وحمل هاغل، المالكي المسؤولية عن تدهور الأوضاع في العراق.

وأفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" أنه "حتى صقور الحزب الجمهوري الذين عارضوا بشدة سياسة الرئيس أوباما، وانسحابه من العراق، يتحدثون بإحباط عن سياسة المالكي، وعلى رأسهم المتحدث باسم مجلس النواب، جون بوينر، الذي طالب باستراتيجية متماسكة فيما يتعلق بالخطوات المتوقع اتخاذها في العراق".

ووسط هذه الأجواء، من المتوقع قيام طائرات جوية أميركية بدون طيار، بطلعات فوق العراق من أجل جمع المعلومات الاستخباراتية ودعم الجيش العراقي.

ويرى خبراء عسكريون أميركيون أن "قوات الجيش العراقي في الأيام الأخيرة وخاصة تلك الموجودة في بغداد أثبتت نجاعة في أدائها، مقارنة بتلك التي كانت موجودة في الموصل، مما يشجع على العمل على سيناريو دعم القوات العراقية بدل التدخل المباشر للجيش الأميركي في العراق".

ويرجح الخبراء أن "ضربات جوية على مراكز داعش قد تؤدي إلى انسحاب هؤلاء وعودتهم إلى سورية، مما يعني نقل المشكلة من دولة إلى دولة أخرى ليس أكثر".

كما من المحتمل أن تؤدي أي ضربات عسكرية أميركية، إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين بسبب طريقة تمركز داعش في المناطق التي تسيطر عليها، مما يهدد بهبوط شعبية أوباما، فيما يخص سياسته الخارجية، والتي تقبع في واحدة من أدنى مستوياتها.

فقد أشار استطلاع للرأي أجرته كل من صحيفة "وول ستريت جورنال" وتلفزيون "إن بي سي" الأميركيين، أن شعبية الرئيس أوباما في هبوط مستمر، إذ إن 41 في المئة فقط من الذين شملهم استطلاع الرأي راضون عن أدائه عامة، و37 في المئة فقط راضون عن أدائه في السياسة الخارجية.

المساهمون