أهل غزّة يفترشون بحرها في ليالي رمضان

01 يونيو 2018
تخفف اللقاءات من التفكير في أعباء الحصار (عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -
كسراً للروتين اليومي، وتغلباً على الأجواء الحارة، تتجمع عائلة أشرف أبو الرب، حول طاولة خشبية، وضعت على إحدى زوايا "كورنيش" بحر غزة في جلسة سمر عائلية، اعتادوا جلوسها في ليالي رمضان، حتى ساعات متأخرة من الليل.

وتحاول العائلة، وحولها عدد من العائلات والأسر التي انتشرت على طول الشريط الساحلي، التغلب على الأوضاع السيئة التي يمر بها قطاع غزة المُحاصر، من خلال خلق لحظات فرح، وسط أجواء عائلية، يرافقها هواء البحر، والذي يعتبر المتنفس الوحيد لأهالي القطاع.

وتتجه كثير من عائلات القطاع مساءً نحو الشريط الساحلي مع بدء شهر الصوم، إذ يفطر بعضهم على الكورنيش، بينما يتجه بعض الآخر إليه بعد الانتهاء من تناول وجبة الفطور، أو بعد الانتهاء من صلاة التراويح، لتبدأ السهرات العائلية، وتناول الحلويات والمسليات حتى ساعات السحور.

وتزيد أزمة الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، والتي تعصف بقطاع غزة منذ ما يزيد عن 12 عاماً، والتي ترافقها درجات الحرارة المرتفعة من توجه المواطنين نحو البحر، خاصة في ساعات المساء، وارتفاع نسبة الرطوبة، إذ يتحول البحر إلى ملجأ ومهرب.



ويقول أبوالرب (45 عاماً)، وهو من منطقة النصر وسط مدينة غزة لـ "العربي الجديد" إنه اصطحب عائلته فور الانتهاء من تناول الفطور إلى بحر الشيخ عجلين جنوبي مدينة غزة، مضيفاً: "هذه هي المرة الثانية التي نتوجه فيها للبحر منذ بداية شهر رمضان، إذ يعتبر متنفسنا الأول والأساسي".

ويتابع: "على الرغم من تشغيل الطاقة البديلة لحظة انقطاع الكهرباء، إلا أنها لا تكفي، ولا تسد الاحتياجات، خاصة مع اشتداد درجات الحرارة، ما يدفعنا إلى التوجه للبحر"، مضيفاً: "الأجواء على الكورنيش في ساعات المساء ساحرة، وتنسينا تعب اليوم، كذلك تخرجنا قليلاً من التفكير في الأعباء اليومية التي نحياها في القطاع المُحاصر".

وتقول ابنته الصغيرة نغم (11 عاماً) إنها تنتظر بفارغ الصبر الخروج مع أسرتها إلى البحر، خاصة في رمضان، إذ تزيد ساعات السهر حتى أوقات متأخرة من الليل، بينما يقول شقيقها عمرو (13 عاماً) أنه يحب الخروج مع أهله، "لكنني أحب كذلك البقاء في منطقتنا، للعب مع أصدقائي".

وتشابه حالة أشرف مئات العائلات الأخرى، المنتشرة على الكورنيش، المُزين بالأضواء المُلونة، ويساعِد في ذلك انتشار نسبة كبيرة من "مؤجري" الكراسي البلاستيكية، إذ يوفر كل صاحب عربة مشروبات ساخنة عدد من الكراسي، يقوم بفرشها حول عربته، مقابل أجر، إلى جانب بيع المشروبات.

وتتجه بعض العائلات ذات الأوضاع الاقتصادية السيئة للجلوس على رمل البحر، وأخرى على الكراسي الخرسانية المجانية المنتشرة على طول الشريط، بينما تصطحب بعض العائلات الكراسي والطاولات، تجهيزاً لتناول السحور، بعد قضاء ليلة طويلة من السهر والسمر.

وتنتشر كذلك عربات بيع الذرة المشوية والمسلوقة، وعربات بيع المكسرات والمُسليات والحلويات بمختلف أصنافها، إلى جانب تجول بعض الأشخاص في جِمال، لركوب الأطفال، والتقاط الصور، إلى جانب انتشار مؤجري العربات الصغيرة، المزينة بالإضاءة الملونة، والتي تصدح بالأغاني والأناشيد.

وتجلس عائلة أبوفادي أبوريا في منطقة "المُدرجات"، وهي مدرجات تطل على البحر، ويزيد إقبال الناس عليها في ليالي رمضان، وقد فرشت طاولتهم بأطباق الفواكه، المُسليات، الحلويات، زجاجات العصير والماء، وقد بدت علامات الفرحة واضحة على ملامحهم.
دلالات
المساهمون