نقلت وسائل الإعلام التركية عن مصادر في رئاسة الجمهورية القبرصية التركية أن الرئيس القبرصي التركي، مصطفى أكنجي، لن يشارك في الاجتماعات الدورية التي تعقد مع القيادة القبرصية اليونانية، يوم غد الخميس، وذلك في إطار المفاوضات الجارية بين الطرفين منذ 21 شهراً لإعادة توحيد الجزيرة.
جاء ذلك رداً من القيادة القبرصية التركية على رفض القبارصة اليونانيين التراجع عن قرارهم بالاحتفال في المدارس بعيد الأينوسيس، أي الاتحاد باليونانية، وهو المصطلح الذي استخدمه اليونانيون القوميون داخل وخارج اليونان منذ القرن التاسع عشر، في إطار دعوتهم لتوحيد جميع المناطق التي يقطنها اليونانيون مع الوطن الأم، أي الجمهورية اليونانية.
وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، قد دان تمرير البرلمان القبرصي اليوناني قراراً يقضي بالاحتفال بعيد الأينوسيس، وذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مع الرئيس القبرصي التركي في الجزء الخاضع للسيطرة التركية من العاصمة القبرصية نيقوسيا، يوم الإثنين الماضي.
وقال جاووش أوغلو: "مع قرار الإينوسيس فإن القبارصة اليونانين قاموا بإظهار نواياهم الحقيقية، وأظهروا أن هذه الأحلام القديمة لم تنم بعد"، في إشارة إلى الحلم القبرصي اليوناني بتوحيد الجزيرة مع اليونان، الأمر الذي ترفضه كل من أنقرة والقبارصة الأتراك.
وتابع جاووش أوغلو: "للأسف فإن الخطوة التي تم اتخاذها هي خطوة خطرة للغاية، وبالنظر إلى توقيتها فهي تحمل معاني كبيرة، ومع محاولة القائد اليوناني القبرصي بالتخفيف من تأثير القرار وتقييمه البسيط لهذا المصطلح التاريخي، فإنه أيقظ شكوكاً جدية حول التزام القسم اليوناني بالتوصل إلى حل شامل (يعيد توحيد شطري الجزيرة)".
وشدّد جاووش أوغلو على أن "القرار يثبت مدى أحقية المخاوف التركية والقبرصية التركية في ما يخص الموضوع الأمني"، في إشارة إلى تزامن القرار مع إصرار القيادة القبرصية اليونانية، خلال المفاوضات، على إنهاء نظام الضامنين المكون من كل من اليونان وتركيا والمملكة المتحدة الذي تم إقراره خلال استقلال الجزيرة، وكذلك انسحاب كامل القوات التركية من الجزيرة، الأمر الذي يرفضه القبارصة الأتراك.
من جانبه شدّد الرئيس القبرصي التركي على أن الرئيس القبرصي اليوناني، نيكوس أناستاسياديس، أكد له أن القرار خاطئ، داعيا الأخير للعمل على إلغائه، بينما تجنب خلال المؤتمر الصحافي نفي أو تأكيد استمرار الوفد القبرصي التركي في المفاوضات.
ومنذ انتخاب مصطفى أكنجي لرئاسة الجمهورية القبرصية التركية، عاد الطرفان إلى المفاوضات، في محاولة إعادة توحيد الجزيرة، إذ إن القائدين دأبا على الاجتماع مرة أو مرتين أسبوعياً.
وشهدت المفاوضات بين الجانبين، في منتصف الشهر الحالي، أزمة حادة، إذ ترك الرئيس القبرصي اليوناني قاعة المفاوضات غاضباً، بعد الأزمة التي أدى إليها قرار البرلمان القبرصي بالاحتفال بعيد الإينوسيس.
من جانبه أكد المبعوث الأممي الخاص للقضية القبرصية، إيسبن بارث إيدا، على أحقية المخاوف والقلق التي أثارها القرار القبرصي اليوناني بالاحتفال بعيد الأينوسيس، مشدداً على ضرورة العمل عى إزالة المخاوف القبرصية التركية.
وأدت الأحلام القبرصية اليونانية، والتي بدأت منذ استقلال الجزيرة عن الاحتلال البريطاني عام 1950، بالتوحد مع اليونان، إلى أزمات متوالية مع المجتمع القبرصي التركي الرافض الأمر، إذ شهدت الستينيات اعتداءات من قبل اليونانين على الأتراك في الجزيرة، ليبلغ الأمر ذروته بالانقلاب العسكري الذي شهدته الجزيرة في السبعينيات بدفع من القيادة الانقلابية في اليونان، إذ هاجم اليونانيون الأتراك، ما أثار كوابيس الترحيل والمجازر التي تعرضت لها المجتمعات التركية في مختلف الجزر اليونانية بعد الحرب العالمية الأولى وانهيار الإمبراطورية العثمانية، ولم تتوقف الهجمات المتبادلة بين الطرفين إلا بالتدخل العسكري التركي في الجزيرة عام 1974، والذي أدى إلى سيطرة القبارصة الأتراك على نحو 34 بالمائة من مساحة الجزيرة في القسم الشمالي، ليشهد عام 1983 إعلان جمهورية شمال قبرص التركية التي لم يعترف بها سوى الجمهورية التركية.